اعتاد العراقيون على ظلم الحكومات وقراراتها المجحفة بتواليها منذ أول حكومة عراقية مشكلة والى الان, التعاقب غير الطبيعي الذي عاشته الدولة العراقية جعل الحكومات المنتصرة حكومات تصحيح وتعويض لما لحق من ضر فيما سبق, بدءا من الحكومة الملكية وانتهاء بحكومة الشراكة الوطنية.
عندما يتعلق الضرر بشخص فأنه سوف لن يترك حقه ويبقى يطالب ويطالب الى أن يأخذه, اما حين يتعلق الامر بمدينة كاملة فالأمر ليس كذلك. مدينة قلعة سكر التي تبعد عن الناصرية مركز قضاء مدينة ذي قار حوالي (110 كم) تأسست سنة (1968) وقت كانت قضاء تابعا للواء المنتفق (الناصرية) أبان الحكم العثماني والاحتلال الانكَليزي والدولة الملكية, وكانت ضمن التقسيم الاداري كقضاء يتبع له نواحي الكرادي (الرفاعي حاليا) وسويج شجر (الفجر حاليا) فضلا عن القرى المحيطة بها بمحاذاة شريان حياتها (نهر الغراف) الذي يقطعها لصوبين.
هذه المدينة التي يذكرها مؤرخون ومستشرقون كمدينة كبيرة دخلتها معالم التمدن واختلاط نسيجها الاجتماعي بتركيبة الاديان والطوائف والعشائر المتنوعة, سلبت منها صفة القضاء بداعي قضية عشائرية بمقتل أحد شيوخ عشائر احدى المدن المجاورة عام 1918 وعلى إثرها تم تحويل المدينة من ناحية الى قضاء بسبب مطالبة أهل القتيل وعزتهم التي أبت أن يراجعوا ويتبعوا إداريا مدينة قتل فيها شيخهم غدرا (بحسب القصة المذكورة في كتاب تاريخ مدينة الرفاعي/عدنان عبد غركَان/ص25), فقام أحد أولاد الشيخ والذي هو عضو في البرلمان العراقي آنذاك بالطلب من الجهات الادارية بتحويل المدينة من قضاء الى ناحية والعكس مع الكرادي الذي تحول الى قضاء الرفاعي كما هو اليوم. لتصبح بذلك قلعة سكر أكبر ناحية في العراق رغم ان البريد والبرق وصلها قبل مدينة الكويت التي كانت تابعة للعراق آنذاك!!
ومنذ ذلك التاريخ وقلعة سكر مجرد ناحية لسبب لم يقترفه أهلها الذين لا ذنب لهم بما حدث, فنالوا جزاء ذلك ظلما بقلة التخصيصات المالية وانشاء المرافق العامة الحيوية والوظائف مقارنة بباقي الاقضية المجاورة, ورغم ان المدينة تكبر يوما بعد آخر وبشكل كبير.
اليوم وبعد ان رفعت عمليتنا السياسة شعارها بإنصاف كل مظلوم وإعادة الحق لأهله نتمنى ان يمرر قانون تحويل المدينة من ناحية الى قضاء بعد ان تم التصويت عليه من قبل مجلس محافظة ذي قار وبالإجماع.
الكرة الان في ملعب مجلس الوزراء الذي يملك حق الانصاف لهذه المدينة التي كانت ولا زالت ثروة وطنية تغني العراق خيرا من أرضها ومبدعيها. في حين سيبقى أهل القلعة أصحاب الرمان الراوي رافعين شعار (ما ضاع حق وراءه مطالب) أما عدم إقرار ذلك ظلم آخر للمدينة, لذلك لا تظلموها مرتين.