لا تحتاج الموازنة العراقية الى تفكيرعميق ، وجهد كبير من المتخصصين في المالية والاقتصاد لتقويمها ، ومعرفة مدى تأثيرها في البلاد من عدمه ، من حيث الاهداف الاقتصادية والتنموية حصرا ، وهل تساهم في زيادة الناتج المحلي لتوفير حاجات البلاد ، وكم نسبته الى المستورد ، وإنخفاض نسبة الفقر ، أو في زيادة فرص العمل ، وتخفيف نسبة البطالة ، أو في تحسن واقع المواطن المعيشي والاجتماعي ، والتربوي والصحي وفي الخدمات الاساسية ومنها البلدية ، ووضع البلاد بصورة عامة …؟
إن إرتباط الموازنة بالنفط ، يجعل الزيادة والنقص في الموازنات مرتبطا به ، وليس بنمو وتوسع القطاعات الانتاجية الاخرى كالصناعة والزراعة والسياحة وغيرها من المرافق الانتاجية ، وسيظل الاقتصاد يراوح مكانه ، إن لم يكن في تراجع ، وعرضة للتقلبات والمفاجآت التي تتعلق بتذبذب صادرات النفط ، وأسعاره في السوق العالمية ، ومستوى الانتاج النفطي للبلاد ..
لقد أصبح بإمكان أي مواطن غير متخصص أن يعرف بسهولة مستوى الموازنة من الناحية الاقتصادية ، وهل لها دورمؤثر على حياته ، أم لا ، لأنه المتأثر المباشر بها ، خاصة عندما تزداد تقشفا يزيد من معاناته ، أويتحمل ما لم تستطع موارد النفط سده ، أو تتمكن الدولة من توفيره عن طريق القروض .
لقد جردت أسعار النفط المنخفضة هذه الموازنة – كما هي الموازنات السابقة – من الجانب التنموي والاستثماري في الميادين الانتاجية المعروفة لتكون له حصته الواضحة في هذه الموازنة الى جانب النفط …
وستستمر الموازنات تقليدية ، وروتينية ، ولا جديد فيها ، طالما استمرت في الاعتماد على مورد النفط ، وهو اُس المشكلة والبلاء ، و ستبقى أبوابها ثابتة ومعروفة ، حيث يأخذ التشغيل فيها القسم الاكبر …
وبالتأكيد سيكون لهذا الوضع انعكاس سلبي على التطورالعام ، وستظهر نتائجه السلبية التراكمية بالتتابع ، إن لم يتم الانتباه اليه وتداركه مستقبلا…
ومن خلال قراءة مفردات الموازنة المالية والحراك السياسي بشأنها يمكن وصف موازنة هذا العام ( بموازنة الامر الواقع اسوة بالاعوام الماضية من ناحيتين :
{ الأولى : الوضع السياسي وبروز خلافات كبيرة بين الكتل السياسية رافقت إقرارها ، وهي مسألة طبيعية و ( أمر واقع)، إعتادت عليه البلاد في العملية السياسية ..
ولكن في النهاية .. هل تحقق الخلافات نتائج جوهرية ..؟.. وهل تتمكن من تغيير خطة الحكومة الموضوعة في الموازنة ، ما دامت هي (صاحبة الشأن ) وتملك حق الاعتراض والنقض ، وهي ( الاعرف بامكاناتها وظروفها )، وبالتالي فان الخلافات ( غير ذات جدوى )، وقد لا تتعدى ( الجانب الدعائي السياسي ، ومحاولة كسب الجماهير ) ، على حد قول أحد النواب ، خاصة ، وان الاستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة قد بدأت هذه المرة مبكرة ..
{ الثانية : الوضع الاقتصادي واستمراره في التراجع ، وهو أمر واقع أيضا ، بسبب عدم تغير( فلسفة الدولة ) في الاعتماد في الموازنة على النفط ، واستمرار العجز ، وسد النقص عن طريق القروض ، وفرض أعباء إخرى على المواطن ، بزيادة نسبة الاستقطاع من رواتب الموظفين والمتقاعدين ، وهي بالاساس من عائد النفط ، وليس لها قيمة اقتصادية ، اضافة الى زيادة الرسوم والضرائب في مجالات معينة تثقل كاهل المواطن دون ان يكون لها دور مؤثر في الاعمار والبناء والانتاج ..
إن أهمية الموازنة في أي بلاد تظهر من خلال دورها الملموس في تطور الزراعة والصناعة والتعليم والخدمات المتنوعة ، وتأثيرها في سد جزء مهم من حاجة السوق المحلية لكي تكون لها مساهمة في استقرار سعر العملة المحلية ، وتوفير العملة الصعبة من مجالات التصدير المتنوعة …
فاين نحن اليوم من ذلك …؟
وهل حققت الموازنة العراقية هذا الهدف …؟
وهل يمكن للحكومة أن تحقق الطموح ، أو ما تعد به من برامج ..؟..
ذلك هو السؤال ، وجوابه يوضح دور الموازنة ، وما اذا كانت.. موازنة طموح أم موازنة أمر واقع .. ؟
{{{{{
كلام مفيد :
عندما تكون على حق تستطيع أن تتحكم في اعصابك ، أما إذا كنت مخطئا فلن تجد غير الكلام الجارح لتفرض رأيك .. (مهاتما غاندي )
مقالات اخرى للكاتب