يدعي البعض بتأثير من الأعلام المضاد ،أن الأسلام ليس دين سلام وبعيد عن واقع العصر وتلصق اليوم به تهم الأرهاب .
غير ان أي باحث منصف يتناول ما نزل على محمد (ص) من نور شع من صحراء نجد وانتشر عبر اثير الكون فشمل أصقاع الأرض بضياءه وسناه،يجد أن الدين الإسلامي هو دين السلام والهداية والرحمة الذي خاطب الناس جميعـا" ، أينما كانوا ، قبل ألف وأربعمائة سنة :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ .{ الحجرات 13 } .
وأن الأسلام دعا الى الأيمان بالله و بكل الأنبياء والرسل ،و الى فضائل الأعمال ومكارم .
النصيحة والقاء الحجة :
ونحن نتناول جانب مهم يخص الدولة العظمى المتسيدة العالم هذا اليوم ،نعتقد
أننا أقدر شعوب الأرض على إسداء النصح وإلقاء الحجة ، لأسباب وجوانب متعددة ، ولكننا نختصر لنبين أن منطقتنا العربية والإسلامية لاتزال هي المنطقة الحيوية في العالم ،ليس لأنها تمتلك احتياطيات الطاقة في العالم والموقع الأستراتيجي فحسب ، بل لما تمتلكه من مميزات حيوية محركة أخرى منها تشعب الأسلام ليشمل تخوم الأرض وحضارة ممتدة في جذور التاريخ،وان أميركا سائرة إلى منزلق خطير سيطيح بقوتها وهيبتها الدولية الحالية ،وذلك بسبب ابتعادها عن المصالح الأميركية ، والانسياق للنصح الصهيوني ،الذي يتصرف من وراء الستار قاصدا" تحقيق أهداف الصهيونية في السيطرة على العالم يقول كيسنجر (أن أكبر نجاح حققته إسرائيل ، هو ربط المصالح الإستراتيجية الأميركية بالمصالح الإستراتيجية الإسرائيلية ) .
العصابات التكفيرية بدلا عن المواجهة :
ولو عدنا من البدء سنجد ان ما يجري اليوم تشترك فيه أ طراف عديدة ولكن الفاعلون الكبار هم انفسهم في كل المواقع مهما تباعدت المسافات ،وانهم عملوا بدأب على تشويه صورة الأسلام والحاق صور القتل والأرهاب والعودة بالمجتمع الى عصور قديمة من التحجر والتخلف والأنغلاق لا صلة للدين الحنيف بها ،وقد وجدوا بعد تجربة ان المواجهة المباشرة لن تجدي نفعا ً حتى وهم يملكون القوة والتكنلوجيا اليوم ،ولكن من الأفضل دعم وتشجيع فئات ظلامية تدعي الأسلام ،لابل بدأ صاحبوا المآرب زق الشعور فيها بأنها وحدها تمثل الأسلام وان غيرها كفرة مخطئين وايصالها الى مواقع قيادية اينما وجدت على امتداد البلاد الأسلامية ،وهي لن تشكل أي خطر على مصالحهم كونها ستعيش تخبطا ً داخليا ً وصراعا ً بعيد عن العصر ،يخرج للناس وكأنه واقع دين الأسلام وان الأسلام دموي ومتخلف ، وقد تمكنوا من بث هذه الأفكار التي تمثل صلب أهدافهم بلباس ديني ،من خلال ضخ الأموال الضخمة سواء من خلال المفكرين او وسائل الأعلام وبالتالي تصبح ذات مصداقية لدى العامة .
كيف يفكرون ؟
يحذر المفكر الأمريكي هنتنغتون الغرب من الخطر الأسلامي حيث يقول ( الأسلام هو الحضارة الوحيدة التي جعلت بقاء الغرب موضع شك ، وقد فعل ذلك مرتين على الأقل ) ، في الفتوحات الأسلامية ثم في توسع الدولة العثمانية، وهي كلها صور للصراع بين الأسلام والمسيحية ،ويدعي أ ن كلا العقيدتين المسيحية والأسلامية تدعي أنها العقيدة الصحيحة الوحيدة التي يجب أن يتبعها الجميع ،ويتناسى حقائق مهمة من أهمها ان المسيحية لم تفصل بين الدين والسياسة ألاّ بعد أراقة الغزير من الدماء في قلب أوربا والحقيقة الأخرى المهمة ان الدين الأسلامي يعترف بالديانتين اليهودية والمسيحية كديانات سماوية حملها انبياء مرسلون مذكورون بالتقديس والتبجيل في القران الكريم .
أن نبي امريكا ( كما اطلق عليه بوش ) قد كيّف الحقائق التاريخية من أجل أيجاد حرب جديدة تشنها امريكا ضد المسلمين وهي ما عرفت بالحرب ضد الأرهاب ، وقد يكون المستفيدون الوحيدون منها هم اليهود وكيانهم الدخيل في فلسطين ، ومما يدعم رأينا هذا هوالأنسحاب الأمريكي من العراق الذي لم يكن مشرفا" باي حال من الأحوال وهو دليل على الأنتباه او الأحساس بالمبلغ الذي بلغته شطحات العنجهية والشعور بالقوة التي زقها اليهود في الشخصية الأمريكية صاحبة القرار ، ليعطوها نشوة شبيهه بنشوة المدمن الكاذبة ،والتي ما يلبث ان يعود الى رشدة بعد انتهاء المخدر .
لقد أنتبه الأمريكان على خسائر فادحة في الأرواح والمعدات وهي مستمرة بدون انقطاع ،كما لاحظوا ان أسلحتهم ذات مفعول مزدوج فهي كما تعمل مع العراقي فهي تؤثر في الأمريكي أيضا" ، ويشهد على ذلك الأعراض الغريبة التي تظهر على الجنود الأمريكيين الذين لم يصابوا اصابات مباشرة ، وحسب الدراسات التي جرت في الغرب فانهم سيولدون نسلا" مشوها" بنسبة ثلاثة اضعاف عن الأخرين بسبب تعرضهم لأشعاع اليورانيوم المنضب .
ان أكبر ما يثير الغرب مستقبلا"هي التحالفات الدولية التي قد تنشأ مثل التحالف ( الصيني - الأسلامي ) ويضيف في تطرف واضح وبعيد عن الواقع ( الصراعات التي كان المسلمون طرفا" فيها كانت دائما" كثيرة الضحايا ، كما يقول ( أن ثلاثة أرباع عدد الصراعات بين الحضارات كان بين المسلمين وغير المسلمين ... حدود الأسلام دموية وكذلك أحشاءه ) ، ويتناسى ، في تعمد مكشوف ، أن للغرب والصهاينة الفضل الكبير في هندسة النزاعات في أحشاء الأسلام ،مثل مآسي فلسطين ،وحرب العراق – أيران ،وحرب الكويت –العراق ،والحرب الداخلية في السودان و التي أدت الى تجزئته بالنهاية الى دويلتين أحداهما صهيونية ومايجري اليوم في سوريا وغدا ً الله اعلم أين ، على كل حال يدعم هنتنغتون أرائه بمجموعة من الأستطلاعات التي أجريت في التسعينات والتي تشير الى أن أغلب الأمريكين يعتقدون أن الدول التي تمثل التهديد الأكبر لأمريكا هي أيران والصين والعراق ، أما الفرنسيون فيعتقدون ان التهديد متاتي من دول كلها اسلامية مثل العراق ،أيران ، ليبيا ، ونعتقد أنها أستطلاعات غير دقيقة ومبنية على التهويل الذي تمارسه الدعاية الصهيونية في امريكا واوربا ضد الدول الأسلامية والتي تشعر هي كصهيونية بانها تشكل خطرا" على دويلتها في فلسطين ،وهذا من أشد ما يدعم رأينا من أن الدسائس الصهيونية وأفكارهم المشبوهة تؤثر بقوة في الرأي العام الغربي والأمريكي .
ويبدو أن هنتنغتون أما يجانب الصواب أو أنه لم يسمع بالحروب الكارثية التي
جرت في أمريكا وأوربا في التاريخ القريب ، كحرب المئة عام والحرب الأهلية الأمريكية ،ولا بالثورة الفرنسية التي حصدت ثلاثة ملايين من أبناءها ،ولا بحروب نابليون ، ولا بالحربين العالميتين الأولى والثانية والتي راح ضحيتها أكثر من خمسين مليون قتيل ، وقد يكون لم يسمع بأستخدام أمريكا لسلاح التدمير الشامل (السلاح الذري ) ضد اليابان ولا بالحرب الأمريكية في فيتنام والتي حصدت ثلاثة ملايين فيتنامي وخمسين ألف امريكي ولا بالحرب التي لاتزال مستمرة على شعب فلسطين وكذلك الشعب اللبناني وكأنه لم يسمع بحروب الخليج على شعب العراق والتي تبعها تغييرات في كثير من دول العرب وهدم بناها التحتية واحداث الخراب فيها .
هل صحيح ان الأسلام عدو لأمريكا :
هل قامت الدول الأسلامية يوما"بفرض حظر على أستيراد البضائع الأمريكية مثلا" أو حظر تصدير النفط ،أنها على الأعم الأغلب ( مأكولة مذمومة ) ،حيث تستغل ثرواتها وأراضيها وتغتصب مقدساتها وفوق كل هذا توصم بانها العدو الذي يجب أن تكال له الضربات .
فكل العالم لايزال يتذكر أكاذيب الصهيونية عن اسلحة التدمير الشامل العراقية وعن المدفع العملاق والصواريخ التي ستصل الأراضي الأمريكية وأوربا وغير ذلك من التهويل الكثير والذي ثبت كذبه وأنه ملفق بالكامل ،ولكن متى كشف كذبهم وتلفيقهم ؟ ، كشف بعد تدمير العراق وجريان الدماء العراقية والأمريكية ،فيما الصهاينة يتفرجون بانتظار حصد النتائج ،واليوم يكررون ذات الأكاذيب مرة أخرى مع أيران ،والغريب أن هناك من يصدقهم في المجتمع الأمريكي والأوربي !
أن الأسلام اليوم في أتساع سواء على مستوى زيادة الأعداد الداخلة في الأسلام أو النمو المتسارع لدوله ، ولكن هذا لايجيز أن تضعه امريكا في مقام العداء اذا كانت تنشد مصلحة الشعب الأمريكي والتدعيم السلمي لأمبراطوريتها بل على العكس من ذلك يتوجب عليها ترصين العلاقات مع الجانب الأسلامي ودعم تقدم دوله وكسب ثقة شعوبه ، وعدم ربط مستقبل أمبراطوريتها ببقاء دولة لقيطة كدويلة الصهاينة في فلسطين .
أن خير الأمثلة على ما نقول ، هو ان خروجها من العراق كان يمكن أن لايكون على الصورة التي خرجت فيها مكللة بالهزيمة والفضائح ، لو انها اثبتت طروحاتها التي دخلت بها العراق ، من انها جاءت لتحرير البلاد من الدكتاتورية ،ولكنها أثبتت العكس،فبدلا" من ان تظهر النوايا الحسنة ،فأنها دمرت البنى التحتية للبلاد وحل جيشه وأذكاء الفتن الطائفية ، وتم سرقت كنوزه وتدميرها تحت سمعها وبصرها .
أن خط الأسلام المتصاعد اليوم هو بسبب سماحة الدين الأسلامي ونبل تعاليمه والتي أن تفتح الذهن الأنساني لها فأنها تتخلل فكره ومشاعره ، وهي كديانة في صعود يزداد عكسيا" مع شدة المقاومة ولن تفلح امريكا ولاالصهيونية ولاغيرهم في طمس معالمه .
{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9
مقالات اخرى للكاتب