من المؤكد والثابت ان جميع برلمانات وحكومات العالم المتحضر على وجه التحديد تشهد خلافات حادة وانقسامات متواصلة في الرأي وجدلا حد الشجار والعراك احيانا وهذا ديدن كل الحركات والاحزاب والكتل السياسية المكونة للهيئات الشرعية والمنضوية تحت قبة البرلمان. لكن الذي يميز تلك الخلافات ويطبع صورتها انها تصب في رافد واحد وتتوخى الطريق الأقصر والنتائج الأفضل بغية التوصل الى القرار الأصوب الذي من شأنه تقديم الحلول المثلى لمشاكل المجتمع وانهاء أزماته والقضاء على معاناته والبحث عما يوفر الرفاه والعيش الرغيد للناس ويغمرهم بالأمن والأمان مع الأخذ بالاعتبار ان تلك القرارات قد لا ترضي الجميع وربما تقاطعت مع رؤى بعض الأطراف وليست بالضرورة استفادة الجميع بنفس النسب. كل تلك الامور تجري تحت قبة البرلمان وتحسم تشريعا لتأخذ طريقها الى التنفيذ عبر قنوات الرئاسات الثلاث.لكن الذي رأيناه وما زلنا نراه على السنوات العشر الداميات ودخول عملية التغيير عامها الحادي عشر ان خلافات بعض سياسيينا الأزلية تكاد تكون خلافات مبيتة احيانا ومقصودة تارة، ومعرقلة تارة اخرى، وخلاف لأجل الخلاف وربما كان للأيديولوجيات المختلفة أثر في تأجيج بعضا منها. وخلافات ناجمة عن عدم تقبل البعض للخارطة السياسية الجديدة.
كان المفروض وكنا نتمنى ان لا تدخل تلك الخلافات في صميم عمل الحكومة وتشريعات البرلمان ومع خطورة استمرار هذه الخلافات وما تجره على العملية السياسية من كوارث وما تثيره من أزمات حادة تزيد الأوضاع المتردية سوءا وارباكا فانها تخرج من دون حلول ومن غير نتائج مصحوبة بالمزيد من التأجيلات والكثير من التعليقات ورفع الجلسات وتمييع القرارات بل الأدهى والأمرّ ان تلك الخلافات كثيرا ما تحولت الى تهديدات مبطنة وعداوات شخصية تشعل فتيلها التصريحات غير المتوازنة المتسرعة من البعض عن غفلة ودون قصد في الكثير من الأحيان فتتلقفها بعض الفضائيات كمادة اعلامية دسمة جاعلة منها بالونات للتشهير والنكاية والشماتة وقلب الحقائق وتشويه الصور وبث المزيد من سموم الفتن والتحريض بهدف توسيع شقة الخلاف وتعميق فوهات الجراح وشحذ سكاكين الاحتراب واطالة زمن الخراب والفوضى والتهجير.
مقالات اخرى للكاتب