في الاعلام الجديد يبدو ان اكذوبة مساحة الرأي في بعض المواقع الاعلامية مثلا قد انتقلت عدواها من الاعلام التقليدي الى الاعلام الاليكتروني دون تأثير يذكر مع بقاء المسلكين من الاعلاميين منزوين وانتقائيين مع ادعاءهم بالديمقراطية وتحول فضاءهم الى فضاء الحجز والاقتصار على حفنة صغيرة من الكتاب والاعلاميين معتمدة على معايير المحسوبية والمنسوبية ومقصية كل من تجرأ على اقتحام الحواجز المقامة والغاءه. ولنا في تاريخ الادب والصحافة الكثير الكثير من الامثلة التي حورب فيها الكثير من المشاهير واقصوا وهمشوا وبعدها في وقت قصير برزوا الى عالم الشهرة رغم انف كل من يعانون من عقدة الدونية وخجل او لم يخجل من وضع العوائق اومن غلب العلاقات الشخصية على معايير الموضوعية. وبعدها تذرعوا هؤلاء الضالعون بعدة حجج واهية وراء اقصاء المشاهير وحجبهم وتبريز من لا يستحق التبريز لتبرأة جرائمهم الاقصائية وتلاشت شخصياتهم الكارتونية وذابوا هم ومن لمعوهم ذوبان تماثيل الشموع لغير الموهوبين من المشاهير.
كما يبدو ان ما يسمى مساحة الرأي في حفنة من المواقع الاليكترونية للأسف الشديد محتلة وبقوة من طرف ديناصورات غير قابلة للتغير وتنظر الى واقع الحال بمناظير القرن العشرين وما قبله. قصر نظر مجموعة من الاعلاميين واقسام الموارد البشرية في مؤسسات القطاعين الخاص والعام موهوبة وبارعة جدا بوضع العوائق والعقبات امام الشباب المتحمس للعمل وهذه العقبات متمثلة بضرورة اثبات المتقدم للعمل بدليل ملموس يؤكد توفر خبرة لديه تصل احيانا الى ثلاث سنوات او اكثر مما يحبط المتقدم للعمل دون بصيص امل. الا يعلم هؤلاء الذين ينحرون السعادة ان الزمن قد تغير ام يتعامون عن ذلك ؟
اما في الشركات يا سادة يا كرام زماننا هذا هو بلا ادنى شك زمن مهارات وليس زمن معلومات كما كان الحال في الماضي فان اراد المرء اية معلومة يمكنه الاستعانة وبسهولة على غوغول واشباهه . والمهارة عزيزي القارئ تعتمد على ذكاء الفرد وليس على ذاكرته وما سجل فيها من احداث. فربما شاب صغير امهر من رجل ستيني او خمسيني مثلا في ميدان قيادة السيارة. ولكن الرجل الاكبر له خبرة في ميكانيك وكهربة السيارة والطرق وهي مسائل تعلمها بمرور الزمن وحفظها في ذاكرته اذن الفرق واضح: المهارة مسألة ذكاء بدون زمن اما الخبرة فهي مسألة ذاكرة وتتطلب زمنا .
لذلك يضطر ارباب العمل مرغمين احيانا الى وضع الشباب من المتقدمين الى العمل الى وضعهم تحت التجريب الى ان يكتسبوا الخبرة . والخبرة كما يعلم الجميع هي العائق الكبير الذي يضعه ارباب العمل في بلداننا امام اقدام الشباب على العمل وهو جسر مثقوب يمنع الشباب من العبور الى الارتقاء ويقوم هؤلاء الارباب ضيقوا الافق بالاتكاء على المحسوبية والمنسوبية ومن ثم اضاعة الطاقات الهائلة التي يتمتع بها الشباب.
ورجوعا الى الاعلام وخاصة بعض المواقع الاليكترونية التي تدعي الحياد والنزاهة فحدث ولا حرج فيقوم الضالعون بتبريز انصاف المتعلمين وغير المتعلمين من "الهواة" وديناصورات القرن العشرين على حساب اناس لا "واسطة" لهم:
أناس يودون التكرم بعد جهد بإغناء المتلقي العربي بما يملك من اراء او ما يحصد من الاعلام غير العربي من افكار واراء. ندعوا هؤلاء الضالعين الى الانتقاء الموضوعي وليس الواسطوي ان صح التعبير ونقول لهم :ارحموا فقراء الواسطة من الناس والا سيحاسبكم التاريخ يوما ما.
مقالات اخرى للكاتب