قبيل ان تشعل تكريت حربها الكافرة على الجيران عام ثمانين كانت مفردات الحرب جاهزة قبل سبطانات المدافع وسرف الدبابات و صواريخ الطائرات و جزم الجنود . بدءا من الفرس المجوس ، و الخميني الدجال ، والريح الصفراء القادمة من قم وطهران . ثم اضاف لها عملاق الصحافة البعثية الشاعر حميد سعيد وجوقته المأجورة - في تنافس محموم - ما تيسر من المصطلحات المقيتة الاَخرى لاثراء اعلام الحرب التضليلي . فكان ما كان من اذلال لتاريخ الجيش العراقي في ٨٢ عندما حوصر الآلاف من اولاد الخايبة المنتشرين في مدينة المحمرة "خرمشهر" فخرجنا بخمسة وعشرين الف اسير - عدا عن القتلى - في اقل من ليلتين "رقم قياسي عالمي والحمد لله " . واجهزوا بثانية في جزر مجنون النفطية ، ثم عززوها بثالثة عندما اصبح العراقيون وهم بلا فاو "يعني فاوسِزية اجلَّ الله قدركم وقدوركم " ... فبين ليلة وضحاها عبر الفرس المجوس و جنود الخميني الدجال تدفعهم بعنف الريح الصفراء الهابة من قم وطهران ليحطوا جميعا الرحال في اكبر ميناء عراقي على الخليج . ولم يتزحزح الضيوف الثلاثة الثقلاء " المجوس - الجنود - الريح " الا بفضل ثلاثي الاستخبارات الاميركية - الكويتية - العراقية وبعد مرور نحو سنتين وألاف الضحايا وآلاف الاناشيد المنتصرة . وخلال ذلك كانت ماكنة الاعلام البعثي تضخ في عقولنا اطنانا من المصطلحات المبتكرة والمفردات المشحونة في سعي مكشوف للتغطية على ارقام الملفوفين بالاعلام العراقية وهم في طريقهم الى مقبرة وادي السلام في النجف الشريف . دارت الارض دورتها فاصبح مجوس الامس من اتباع ابو لؤلؤة ، حلفاء اليوم "تابع مراسلات العار بين صدام و رفسنجاني" و فجأة صار العمق الكويتي العربي القح مع اميره المفدى وصحيفة السياسة لاحمد الجار الله العدو الاول ، فنزلت دبابات واشنطن الى جسر الجمهوري مركز بغداد فاتحة . وبين التسعين الكويتية والفين وثلاثة الاميركية وهي سنوات التجويع كانت ماكنة الاعلام البعثي تسوق قاموسا لغويا باكمله لتمرير منطقها الفج على ضحايا الحصار من الاحياء الاموات . وكان حصاد هذه الماكنة وزير اعلام صحاف كان يتوعد بتحويل بغداد الى مقبرة للعلوج الجبناء فيما دبابة العم سام من خلفه تغذ السير باستخفاف سمج نحو ساحة الفردوس حتى لم تكلف سبطاتها بان تخرسه برشقة رصاص هدية من عند بوش ... منذ حزيران اللاهب حيث سقوط الموصل المخزي المذل والى يومنا هذا والاعلام يتعامل معنا بنمط بعثي حيث لا نسمع الا عن اسراب من الجرذان الموبوءة التي سربتها قطر والسعودية بدعم تركي الى انفاق العراق لتنقل الى شراييننا واوردتنا عدوى الطاعون لتفرق شعبنا طرائق قددا وكأننا موحدون ميّة ميّة كما يقول الفراعنة . وكانت النتيجة ان جرذانا موبوءة احتلت اكثر من ربع مساحة العراق في الغرب والشمال الغربي في ليلة واحدة ومدت اذرعها للمبايعة . فانهالت سيول التهم والتخوين مصحوبة بمفردات جديدة رفدت الماكنة الاعلامية . لم يتحدث احد عن حجم الكارثة والمساحة الشاسعة التي احتلها الجرذان . لكننا اليوم نسمع بوضوح ان مئات القرى والبلدات يستعيدها العراقيون من قبضة داعش وحلفائها العوج ، لنكتشف عبر هذه التسريبات حجم الانجاز الداعشي على الارض . عجبي كيف يتاح لمجموعة من الحيوانات المختبئة في الانفاق ان تمسك بالارض على مدى تسعة اشهر وعلى يسارها القوات السورية ومن اسفلها القوات العراقية ومن سمائها قوات التحالف وعلى مقربة منها قوات البيشمركة . ارجو الا يجلدني احد بقصة المساعدات الجوية التي يزعم ان طائرات مشبوهة القت بها في افواه مسلحي تنظيم الدولة من الجو بالبرشوتات ، فهي حتى وان صحت فانها لا تشكل مادة لوجستية كافية لدعم الجرذان في مواصلة زخمهم العسكري . من أسف اقول ان تنظيما ارهابيا بقادة مابونين ومقاتلين هم مجموعة من شذاذ الافاق اداروا الحرب الاعلامية باصدق منا واكثر دقة خاصة في جانبها الالكتروني المعزز بعروض يوتيوب مرعبة . ها نحن نقارن بين امكانيات دولة قائمة تتلقى الدعم الشعبي والدولي ، وتنظيم مطارد يأمل ان يتحول الى دولة ، محاصر و مغضوب عليه من العباد ورب العباد . الم يكن من الافضل وضع الحقائق على الطاولة ومصارحة الشعب العراقي بقوة وارقام العدو حتى يطمئن هذا الشعب المحشور بين القهرين بان الانتصارات التي ينجزها جيشه ومتطوعوه اليوم هي انجازات حقيقية بطولية . الم يكن من الاجدر مصارحة الشعب بما يجري حتى نعرف ان من ياتي ملفوفا بالعلم العراقي للنجف الشريف لم يقتله جرذي بمرض الطاعون فهذه والله استهانة بالدم العراقي نقدمها هدية مجانية للعدو . ما الفخر في ان تسحق جرذا اختبأ في اروقة بوتاغاز المنزل وانت مدجج بالسلاح المحلي والاجنبي . اِن غلبته فلا فخر لك فميزان القوى غير متكافىء ، وان غلبك فهو العار الابدي الذي ما بعده عار . الفرس المجوس والعلوج الجبناء والجرذان الموبوءة كلها مفردات ضمن ماكنة حربية واحدة تنتجها وتسوقها عقلية واحدة وان اختلفت العناوين والمسميات والظروف
مقالات اخرى للكاتب