تعتبر الرشوة من اخطر الأمراض التي يمكن أن تصيب أي مجتمع, لأنها يمكن بساطة أن تقلب الباطل حقا, وتسرق حقوق الناس, وتحرف الحق عن مساره. المال سلاح خطير, يمكن أن يكون أداة عظيمة لتحقيق انجازات رائعة للبشرية, أو يستخدم بشكل سيء, فيجعل الباطل حقا, فيشتري الذمم, ويزيف الحقائق, أو يتسبب بإلحاق الأذى بالآخرين وتشويه سمعتهم, بل ..ويصل حد القضاء عليهم. نادرا ما تلتزم المجتمعات السياسية, بالسياقات الصحيحة, أو تلتزم بالقوانين, وحتى التي تسنها بنفسها, إلا في الدول المتقدمة جدا, وتنغمس الكثير من النخب السياسية بأفعال وتصرفات, بعيدة كل البعد عن القانون أو الأعراف المقبولة, سياسية كانت أو اجتماعية. يلعب المال السياسي دورا خطيرا, في ترجيح كفة جهة ما على منافساتها وخصومها, وربما يكون أداة في التسقيط للمنافسين, أو إعلاء شان الحلفاء, أو كسب ود الجمهور, أو حتى تغييب وعي مجتمعات بأكملها. لا يشترط بالمال السياسي أن يكون صريحا نقديا, فربما يكون على شكل عقارات أو قطع أراض, أو منح, أو هدايا, أو درجات وظيفية, أو استخدام منشات حكومية أو عامة لأغراض حزبية أو خاصة.. أو الوعود بكل ما سبق. تؤثر الأخطاء أو التجاوزات على القانون, والتي ترتكب من الجهات السياسية, على سمعة ومصداقية تلك الجهات لدى الجمهور, وتزداد قباحة تلك الأخطاء وتأثيرها أن كانت الجهة التي ترتكبها تدعي السير على نهج إسلامي, أو تقودها شخصيات عظيمة, أو تدعي الانتماء والالتزام بنهج تلك الشخصيات, أو كانت معارضة للحكومة ولا تترك شاردة أو واردة من تصرفاتها إلا وانتقدتها, لكن الخطأ يزداد سوءا وقباحة أن ارتكبته الحكومة!. نشر قبل أيام فديو يظهر قيام مرشح بابتزاز مواطنين بسطاء, للتصويت له مقابل تمليكهم قطع أراض سكنية, وهكذا حالات مخجلة ليست بالغريبة على مجتمعنا السياسي وساستنا بعد عام 2003, بشقيهم المعارض والحكومي, لكن ما يستفز المشاعر حقا أن السيد المرشح هو قاض سابق!. هكذا فضائح تجعل ثقتنا تهتز بشدة, لا بالشخوص فقط, وإنما بالجهات التي تدعم هكذا نماذج, بل وبالنظام ككل!؟. صحيح أن كل شخص مسؤول عن تصرفاته, ولا علاقة للجهة التي تدعمه أو يمثلها بأخطائه..أن لم يثبت عكس ذلك, لكن هذا لا ينفي مسؤوليتها الأخلاقية, وواجبها باتخاذ إجراء تأديبي, أن لم يكن قانوني بحقه. يقال أن غلطة الشاطر بألف, والمنطق يقول أن غلطة المسؤول بمائة ألف..فكم من ملايين الأخطاء حصلت!؟.
مقالات اخرى للكاتب