خلاصة خطة معاوية
استهدف معاوية من انقلابه على الشرعية تحقيق أمرين مهمين يستهدف بهما الرسالة برمتها , لصالح أهدافه التي ضربت من النبي{ص} ومجمل الفكر الإسلامي ..
ولغرض أفراغ المحتوى الديني من رموزه وثوابته عمل على هدفين مهمين .....
الهدف الأول : دمج موقع الإمامة الدينية في موقع الحاكمية .... ليصبح حاكما له سلطة تشريعية كالتي برز بها عمر في خلافته , حين كان ينهى عن كثير من سنن النبي{ص} فيطاع ، فأراد معاوية أن يضمن استمرار الخلافة بها له وذريته من بعده ( ).. وقد نجح كثيرا في هذه المهمة ..
الأمر الثاني: محو الذكر الطيب الذي منحه الله ورسوله لعلي ولأهل بيته المعصومين (عليهم السلام) من بعده ... بغضا وحقدا ولكونه يتعارض مع هدفه الأول.
وكانت أمامه ثلاث عقبات لتحقيق ذلك وهي:
1. وجود الإمام الحسن (ع) وقد ظهر بعد الصلح مصلحا رساليا بمستوى جده النبي(ص) بما أعاد لذاكرة المسلمين تشابه صلحه وصلح الحديبية من جهات عديدة , هذا مضافا إلى إن احد بنود الصلح الذي ينص على أن الأمر للحسن {ع} بعد موت معاوية فإن حدث بالحسن {ع} فإن الأمر للحسين وليس لمعاوية أن يعهد لأحد من بعده.... وهذه الفقرة مهمة يجب إزالتها , لان مصلحة الموافقة عليها انتفت بعد وصول معاوية للحكم .. فكان ينظر اليها كعقبة خطيرة على مستقبل الدولة الأموية .. لذلك عمل قتل الإمام الحسن (ع) بالسم .. وقصة الحسين (ع) ستأتي لاحقا..
2. الكوفة باعتبارها مركز شيعة علي(ع) .... فهي مركز التشيع لأهل البيت عليهم السلام , وهذا يتطلب عملا سياسيا وثقافيا وإعلاميا , لإذابة قوة الشيعة وتفتيتها في البلدان الإسلامية .. لذلك تحملت الكوفة وسكانها من الشيعة ما لم يتحمله أي بلد آخر ..
رغم تضحياتها وكثرة عدد الشهداء الذين ذبوا عن معركة كربلاء , لا زال التاريخ يوصف شيعة الكوفة هم من قتلوا الحسين {ع} ... وللحديث عن هذه النقطة من الذي قتل الحسين ..؟. هذا ما سنتحدث عنه في الفصل القادم نبين اخطر كذبة دخلت التاريخ الإسلامي . وأكثر دعاية كاذبة ألصقت بالشيعة عامة إنهم هم الذين قتلوا الحسين ..
نماذج من التلفيق على مقتل الحسين (ع)..
كثر الكلام حول مقتل الشهيد الحسين بن علي {ع} والفت القصص المختلفة في ذلك ، ونورد في هذه الرسالة التناقضات التي ذكرتها المصادر الأموية في حملة إعلامية كبيرة تمكنت أن تصرف الجريمة من السلطة الأموية , وترميها على الشيعة .. لتصبح حقيقة رغم زيفها ... أليك الآراء المزيفة الكاذبة التي هيأت لأكبر كذبة في التاريخ الإسلامي في مقتل الحسين (ع) .
قال الحافظ ابن كثير : كل مسلم ينبغي له أن يحزنه قتل الحسين {ع} ولكن لا يحسن ما يفعله الناس من إظهار الجزع والحزن ..!!! لعل أكثره تصنع ورياء ... وقد كان أبوه أفضل منه فقتل، وهم لا يتخذون مقتله مأتماً كيوم مقتل الحسين،الى هنا ...
هذه مقدمة تتهم المحتفين بذكرى معركة كربلاء , وإقامة الشعائر الحسينية , يتهمهم بالرياء والتصنع ..واليك أراء ابن حجر في تاريخه لتتأكد كيف يكتبون التاريخ ..
قتل علي أباه يوم الجمعة وهو خارج إلى صلاة الفجر في السابع عشر من رمضان سنة أربعين،... هنا يذكر الشيعة أنهم لم يحتفلوا .. بالواقع هو متوهم لأنهم يحتفلون بهذه المصيبة ثلاثة أيام في كل سنة في شهر رمضان ...
ثم يقول : كذلك عثمان كان أفضل من علي عند أهل السنة والجماعة..!!!، وقد قتل وهو محصور في داره في أيام التشريق من شهر ذي الحجة سنة ست وثلاثين، وقد ذبح من الوريد إلى الوريد، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتماً، وكذلك عمر بن الخطاب وهو أفضل من عثمان وعلي، قتل وهو قائم يصلي في المحراب صلاة الفجر ويقرأ القرآن، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتماً، وكذلك الصديق كان أفضل منه , ولم يتخذ الناس يوم وفاته مأتماً، ورسول الله سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة، وقد قبضه الله إليه كما مات الأنبياء قبله، ولم يتخذ أحدٌ يوم موتهم مأتماً، ولا ذكر أحد أنه ظهر يوم موتهم وقبلهم شيء مما ادعاه هؤلاء يوم مقتل الحسين ...من الأمور المتقدمة، مثل كسوف الشمس والحمرة التي تطلع في السماء وغير ذلك.( ). ثم يتحدث عن الثورة الحسينية , يربطها ربطا بحوادث الشيعة التي أجهضت الثورة , وليس على الدولة الأموية ذنب في قتل الحسين وأصحابه عليهم السلام ...
هنا يتحدث عن أهل العراق كلهم , أي البصرة والكوفة , يشركهما في جريمة التقصير والانقلاب على أهل البيت (ع) ...
بلغ أهل العراق أن الحسين,(ع) لم يبايع يزيد بن معاوية وذلك سنة 60هـ فأرسلوا إليه الرسل والكتب يدعونه فيها إلى البيعة،{{ انظر إلى هذا النص }} " وذلك أنهم لا يريدون يزيد ولا أباه ولا عثمان ولا عمر ولا أبا بكر ، أنهم لا يريدون إلا عليا وأولاده " ، وبلغت الكتب التي وصلت إلى الحسين أكثر من خمسمائة كتاب. عند ذلك أرسل ابن عمه مسلم بن عقيل ليتقصى الأمور ويتعرف على حقيقة البيعة .. فلما وصل مسلم إلى الكوفة تيقن أن الناس يريدون الحسين ،فبايعوه في دار هانئ بن عروة ، ولما بلغ الأمر يزيد بن معاوية في الشام أرسل إلى عبيد الله بن زياد والي البصرة ليعالج هذه القضية ، ويمنع أهل الكوفة من الخروج عن حكم بني أمية .{ لاحظ هنا }" ولم يأمره بقتل الحسين " ، فدخل عبيد الله بن زياد إلى الكوفة ، وأخذ يتحرى الأمر ويسأل حتى علم أن دار هانئ بن عروة هي مقر مسلم بن عقيل وفيها تتم المبايعة .
خرج مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وحاصر قصره بأربعة آلاف من مؤيديه ، وذلك في الظهيرة . فقام فيهم عبيد الله بن زياد وخوفهم بجيش الشام ورغبهم ورهبهم فصاروا ينصرفون عنه حتى لم يبق معه إلا ثلاثون رجلاً فقط . وما غابت الشمس إلا ومسلم بن عقيل وحده ليس معه أحد. فقبض عليه وأمر عبيد الله بن زياد بقتله... فطلب منه مسلم أن يرسل رسالة إلى الحسين فأذن له عبيد الله ،وهذا نص رسالته : ""ارجع بأهلك ولا يغرنّك أهل الكوفة فإن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لكاذب رأي."( )" .. هل سمعتم بهذا اللون من الدجل ...؟ من اجل هذا نعيد صياغة تاريخ كربلاء برؤية جدية ...
وتستمر الأكاذيب , على نحو لا يصدقه عاقل ... تقول الأسطورة :
وجاء الحسين خبر مسلم بن عقيل , فانطلق يسير نحو طريق الشام نحو يزيد،{ انظر إلى الكلام بدقة } فلقيته الخيول بكربلاء بقيادة عمرو بن سعد , وشمر بن ذي الجوشن وحصين بن تميم فنزل يناشدهم الله والإسلام أن يختاروا إحدى ثلاث : أن يسيِّروه إلى أمير المؤمنين (يزيد) فيضع يده في يده (لأنه يعلم أنه لا يحب قتله) ...!! أو أن ينصرف من حيث جاء (إلى المدينة) أو يلحق بثغر من ثغور المسلمين حتى يتوفاه الله. ...
. فقالوا: لا، إلا على حكم عبيد الله بن زياد , فلما سمع الحر بن يزيد ذلك (وهو أحد قادة ابن زياد) قال : ألا تقبلوا من هؤلاء ما يعرضون عليكم ؟والله لو سألكم هذا الترك والديلم ما حلَّ لكم أن تردوه. فأبوا إلا على حكم ابن زياد. فصرف الحر وجه فرسه، وانطلق إلى الحسين وأصحابه، فظنوا أنه إنما جاء ليقاتلهم، فلما دنا منهم قلب ترسه وسلّم عليهم، ثم كرّ على أصحاب ابن زياد فقاتلهم، فقتل منهم رجلين ثم قتل رحمة الله عليه ...
والمعركة كانت غير متكافئة من حيث العدد، فقتل أصحاب الحسين (رضي الله عنه وعنهم) كلهم بين يديه يدافعون عنه حتى بقي وحده وكان كالأسد، ولكنها الكثرة ،وكان كل واحد من جيش الكوفة يتمنىَّ لو غيره كفاه قتل الحسين حتى لا يبتلي بدمه (رضي الله عنه)، حتى قام رجل خبيث يقال له شمر بن ذي الجوشن فرمى الحسين برمحه فأسقطه أرضاً فاجتمعوا عليه وقتلوه شهيداً سعيداً . ويقال أن شمر بن ذي الجوشن هو الذي اجتز رأس الحسين وقيل سنان بن أنس النخعي والله أعلم.... الى هنا ...
وأما قصة منع الماء وأنه مات عطشاناً وغير ذلك من الزيادات التي إنما تذكر لدغدغة المشاعر فلا يثبت منها شيء. وما ثبت يغني . ولا شك أنها قصة محزنة مؤلمة، وخاب وخسر من شارك في قتل الحسين ومن معه وباء بغضب من ربه . ..( ) .... إذن الحسين لم يقتل عطشانا .!! وربما قبر العباس بن علي {ع} غير حقيقي حسب رأي ابن كثير .. فلا داعي ان تقرأ الرواية التي تقول حمل العباس نحو المشرعة .. الخ .
و أما ما روي من أن السماء صارت تمطر دما، أو أن الجدر كان يكون عليها الدم ، أو ما يرفع حجر إلا و يوجد تحته دم ، أو ما يذبحون جزوراً إلا صار كله دماً فهذه كلها أكاذيب تذكر لإثارة العواطف ليس لها أسانيد صحيحة... هذا نص يفيد الموضوع الذي قلناه في تحريف واقعة كربلاء , وهناك عشرات النصوص التي تقول بما نقول ... منها ..
يقول ابن كثير عن ذلك: ((( وذكروا أيضا في مقتل الحسين رضي الله عنه أنه ما قلب حجر يومئذ إلا وجد تحته دم عبيط ....وأنه كسفت الشمس واحمر الأفق... وسقطت حجارة وفي كل من ذلك نظر)))... أين قال الشيعة سقطت حجارة من السماء ...؟؟.( ).
هنا شنت اكبر حملة أموية ضد ثورة أبي الضيم أبي عبد الله الحسين {ع} لتزوير جريمة التاريخ الكبرى في قتل الذرية الطاهرة التي اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ..واليك مزيدا من الأفكار الملوثة التي وضعت في التاريخ ضد الثورة الحسينية ...
يقول ابن حجر : الظاهر أنه من سخف الشيعة وكذبهم ليعظموا الأمر , لم يقع هذا الذي اختلقوه وكذبوه وقد وقع ما هو أعظم من قتل الحسين رضي الله عنه, ولم يقع شيء مما ذكروه , فإنه قد قتل أبوه علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو أفضل منه بالإجماع ولم يقع شيء من ذلك وعثمان بن عفان رضي الله عنه قتل محصورا مظلوما ولم يكن شيء من ذلك وعمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل في المحراب في صلاة الصبح وكأن المسلمين لم تطرقهم مصيبة قبل ذلك ولم يكن شيء من ذلك وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد البشر في الدنيا والآخرة يوم مات لم يكن شيء مما ذكروه ويوم مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم خسفت الشمس فقال الناس خسفت لموت إبراهيم فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف وخطبهم وبين لهم أن الشمس والقمر لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته. ( )..
ثم تأتي حملة الأحكام الشرعية في الفقه الأموي لمن يحيي شعائر عاشوراء بالنحو التالي :
من يقوم بلطم الخدود وشق الجيوب والنوح وما شابه ذلك، فقد ثبت عن النبي (ص) أنه قال : ( ليس منا من لطم الخدود و شق الجيوب) (أخرجه البخاري) وقال : (أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة). أخرجه مسلم . والصالقة هي التي تصيح بصوت مرتفع . وقال : ( إن النائحة إذا لم تتب فإنها تلبس يوم القيامة درعاً من جرب و سربالاً من قطران) أخرجه مسلم. و قال ( أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب و الطعن في الأنساب و الاستسقاء بالنجوم و النياحة). و قال ( اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب و النياحة على الميت) رواه مسلم. و قال ( النياحة من أمر الجاهلية و إن النائحة إذا ماتت و لم تتب قطع الله لها ثيابا من قطران و درعاً من لهب النار) رواه ابن ماجة. ....
فلم يبقى أمر فيه تكفير ودخول النار وبراءة النبي {ص} منهم ألا والصقوها بالشيعة الحسينيين الذي يحيون ذكرى معركة كربلاء ...
ولا يعتقد القاريْ اللبيب إني اعني في بحثي بهذه النقطة أخواننا السنة , فالقول لله وللتاريخ هناك روايات عديدة في كتب المذاهب السنية , تشارك الشيعة بمستوى الشعائر والاعتقاد بمشروعية الاحتفال بإحياء شعائر الحسين {ع} واليك منها ......
مشروعية البكاء واللطم على الحسين عليه السلام من كتب أهل السنة:
________________________________________
الغريب إن ابن حجر الذي يحرم ويكفر إقامة المأتم يأتي هنا ليكتب رأيا مغايرالما كتبه تماما ويسند الموضوع للرسول {ص} واليك النص المغاير ...
الأصل في الأشياء الإباحة حتى وإن لم يكن له وجود في عصر النبي {ص}وآله وإلا لقلنا أن إلقاء السلام عن طريق المحادثة كتابة في الانترنت من البدع لأنها لم تكن في تلك العصور!
والكل يعلم أن اللطم إحدى الطرق لإبراز الحزن والأسى على فقدان العزيز ولن يلام الشيعة إن ابرزوا حزنهم وأساهم على قتل ابن رسول الله {ص} ، خاصة أن هناك روايات من طرق أهل البيت ترجح البكاء على الحسين واللطم حزنا وجزعا عليه حتى ورد (كل الجزع مكروه إلا الجزع على الحسين) بل إن النبي{ص} كما ورد في روايات العامة قد بكى على الحسين{ع} عند ولادته بعد أن أخبره جبريل أن أمته ستقتله في أرض كربلاء وأعطاه شيئا من تربته وأعطاها لأم سلمه ويوم قتل الحسين عليه السلام صارت القارورة دما عبيطا!..... !!.
قال ابن كثير في البداية والنهاية 8/218: (عن ابن عباس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام نصف النهار أشعث أغبر، معه قارورة فيها دم، فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله، ما هذا؟قال: ( (هذا دم الحسين وأصحابه لم أزل ألتقطه منذ اليوم) ) .قال عمار: فأحصينا ذلك اليوم فوجدناه قد قتل في ذلك اليوم..
والطبراني في معجمه الكبير ح2817 (عن أم سلمة قالت: كان الحسن والحسين رضي الله عنهما يلعبان بين يدي النبي {ص} في بيتي فنزل جبريل {ع} فقال: يا محمد إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك فأومأ بيده إلى الحسين فبكى وضمه إلى صدره ثم قال: : وديعة عندك هذه التربة فشمها رسول الله{ص} وقال: ويح كرب وبلاء قالت: وقال: يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دما فاعلمي أن ابني قد قتل,فجعلتها في قارورة انظر إليها كل يوم وتقول: إن يوما تحولين دما ليوم عظيم).الى هنا.
وفي الروايات الأخرى أن السماء أمطرت دما يوم قتل الحسين عليه السلام، وأن الحمرة في السماء لم تر قبل استشهاد الحسين عليه السلام بل إن الجن قد ناحت على الحسين عليه السلام!( ).
عن أبي قبيل، قال: ((«لما قتل الحسين بن علي{ع} انكسفت الشمس كسفة، حتى بدت الكواكب نصف النهار، حتى ظننا أنها هي».... - عن يزيد بن أبي زياد، قال: «شهدت مقتل الحسين، وأنا ابن خمس عشرة سنة، فصار الورس في عسكرهم رمادا»... ثنا سفيان بن عيينة، قال: حدثتني جدتي أم عيينة: أن حمالا، كان يحمل ورسا، وهو في قتل الحسين بن علي، فصار ورسه رمادا.... ثنا زويد الجعفي، عن أبيه، قال: «لما قتل الحسين انتهب من عسكره جزور، فلما طبخت، إذا هي دم أكفئوها» عن ابن شهاب، قال: «ما رفع بالشام حجر يوم قتل الحسين إلا عن دم» رواه الهذيل، عن الزهري مثله))( ).
((عن ميمونة، قالت: «سمعت الجن، تنوح على الحسين... عن أم سلمة، قالت: «سمعت الجن، تنوح على الحسين» - عن حبيب بن أبي ثابت، قال: «سمعت الجن، تنوح على الحسين، وهي تقول: مسح الرسول جبينه فله بريق في الخدود أبواه من عليا قريش جده خير الجدود... عن أبي جباب الكلبي، قال: حدثني الجصاصون قالوا: «كنا إذا خرجنا بالليل إلى الجبانة عند مقتل الحسين، سمعنا الجن ينوحون عليه يقولون:مسح الرسول جبينه***فله بريق في الخدود.... أبواه من علياء قريش***جده خير الجدود.... عن مزيدة بن جابر الحضرمي، عن أمه، قالت: سمعت الجن، تنوح على الحسين تقول: أبغى حسين هبلا***كان حسين جبلا( ).
هذه روايات أهل السنة في جواز ظهور الحزن على سيد الشهداء وهي ترد بشكل ساطع على التقولات بالحرمة وتكفير المحتفلين وصيام يوم عاشوراء وغيرها من الأحاديث الموضوعة .......
في كتبنا من طرق أهل البيت{ع} في كيفية قتل الحسين {ع} وبكاء النبي{ص} يوم مولده والروايات الواردة عن أهل البيت{ع} التي تحث على البكاء , وأنه من المستحبات يجعل من الطبيعي أن نبرز الحزن والأسى واللوعة على فقدان ابن رسول الله{ص} وهذا يبين البدع التي نزلت في كتب التاريخ حول الفاجعة التي جعلها الأمويون , يوم بركة وسرور , واعتبروه عيدا للاحتفال به , ووضعت الأحاديث لاعتباره يوم صوم ,وهو ما ابتدعه يزيد بن معاوية ..
موقف الأمويين من مقتل الحسين{ع}
الموقف الإعلامي العام ليزيد , كان محاولة منهم لتبرئته كما بينا , وألقيت جريمة القتل على جهات أخرى , مثل الشيعة في العراق , ومرة على واليه في الكوفة , عبيد الله بن زياد, واليك رأي الإعلام الأموي في دفاع عن السلطة الأموية ...
{لم يكن ليزيد يد في قتل الحسين ولا نقول هذا دفاعاً عن يزيد ولكن دفاعاً عن الحق. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " إن يزيد بن معاوية لم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل ، ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق، ولما بلغ يزيد قتل الحسين أظهر التوجع على ذلك، وظهر البكاء في داره ولم يسب لهم حريماً بل أكرم بيته وأجازهم حتى ردهم إلى بلادهم، وأما الروايات التي تقول إنه أهين نساء آل بيت رسول لله وأنهن أخذن إلى الشام مسبيات وأُهِنّ هناك هذا كلام باطل بل كان بنو أمية يعظمون بني هاشم ولذلك لما تزوج الحجاج بن يوسف من فاطمة بنت عبد الله بن جعفر لم يقبل عبد الملك بن مروان هذا الأمر، وأمر الحجاج أن يعتزلها، وأن يطلقها فهم كانوا يعظمون بني هاشم ولم تسب هاشمية قط."
بل ابن زياد نفسه عندما جيء بنساء الحسين إليه وأهله، وكان أحسن شيء صنعه أن أمر لهن بمنزل من مكان معتزل، وأجرى عليهن رزقاً وأمر لهن بنفقة وكسوة. (رواه ابن جرير بسند حسن) . و قال عزت دروزة المؤرخ "ليس هناك ما يبرر نسبة قتل الحسين إلى يزيد، فهو لم يأمر بقتاله، فضلاً عن قتله، وكل ما أمر به أن يحاط به ولا يقاتل إلا إذا قاتل". و قال ابن كثير: (والذي يكاد يغلب على الظن أن يزيد لو قدر عليه قبل أن يُقتل لعفا عنه كما أوصاه بذلك أبوه، وكما صرح هو به مخبراً عن نفسه بذلك)...
براءة يزيد من دم الحسين {ع}..!!
أليك عدد من النصوص الموثقة من إعلام السلطة الأموية التي قتلت الحسين{ع} , وكيف رمت الجريمة على جهات أخرى ... وهذه صورة واضحة من التزوير ...
كتب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية يخبره بما حدث ويستشيره في شأن أبناء الحسين ونسائه، فلما بلغ الخبر إلى يزيد بن معاوية بكى وقال: كنت أرضى من طاعتهم أي أهل العراق بدون قتل الحسين .. وقال : لعن الله ابن مرجانه لقد وجده بعيد الرحم منه، أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه، فرحم الله الحسين. ( )..
وفي رواية أنه قال: .. أما والله لو كنت صاحبه، ثم لم أقدر على دفع القتل عنه لا ببعض عمري لأحببت أن أدفعه عنه. ( ) .. فجاء رد يزيد على ابن زياد يأمره بإرسال الأسارى إليه؛..!! فبارد ذكوان أبو خالد فأعطاهم عشرة آلاف درهم فتجهزوا بها.( )..
ومن هنا يعلم أ ابن زياد لم يحمل آل الحسين بشكل مؤلم أو أنه حملهم مغللين كما ورد في بعض الروايات. وكان رد يزيد على ابن زياد مخالفاً لما يطمع إليه ابن زياد، حيث كان يطمع بأن يقره يزيد على الكوفة، فلم يقره على عمله بل سبه ونال منه بسبب تصرفه مع الحسين{ع} . وهنا يكون الداعي أكبر لأن يحمل ابن زياد آل الحسين على صورة لائقة لعلها تخفف من حدة وغضب يزيد عليه.( )..
قال شيخ الإسلام رحمه الله في منهاج السنة وأما ما ذكر من سبي نسائه والذراري والدوران بهم في البلاد وحملهم على الجمال بغير أقتاب، فهذا كذب وباطل، ما سبى المسلمون ولله الحمد هاشمية قط، ولا استحلت أمة محمد{ص} سبي بين هاشم قط، ولكن كان أهل الجهل والهوى يكذبون كثيراً.( ).
ولما دخل أبناء الحسين {ع} على يزيد قالت: فاطمة بنت الحسين: يا يزيد أبنات رسول الله{ص} سبايا؟ قال: بل حرائر كرام، أدخلي على بنات عمك تجديهن قد فعلن ما فعلت، قالت فاطمة: فدخلت إليهن فما وجدت فيهن سفيانية إلا ملتزمة تبكي.( )..
وعندما دخل علي بن الحسين {ع} على يزيد قال: يا حبيب إن أباك قطع رحمي وظلمني فصنع الله به ما رأيت يقصد أنه قد حدث له ما قدره الله له -، فقال علي بن الحسين{ع} {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير} [الحديد/22]، ثم طلب يزيد من ابنه خالد أن يجبه، فلم يدر خالد ما يقول فقال يزيد قل له: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوعن كثير} [الشورى/30]. ( )..
وأرسل يزيد إلى كل امرأة من الهاشميات يسأل عن كل ما أخذ لهن كل امرأة تدعي شيئاً بالغاً ما بلغ إلا أضعفه لهن في العطية. وكان يزيد لا يتغدى ولا يتعشى إلا دعا علي بن الحسين.{ع} وبعث يزيد إلى المدينة فقدم عليه ذوي السن من موالي بني هاشم ومن موالي نبي علي. - ولعل يزيد أراد باستقدامه لهؤلاء الموالي إظهار مكانة الحسين{ع} وذويه ويكون لهم موكب عزيز عند دخول المدينة -. وبعد أن وصل الموالي أمر يزيد بنساء الحسين وبناته أن يتجهزن وأعطاهن كل ما طلبن حتى أنه لم يدع لهم حاجة بالمدينة إلا أمر بها. وقبل أن يغادروا قال يزيد لعي بن الحسين {ع} إن أحببت أن تقيم عندنا فنصل رحمك ونعرف لك حقك فعلت. ( ).. قال شيخ الإسلام في المنهاج : وأكرم أبناء الحسين وخيرهم بين المقام عنده والذهاب إلى المدينة فاختاروا الرجوع إلى المدينة.( ).
وعند مغادرتهم دمشق كرر يزيد الاعتذار من علي بن الحسين وقال: لعن الله ابن مرجانة، أما والله لوأني صاحبه ما سألني خصلة أبداً إلا أعطيتها إياه ولدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت ولو بهلاك بعض ولدي ولكن الله قضى ما رأيت، كاتبني بكل حاجة تكون لك. ( ).
وأمر يزيد بأن يرافق ذرية الحسين وفد من موالي بني سفيان، وأمر المصاحبين لهم أن ينزلوا بهم حيث شاءوا ومتى شاءوا، وبعث معهم محرز بن حريث الكلبي وكان من أفاضل أهل الشام.( ). وخرج آل الحسين من دمشق محفوفين بأسباب الاحترام والتقدير حتى وصلوا إلى المدينة. قال ابن كثير في ذلك: وأكرم آل الحسين ورد عليهم جميع ما فقد لهم وأضعافه، وردهم إلى المدينة في محامل وأهبة عظيمة ( ).
ولو اردنا مزيدا من المصادر التي تدافع عن الكيان الظالم لاهل البيت {ع} وللاسلام , لوجدنا من يدافع عنهم اليوم بموجب الوصائق التي كتبت منك ذلك التاريخ الذي اسس القاعدة الفكرية ضد اهل البيت{ع} وحاربهم وقتل شيعتهم , واعتبار النظام الاموي بريئا من كل الجرائم التي يذكرها المؤرخون واليك المزيد..
((إن الاتهام الموجه الآن إلى يزيد بن معاوية هو أنه المتسبب الفعلي في قتل الحسين{ع} قلت: يزيد بن معاوية رحمه الله كما هو معروف أصبح خليفة للمسلمين، وانقاد له الناس وظل معترفاً به من غالب الصحابة والتابعين وأهل الأمصار حتى وفاته، ولقد امتنع عن بيعته اثنان من الصحابة فقط وهما: الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم.
وكان الشيعة في العراق يطالبون الحسين بالقدوم عليهم، وخرج الحسين إلى العراق بعد أن كتب إليه مسلم بن عقيل بكثرة المبايعين وأن الأمور تسير لصالحه.
أننا لاحظنا موقف يزيد بن معاوية من الحسين بن علي {ع} طوال هذه الفترة التي كان خلالها الحسين{ع} معلناً الرفض التام للبيعة ليزيد، وهي الفترة التي استمرت (شهر شعبان ورمضان وشوال وذي القعدة) لوجدنا أن يزيد لم يحاول إرسال جيش للقبض على المعارضين (الحسين وابن الزبير) بل ظل الأمر طبيعياً وكأن يزيد لا يهمه أن يبايعا أو يرفضا. وكما يبدو، فإن يزيد حاول أن يترسم خطى والده في السياسة ويكون حليماً حتى آخر لحظة، وأن يعمل بوصية والده، وذلك بالرفق بالحسين {ع} ومعرفة حقه وقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم...وقد وجه يزيد اهتمامه نحو العراق، وبالأخص الكوفة التي بدأت مؤشرات الأحداث فيها تزداد سوءاً، وتنذر بانفتاح جبهة داخلية في الدولة.ولهذا تدارك الأمر وعين عبيد الله بن زياد أميراً على الكوفة، واستطاع ابن زياد بما وهب من حنكة ودهاء وحزم أن يسيطر على الكوفة وأن يقتل دعاة التشيع بها. وفي المقابل فإن يزيد بن معاوية لم يكن غافلاً عن تحركات الحسين رضي الله عنه، ولهذا لما عزم الحسين على التوجه إلى الكوفة كتب يزيد إلى ابن زياد رسالة يخبره بقدوم الحسين إلى الكوفة قائلاً له: بلغني أن حسيناً سار إلى الكوفة وقد ابتلى به زمانك بين الأزمان وبلدك بين البلدان وابتليت به بين العمال .. وضع المناظر والمسالح واحترس على الظن وخذ على التهمة، غير ألا تقتل إلا من قاتلك، واكتب إلى في كل ما يحدث من الخبر، والسلام عليك ورحمة الله.( ).
ثم يأتي التعليل والاستنتاج من المعلومات الواصلة منهم ......
عند النظر إلى المقطع الأول من كلام يزيد فإننا نحس بأن يزيد يوجه ابن زياد إلى مكانة الحسين وعلو قدره، وإلا فما معنى (قد ابتلي به زمانك من بين الأزمان .. ). ولم كان يزيد حريصاً على قتل الحسين{ع} لما أطراه لعامله بهذا الشكل المخيف وحذره منه، كما أنه لا يعني أن هذا التضخيم من شأن الحسين {ع} هو حمل ابن زياد على الاستعداد له بكل ما يستطيع، وذلك لأن الحسين{ع} خرج في عدد قليل ويزيد يعرف هذا. وليس في عبارات يزيد ما يدل على أنه طلب من ابن زياد الاجتهاد في القضاء على الحسين{ع} ، بل إن الشق الثاني من رسالة يزيد تلزم ابن زياد بعدم قتل أحد إلا في حالة مقاتلة المعتدي، كما أن فيها طلباً أكيداً من ابن زياد بوجوب الرجوع إلى يزيد في كل حدث يحدث، ويكون المقرر الأخير فيه هو يزيد نفسه...وبعد أن اقترب الحسين{ع} من الكوفة واجهه ابن زياد بالتدابير التي سبق ذكرها، حتى أرسل إلى الحسين عمر بن سعد قائداً على سرية ألجأت الحسين إلى كربلاء، كان وصول الحسين إلى كربلاء هو يوم الخميس الموافق الثالث من المحرم.( )..
واستمرت المفاوضات بين ابن زياد وبين الحسين{ع} بعد وصوله إلى كربلاء حتى قتل في العاشر من المحرم. أي أن المفاوضات استمرت أسبوعاً واحداً تقريباً، ومن المعلوم أن المسافة التي تفصل بين دمشق والكوفة تحتاج إلى وقت قد يصل إلى أسبوعين، أي أن ابن زياد اتخذ قراره والذي يقضي بقتل الحسين{ع} دون الرجوع إلى يزيد، أو أخذ مشورته في هذا العمل الذي أقدم عليه، وبذلك يكون قرار ابن زياد قراراً فردياً خاصاً به لم يشاور يزيد فيه، وهذا الذي يجعل يزيد يؤكد لعلي بن الحسين {ع} بأنه لم يكن يعلم بقتل الحسين ولم يبلغه خبره إلا بعد ما قتل.كما ذكرنا آنفا ...
لعل فيما ذكرنا من أدلة تبين عدم معرفة يزيد بما أقدم عليه ابن زياد من قتل الحسين{ع} ، إضافة إلى أقوال الصحابة التي ذكرناها سابقاً ,التي تحمّل المسؤولية في قتل الحسين {ع} على أهل العراق ..!! ولم نجد أحداً من الصحابة وجه اتهاماً مباشراً إلى يزيد، ولعل في ذلك كله دليلاً واضحاً على أن يزيد لا يتحمل من مسؤولية قتل الحسين {ع}, شيئاً فيما يظهر لنا، أما الذي في الصدور فالله وليه وهو أعلم به، ولسنا مخوّلين للحكم على الناس بما في صدورهم، بل حكمنا على الناس بما يثبت لنا من ظاهرهم والله يتولى السرائر وهو عليم بكل شيء.( )..
لذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ولم يأمر بقتل الحسين{ع}ولا أظهر الفرح بقتله. ويقول في موضع آخر : إن يزيد لم يأمر بقتل الحسين {ع}باتفاق أهل النقل، ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق، والحسين{ع} كان يظن أن أهل العراق ينصرونه ويفون له بما كتبوا له .. فلما أدركته السرية الظالمة، طلب أن يذهب إلى يزيد أو يذهب إلى الثغر أو يرجع إلى بلده، فلم يمكنوه من شيء من ذلك حتى سيتأسر لهم، فامتنع فقاتلوه حتى قتل شهيداً مظلوماً ( )..
وقال الطيب النجار: وتقع تبعية قتله أي الحسين{ع} على عبيد الله بن زياد وشمر بن ذي الجوشن وعمر بن سعد، ولا يتحمل يزيد بن معاوية شيئاً من هذه التبعة، وهو بريء من تهمة التحريض على قتل الحسين.{ع} ..( ).
ومما يؤخذ عليه , أي يزيد بن معاوية لم يتخذ موقفا واضحا وحاسما من ابن زياد أو من الذين شرعوا في قتله, ولكنه مع ذلك أي مع إظهار الحزم على الحسين{ع} ما انتصر للحسين، ولا أمر بقتل قاتله، ولا أخذ بثأره.( ).. وجاء في مصدر آخر نفس التبرير ليزيد .. قال ابن كثير: .. ولكنه لم يعزله على ذلك ولا عاقبه ولا أرسل يعيب عليه ذلك، والله أعلم. ( )..
فالكوفة كما هو معروف هي مركز التشيع في تلك الفترة، وهي بلدة غير مستقرة، معروفة بثوراتها وفتنها، وطوائفها وأحزابها، وعندما كان أمير الكوفة النعمان بن بشير كادت الأمور أن تنفلت من يده، فلما أرسل يزيد ابن زياد أميراً على الكوفة استطاع في مدة قصيرة أن يعيد الأمور إلى نصابها، ويكبح جماح الثورة، وسيطر سيطرة كاملة على الكوفة، حتى بعد مقتل الحسين {ع} فإن الوضع الأمني في الكوفة ازداد خطورة،{ كيف سيطر على الكوفة , وكيف ازداد الوضع الأمني خطورة ..؟} ولا أظن أن يزيد يجد قائداً بحزم ابن زياد وبقوته... ثم إن الشيعة لن ترضى سواء عُزل ابن زياد أم بقي، ولن تغير ما في قلوب الشيعة من حقد على الدولة نفسها. ولو أقدم يزيد على إقالة ابن زياد فإنه سيدفع تكاليف هذه الخطوة كثيراً، وربما سوف يتحول الوضع إلى ثورة كبرى يقودها الشيعة أنفسهم والمتأسفون لقتل الحسين {ع} كما حدث بعد ذلك بقترة وجيزة والمعروفة بحركة التوابين.
أما بالنسبة إلى تتبع قتلة الحسين {ع} فإن هذا ليس من السهولة، فنفس الصعوبات التي اعترضت علياً {ع} في عدم تتبعه لقتلة عثمان ، ومن بعده معاوية ، والذي كان من المصرين على تنفيذ القصاص على قتلة عثمان، سوف تعترض يزيد بن معاوية لو أنه أراد تتبع قتلة الحسين{ع}..
ولعل تصرف سليمان بن صُرَدْ الخزاعي , الذي قاد التوابين ضد ابن زياد يوضح هذه المسألة بوضوح، فقد أدرك سليمان بن صرد أن قتلة الحسين{ع} في الكوفة، ومع ذلك اتجه لمقاتلة ابن زياد بدلاً من مقاتلة قتلة الحسين قائلاً لأصحابه: (إني نظرت فيما تذكرون فرأيت أن قتلة الحسين هم أشراف أهل الكوفة..!!، وفرسان العرب، وهم المطاَلبون بدمه، ومتى علموا ما تريدون وعلموا أنهم المطاَلبون كانوا أشد عليكم، ونظرت فيمن تبعني منكم فعلمت أنهم لو خرجوا لم يدركوا ثأرهم ولم يشفوا أنفسهم، ولم ينكوا في عدوهم وكانوا لهم حذراً .. ( ).
وبهذا يتضح السبب أكثر في عدم تتبع قتلة الحسين{ع}، وبالأخص من قبل الدولة الأموية؛ إذ ليس الأمر بالهين وهم يتبعون قبائل كبيرة لها وزنها الاجتماعي والسياسي، فلربما أدى تصرف مثل هذا، إلى زعزعة أمن الدولة وبالأخص في منطقة العراق كلها، ثم إن يزيد لم يتفرغ بعد لمحاسبة ولاته، ...
و كانت الثورات متتابعة، فمعارضة ابن الزبير أخذت تكبر وتنمو، وأهل الحجاز قلوبهم ليست مع يزيد إلى غير ذلك من مشاكل الدولة الخارجية، والتي تجعل يزيد عاجزاً عن اتخاذ موقف قوي مع ولاته أو الذين أخطأوا في حق الحسين {ع} زعمهم بأن يزيد أمر بقتله ( )..
والذين زعموا التشييع للحسين{ع} ونصرته هم أنفسهم الذين قتلوه ثم ذرفوا الدموع ، { هنا بيت القصيد} وتظاهروا بالبكاء ، ولا يزالون يمشون في جنازته إلى يومنا هذا ، ولو كان هذا البكاء يعكس شدة المحبة لأهل البيت{ع} فلماذا لا يبكون من باب أولى على حمزة عم النبي{ص} ، فإن الفظاعة التي قتل بها لا تقل عن الطريقة التي ارتكبت في حق الحسين{ع} حيث بقر بطن حمزة واستؤصلت كبده ، فلماذا لا يقيمون لموته مأتماً سنوياً يلطمون فيه وجوههم ويمزقون ثيابهم ، ويضربون أنفسهم بالسيوف والخناجر ؟ أليس هذا من أهل بيت النبي{ص} ؟ بل لماذا لا يكون هذا البكاء على موت النبي{ص}؟! فإن المصيبة بموته تفوق كل شيء ؟ أم أن الحسين أفضل من جده لأنه تزوج ابنة كسرى الفارسية؟( )..!!
يبدو أن ابن حجر أفصح عما في قلبه ,ودافع بكل ما أوتي من قوة عن رب نعمته السلطة الأموية , متهما الشيعة أنهم هم أنفسهم قتلوا الحسين {ع} والآن يذرفون الدموع .. والمبررات التي يذكرها كي يفند مشروعية الاحتفال بذكرى ملحمة كربلاء , فيقول : " لماذا لا يبكون من باب أولى على حمزة عم النبي {ص} إلى آخر كلامه .. انه كلام يعبر عن عقلية متطرفة بالحقد على آل البيت {ع} , وعلى شيعتهم .. وحيث عرضت كلامهم هذا ...لاطلع القاريْ العزيز على خبث من كتب التاريخ عامة , وتاريخ الثورة الحسينية خاصة ....
مقالات اخرى للكاتب