مع إعلان المرور بأزمة اقتصادية خانقة, نتيجة السياسات الخاطئة للنخبة الحاكمة, التي ضيع مليارات الدولارات على اللاشيء, عندها كانت الحكومة الجديدة أمام تحدي كبير, وألا يتم إنهاء دورها, فحشدت جهود خبرائها ومستشاريها لأجل وضع خطة عمل, ترفع عنهم الضغط الجماهيري, وينقل الكرة الى خارج ساحتهم, ومما جرى نستكشف انه تم الاستفادة من تجارب السابقين من حكام وطغاة ممن تعاملوا بكل قسوة مع الشعب العراقي, لان المحصلة كانت استتباب الأمر لهم عبر تلك الأساليب الخبيثة, وكان هذا الشغل الشاغل للحكام في كل عصر ومنهم ممن يحكمون الآن.
عندها كان العمل يسير بوتيرة متصاعدة وبخطوات محددة, بغية كسب الوقت والالتفاف على مطالب الجماهير العدالة, وتم تحديد فئة معينة لتكون كبش الفداء , والساحة الكبيرة لرفع الضغط عنهم, وهي طبقة الموظفين, والتي نقرا في الأرقام التي تعلن أنهم تقريبا يصلون الى خمسة مليون عراقي.
●التهديد بإلغاء بعض مخصصات الموظفين
بعد زخم التظاهرات الهدار كانت الفكرة الأهم في إسكات هذا الزخم المخيف, خصوصا أنها كسب تأييد المرجعية الصالحة, مما ضاعف من عملية الضغط على الحكومة, فكان خيار التهديد تحت شعار الإصلاح, فكان الإعلان عبر الأعلام أن الحكومة تتجه لإلغاء بعض تخصيصات الموظفين, كي تسترد بعض المبالغ للخزينة, مع أن الرواتب المحدودة بالكاد تكفي شريحة الموظفين, لكن كان الهدف خبيث, وهو إجهاض أي مسعى للضغط على الحكومة, خصوصا أن شريحة الموظفين واسعة.
الأمر الأخر أن الإصلاح ممكن يتجه نحو تخفيض نفقات الوزارات, وبعض أبواب الصرف الايفادات والضيافة, أو عملية عقلنة رواتب الرئاسات الثلاث والبرلمان والوزراء والوكلاء,والتي تثقل الخزينة أكثر من رواتب الموظفين البائسة, لكن الإصلاح المزعوم لم يكن حقيقيا, بل كان عملية ضحك على الشارع.
الحل للازمة الاقتصادية كان ممكن عبر تنويع أبواب إيرادات, لكن السلطة كان تفكيرها محدودا فجعلت من رواتب الموظفين الباب الجديد لجمع الأموال, تفكير بعيد عن الإنسانية والعدل والوطنية, بل هو إعلان حرب على الموظفين, الى أن يرضخوا ويسكتوا أو استمرار عملية السحق.
في بداية العالم الحالي وبعد ثلاث أشهر من الخوف والقلق, انخفضت وتيرة التظاهرات وأصبحت المبادرة بيد الحكومة, وشعر الساسة بالأمان على عروشهم, وتحققت الغاية الخبيثة خلف حزم الإصلاح الوهمية.
●أسلوب حرب الإشاعات
في بدايات عام 2016 وانتشار أخبار خواء الخزينة, بالتزامن مع انخفاض شديد لأسعار النفط, ومن جهة أخرى شيوع فضيحة جولة التراخيص, التي مكنت شركات النفط من اقتطاع نسبة كبيرة من إيرادات النفط اليومية, كل هذا جعل الأنظار تتجه لخطوة مخيفة, تقوم بها الحكومة للحصول على الأموال, توقع نشأ لعدم ثقة بطبقة الساسة, فارتفع معدل التصريحات عن عدم قدرة الدولة لدفع الرواتب, مما احدث خوف شديد بين طبقة الموظفين, فالرعب والقلق هو الهدف الخبيث, فهما سلاح الحرب النفسية الفتاكة.
تبعها أخبار انتشرت أن الدولة ستقوم باستقطاعات كبيرة على رواتب الموظفين, فانشغل الشارع بمصدر رزقه والمخاطر الحكومية المقبلة, وابتعد الناس عن التظاهر في مسعى لفهم ما يجري, والبحث عن تطمينات للمستقبل المبهم, خصوصا أن الإشاعات كانت بشكل مركز.
إذن فالإشاعات كانت حرب حقيقية, والتي أتقن لعبها النخبة الحاكمة, فهي منهج وسياسة اعتمدوها, في مرحلة معينة للسيطرة على الجمهور.
●تجاهل حكومي لأصل المشكلة
مشكلة العسر المادي التي تواجه البلد, والتي تسبب بها الحكام أنفسهم, نتيجة الإدارة الفاشلة للدولة, يمكن أن تحل بعيد عن الضغط على خمسة مليون مواطن, بل يمكن إرجاع مبالغ كبيرة عبر ترشيد الأنفاق على فئة قليلة, فهي ألان من تقضم أموال الخزينة من غير وجه حق, وهذه الفئة القليلة تمثل رواتب الرئاسات الثلاث والبرلمان والوزراء والوكلاء والمستشارين ومدراء الهيئات المستقلة, ومتقاعدي هذه المناصب, الذي تحصلوا على تقاعد ظالم هم شرعوه لأنفسهم, هذه الرواتب والمخصصات بمجموعها تتسبب بهدر عظيم المال العام.
الحل النبيل والعادل كان بصرف رواتب طبيعية لهذه الفئات, بدل الرواتب الظالمة والتي تفوق التصور, مع الغاء الرواتب التقاعدية الخاصة بهم, لأنها مخالفة للقانون والعدل, فمن يريد الإصلاح لا يترك أصل المشكلة, ويتجه لسحق الطبقة البسيطة, هنا تتوضح الصورة فان ما يجري ليس أصلاح بل عملية تدمير.
●موازنة 2017 تكرس الظلم
الموازنة القادمة لم تقدم حلول عادلة ومنصفة للشعب فقط حافظة على امتيازات النخبة المعلومة الحاكمة, حيث عمدت لإجراءات مالية ستكون أثارها فقط على الطبقة محدودة الدخل, بالاضافة لرفع الاستقطاع من رواتب الموظفين, مع إهمال الأصوات الأولى للاصلاح المطالبة بإلغاء الرواتب الكبيرة جدا للبرلمانيين والوزراء والرئاسات الثلاث, والتي هي من تسببت بأزمة للبلد, ولم يتم الغاء بعض أبواب الموازنة التي تسبب بهدر المال ويستفيد منها الطبقة الفاسدة فقد كالايفادات والضيافة والاتصالات, انه عام جديد لسحق المواطن بقرار حكومي ظالم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقالات اخرى للكاتب
|