الاتصالات مستمرة لتجاوز أزمة التظاهرات (السنية) ، خطابات (شيعية) مكثفة لاطفاء الحريق ، وتفرج (كردي) ، لكن اصحاب الحل مرتبكون كشرطة اطفاء نائمين ايقظهم جرس لاطفاء حريق طارئ ، نوم جماعي ، غياب للتفكير والتحليل المسبق ، لم يتوقع أحد هذا الحدث قبل وقوعه ، قراءة المستقبل ليست مهنة المنجمين بل مهنة رجال السياسة الذين هاجسهم الوطن ، لماذا كان بعض المتفرجين المرتاحين من خارج أروقة الدولة يتوقعون أزمة ستنفجر؟ قائلين ان سبب الأزمة المرتقبة هو اختلال التوازن السياسي نتيجة تصدع الجبهة الكردية الشيعية بعد التحشيد العسكري المتبادل ، بعض الباحثين يعزو سبب الازمات الماضية والراهنة والمتوقعة الى خلفيات نفسية مأزومة للمكونات الاجتماعية الثلاثة المزعومة للشعب العراقي ، نظام البعث صنف العراقيين الى شيعة وسنة وكرد ، وجاء مشروع بريمر ليجعل هذا التصنيف علنيا ويؤسس عليه المحاصصة بدل (دولة المواطن)، الأغلبية الشيعية لديها عقد قديمة سببت اضعاف روحها الابوية ، هم الفئة التي ظلت محكومة ومقموعة ومعذبة لعقود ، ولحد الآن لم تصدق بأنها الفئة الحاكمة ، مزاج متوتر وصدور ضيقة والنظر الى كل معترض او محتج بخوف شديد ، وافتقار بعضهم للنضج وحبهم الانطواء ، الصراع سنة الحياة ، لكن خبرة (الشيعة) في الصراع أحادية فهم الضحية الجاهزة دائما ، يقابلهم (سنة) السلطة الذين مازالوا غير مصدقين انهم اصبحوا فئة محكومة ، مازالوا يتصرفون كفئة حاكمة ويحتفظون بهذا الوهم الخطير ليمدهم بقوة خاصة ، اغلبهم يقلدون صدام في كلامه وقيامه ، لا توجد لديهم تجربة سياسية رائدة خارج اطار البعث ، اغلبهم لديه ازدواجية فهو في الشعور يعلن براءته من نهج صدام لكنه في اللاشعور يقدسه ، أما عقدة (الكرد) فهي اكثر تطورا ، يعدون بغداد وعروبتها رمزا للابادة ، ويعدون السلطة المركزية رمزا للظلم والتمييز ، يقابلون خطاب المركز بتشنج سببه ايحاءات الماضي ، كل العواصم أقرب اليهم من بغداد ، المكونات الثلاثة ضحايا رحل جلادهم لكنهم مازالوا في سجنه النفسي مكبلين ، ليس صحيحا توجيه اللوم الى الضحية ، المطلوب فهم حجم الاضرار النفسية التي لحقت بهم ، هم بحاجة الى مخطط تأريخي للترميم النفسي واستعادة الثقة ، ومحو الذكريات المؤلمة ، الأقوياء والحكماء والخبراء من كل مكون هم الذين يجب ان يقودوا تجربة الحكم الحالية ، وينجزوا برنامج علاج جماعي للمكونات في مستشفى كبير مساحته الوطن ، يعتمد الأبوية والتسامح والتهدئة ، وبخلاف ذلك سوف يبدأ التفتت في كل مكون الى قبائل اصغر حجما واشد توترا وتطرفا وتكبرا وقصورا في الرؤية وميلا الى العزلة والعنف ، وقد ظهرت اولى بوادر التفتت ، فجميع المكونات الآن انقسمت على نفسها انتخابيا ، ثم تصدرها المتشددون وبدأوا بتهميش دعاة الاعتدال ، واصبح لدى كل قبيلة رمز مأزوم يقودهم الى الهاوية معصوبي الأعين .
مقالات اخرى للكاتب