الفلوجة هي الأرض الصالحة للزراعة حيث (تنفلج ) تربتها حين يمسها ماء السماء عن خيرات الأرض (وينفلج ) رجالها أيضا عندما تتعرض للسوء,فأهل الفلوجة يحكمون عقولهم للمقاومة والتخلص مما يحيق بهم من أخطار وشرور مستعينين بعبقرية الرجال في الدفاع عما تداهمهم الأخطار...انه شعب حي فوار جدير بالحياة .
تقع ضمن محافظة الانبار ويطلق عليها لقب مدينة المساجد لكثرة المساجد والتي يصل عددها الى 550 مسجد, وينحدر اغلب سكانها من العشائر العربية الكبيرة في العراق وهي عشائر الدليم,(البو عيسى- البو علوان- المحامدة – الفلاحات- الحلابسة- البو نمر- البو فهد- الجميلات- بني تميم – الكبيسات- العزة –زوبع -) بالإضافة إلى مجموعة أخرى من العشائر, ويذكر في التاريخ ان عشائر الرمادي والفلوجة وعلماء الدين فيها وفي بغداد أيضا قد رفضوا وثيقة عبد الوهاب وال سعود لنشر المبادئ المنحرفة في المناطق العراقية والمتضمن كتاب محمد عبد الوهاب (التوحيد الذي هو حق العبيد) وبعد أن تدارس الشيوخ وعلماء الدين انابو عنهم الشيخ(عبدالله الراوي ) لكتابة الرد القاسي وشهدت الفلوجة اضطرابات بسبب قتل الضابط الانجليزي(جيراد لجمن ) على يد احد شيوخ العشائروانها فعلا مصيدة الجرذان باعتبارها بلد المقاومة حيث حاولت القوات البريطانية تأديب المقاومة هناك فواجهت دفاعا مستبسلا وشرسا من أهلها وهزمت في المدينة.
وبعد غزو واحتلال العراق عام 2003لم تقع في المدينة أعمال سلب ونهب وما تسمى (بالحواسم ) والتي انتشرت في بعض المدن في العراق وخاصة العاصمة بغداد , تظاهر أهل الفلوجة في نيسان ضد تصرفات الجنود الأمريكان نتيجة اعتقالات ومداهمات وسرقة محتويات البيوت واستشهد حوالي 17 شخصا من الأهالي وتعتبر الشرارة الأولى التي أدت إلى نشوب المقاومة ضد جيش الاحتلال الأمريكي والى ما يعرف بمعركة الفلوجة الأولى وأسقطت المقاومة في حينها طائرة من نوع (شينوك ) أمريكية مما أدى إلى مصرع 16 جندي وضابط أمريكي وجرح 26 آخرين وقتل 4 من شركة بلاك ووتر (سيئة الصيت والسمعة ) وتم سحل جثثهم في الشوارع وحرقها وتعليق الجثث على احد جسور الفلوجة,ردت القوات الأمريكية على المدينة بقصف مكثف انتقاما من أهالي المدينة وان أهالي الفلوجة تصدوا لتقدم القوات الأمريكية نحو المدينة وحرموها من السيطرة وتكبدت القوات الأمريكية حينها خسائر جسيمة وواجهت قتالا شرسا من أبناء الفلوجة فخرجت القوات من المدينة ذليلة مندحرة بعد سنة كاملة من القتال وأنجبت أبطالا مثل (عمر حديد المحمدي ) أثناء معركة الفلوجة الأولى والتي انتهت بهزيمة القوات الأمريكية وكان عدد المقاتلين يزيد على 600 مقاتل وعجزت القوات الأمريكية عن إخلاء جثثها وعقدت هدنة مع أبطال الفلوجة عن طريق ما يسمى بالحزب الإسلامي لإخراج المحاصرين من الأمريكان والدبابات والمعدات الأخرى ويقدر عدد القتلى الأمريكيين والمرتزقة(الجرذان ) نحو 27 ألف قتيل ومصاب واستشهد 12 مقاوم فقط من الفلوجة.
أما معركة الفلوجة الثانية فقامت القوات الأمريكية بقطع التيار الكهربائي والمياه عن المدينة وبقصف المدينة لأكثر من خمسة أشهر متواصلة في شهر مايس 2004 وبعدها قامت القوات الأمريكية بتدمير المستشفيات والمراكز الطبية واستخدم المحتل مختلف الأسلحة الكيميائية المحرمة دوليا مثل قنابل الفسفور والنابالم شديدة الاحتراق والقنابل العنقودية سريعة الانشطار وقامت بعمليات تخريبية لبنيان ومساجد وبيوت المدينة واستشهاد أكثر من ألف وأربعمائة شخص من المدينة وتم دفن جميع الشهداء في مقبرة شهداء الفلوجة وقتل وجرح أكثر من 700 جندي أمريكي ومرتزق غازي وان اغلب الجثث الأمريكية رميت في النهر وأخرى تركت جثثها في الصحراء طعاما للذئاب وفي 15/11/2004 أعلن علاوي انتهاء معركة الفلوجة.وعندها شكل الأمريكان (الصحوات ) التي كانت من بنات أفكار الجنرال الأمريكي (ديفيد بترايوس ) الذي عين بعد إقالة سلفه خصيصا لانتشال الجيش الأمريكي من المستنقع العراقي ومبادرته بإنشاء الصحوات وذلك بإغراء بعض العشائر بالمال حينا وبالجاه حينا آخر وهي من المبادرات التي أثبتت فعاليتها في إخماد نار المقاومة العراقية من جهة ونار تنظيمات وتفجيرات القاعدة التكفيرية التي كانت تستهدف الأبرياء من الشعب العراقي ومن كافة الطوائف والأديان وتم خلط الأوراق على الشعب العراقي ما بين المقاومة ضد المحتل وما بين العمليات الإرهابية لتنظيم القاعدة وقد نجح التخطيط الأمريكي بهذا الاتجاه.
أما المعارك الأخيرة لعشائر الرمادي عامة وعشائر الفلوجة بوجه خاص التي ساندت قوات الشرطة والجيش في محاربة وقتل وطرد ما تبقى من فلول الزمر الإرهابية من (داعش ) وغيرها بعد أن كانت هناك رغبة أمريكية بعد التوافق الدولي والإقليمي بتسوية ألازمة السورية بعد فشل المخطط الأمريكي وكسب جبهة المعارضة بقيادة روسيا والصين وإيران ودول البركس الأخرى دخلت هذه القوى التكفيرية الظلامية إلى العراق ولبنان بعد إغلاق الحدود الأردنية والتركية بوجه هذه القوى بعد تلقيها الضربات الموجعة على أيدي الجيش العربي السوري البطل.
ان ابناء العشائر هم الشريحة الكبرى من التجمع العراقي وان (كان قد حصل من بعضهم التصرفات التي لا تليق بقيمنا وأخلاقنا وعراقنا وديننا فهي لم تسرب منهم وغرد خارج سرب قياداتهم وهؤلاء لا يتجاوزون 5 بالمائة حيث أن هناك من حاول استغلال هؤلاء السيئين لتشويه صورة العشائر وانتمائها الوطني والعروبي وقيمها الأخلاقية والإسلامية
وكما قال "تشرشل " قد تضطر الأمم إلى الحرب حتى مع فقدان الأمل في النصر وذلك لان الفناء خير من العبودية , ودائما في معركة الحرية يتساقط الضعفاء من قادة الشعب على جانبي طريق الكفاح ويبقى الأقوياء وعلى أكتاف هؤلاء تتنسم الحرية أنفاسها ويبنى مجد الوطن ..وستبقى الفلوجة مقبرة للغزاة والإرهاب من "داعش وباعش" بفضل سواعد الجيش العراقي والشرطة والعشائر المقاتلة الأصيلة التي لا ترضى بالذل والهوان وستبقى الفلوجة مصيدة للجرذان على طول الزمن......!!
مقالات اخرى للكاتب