كان الكاتب والمؤلف المسرحي الساخر لينين الرملي يبحث عمن يستطيع أن ينتج له "شاهد ما شفش حاجة"، بعد أن رفض اغلب المنتجين التعامل مع نصه المسرحي واصفين ذلك بالمغامرة، فتعهد الفنان عادل أمام بتقديم تلك المسرحية ووفق اتفاق ابرم بين الكاتب والبطل تضمن استقطاع نسبة من قيمة المردودات المادية العائدة من العرض إلى حساب "الرملي" ، وبعد أن وجد "سرحان عبد البصير"، طريقا إلى المسرح، كانت حينها مصر بأجمعها تضحك أثناء فترة عرض المسرحية باستثناء كاتب المسرحية الذي كان يبكي لعدم التزام الزعيم بالعقد الموقع بينهما فكان نصيبه منها البكاء فقط، وحقيقة ان تلك الحادثة تتشابه كثيرا مع ما طفى على السطح في العراق مؤخرا بخصوص "وسامة" أمين بغداد، فالأغلب الأعم تعامل معها بطريقة التهكم والاستهزاء بفهم لم يتعدى ان "عبعوب" لايمتلك المؤهلات الكافية بأن يكون وسيما، وكالعادة فنحن دائما ما نتعامل مع المصائب المؤسساتية والسياسية بدموع حزبية أو بمنطق لايتعدى أكثر من تسقيط وتهكم، ولكن في المقابل عندما كان الجميع ضاحكا من تصريحات الأمين، كانت بغداد تنزف قهرا وهي تزف إلى غرفة "عتريس" في زواج غير شرعي، دون أن نقرأ ما قاله المؤتمن، بصيغة تساؤلية كيف له أن يكون وسيما في عاصمة ممزقة الثياب.
إحدى الاستراتيجيات التي اعتمدها زعيم الهند المهاتما غاندي في نضاله ضد الاحتلال البريطاني لبلده، انه رفض ان تحلق لحى الهنود بشفرة بريطانية، مما تسبب في فقدان الشعب وسامته إلى ان تمكن من إنتاج ماكنة حلاقة بصناعة وطنية، وهنا المفارقة أن الوسامة تحتاج الى مقدمات لا الى شخصنة المصالح العامة وتحويلها الى اسماء طارئة،ولكن على مايبدو ان العراق وفرنسا يتشاطران ذاكرة سيئة الصخور، فهي لم تنس سفنها التي غرقت وجنودها القتلى بسبب صخرة "نوتردام" أثناء حربها مع فيتنام في خمسينيات القرن المنصرم، ولا نحن نستطيع ان نغادر طوفان منازلنا التي أرهقت جدرانها بسبب صخرة "الأحزاب".
حقيقة لا اعرف بالتحديد لماذا اختار أمين بغداد، الجارة إيران منصة للإعلان عن نفسه "وسيما" فيما أن رئيس الجمهورية السابق مهندس طهران احمد نجادي وصل إلى رئاسة إيران ببطاقة نجاحه كأمين للعاصمة، ولنغادر تفاصيل الحادثة واذهب الى تلك المرأة الستينية الجالسة على إحدى الأرصفة وهي تحمل ميسان في وشم خُط على حنكها، ترتدي ثوبا من الصعب معرفة لونه الحقيقي بسبب تعاقب السنين عليه، ترمي عمرها مابين عوز موزع على الشوارع، وهي تخبرني عن قصتها التي بدأت مع استشهاد زوجها في حرب الشمال في سبعينات القرن الماضي، لتواجه قدرها بثلاثة بنات وولد، قضت أحداهن بمرض عضال دون ان تسطتيع معالجتها بسبب التكاليف المادية الباهضة، فيما استشهد ولدها بتفجير انتحاري قبل عامين، تاركاً لها ثلاثة أطفال، وكأن لسان حالها يريد أن يقول ان الحروب والمرض والأنظمة أفقدتها وسامة الثياب وأناقة أطفالها.
مقالات اخرى للكاتب