وراء كل الاحداث الكبرى ابحث عن روح الجماهير ، فالمجازر وحفلات دوائر الامن والاستخبارات واغتصاب الكويت والمعارك مع كل دول العالم كانت نابعة من روح الجماهير والتاريخ ومتوارثة عبر الجينات ، فالاحداث الكبرى لا يقوم بها شخص واحد بل بتحريض من الجماهير،
في النهاية لا يهم اختفاء الدكتاتور فانهم سيجدون شخصأ يعبدوه ، انسان خارق للعادة ، يعظموه ثم يخافون من قوته المنسوبه اليه ، يمنعون النقاش وينشرون عقيدته ( عقيدتهم) التي تصبح كالدين ، ثم يجدون اعداء تاريخيين لهم ( الصفويون والكفار والصهيونية) و يحاربوهم بشراسه ويخسرون كل حروبهم ويذهبون لجنان النعيم، فحفلات الشواء الادمي لا تنتهي،
الانسان البدائي دائم البحث عن شئ يعبده، و التدين عادة ليس فقط عن طريق عبادة اله خرافي متوحش بل بالتعصب والخضوع لفكرة او عقيدة يمثلها شخص خارق،
يصنعون الطغاة ويثورون عليهم.
ان المجتمع العربي والعراقي بالذات محافظ، بمعنى انه يريد الابقاء على العادات والتقاليد كما كانت منذ مئات السنين ويفتخرون بذلك ، و الكثير منه عائد من الخوف على الدين والشرف، فالعربي يخاف على دينه ويخاف على شرفه ويعتقد ان الحضارة والتغيير سيسلب منه دينه وعرضه، وهذا يؤدي الى الجمود، والتخلف، والمصيبة انهم ثوريون وعنيفين بنفس الوقت، فبين حقبه واخرى يثورون ويقلبون انظمتهم رأسا على عقب ويهدمون كل ما بنوه من مؤسسات وبنيا تحتيه، يحاولون ان يكسروا التقاليد والموروث بعد ان مللوا منها،
وهذا الكسر العنيف للتقاليد يجلب الفوضى والانحطاط والفقر ، ومع الثورة وحب التغيير هنالك رغبة شديدة لترسيخ التقاليد والاعراف وهو ما يحصل الان ، فالعراقي يريد الثورة والتغيير العنيف والحفاظ على التقاليد بنفس الوقت وهذا غير ممكن،
فالدول والشعوب لكي تتطور يجب ان تحافظ على القديم وتدخل التغييروالتجديد بصورة تدريجيه وبطيئه،
وهذا ماتراه حتى في بيوتهم وممتلكاتهم، فانت اذا دخلت بيت عائلة انكليزية ستجد اثاث وكتب وصور ولوحات وحتى ادوات مطبخ قديمة ويتم ادخال الجديد بصورة تدريجية، اما نحن فلو نستطيع لغيرنا الاثاث والمعدات والزوجه كل يوم.
حتى بناياتهم يتم تجديدها بصورة تدريجيه، فترى المدخل قديم والداخل تحفه معمارية حديثة، ونحن نهدم القديم ونبني بنايات عشوائية بدل عنها
انها الطبيعة البشرية لسكان هذه المنطقة، عينهم على الارض والسماء، يعتبرون الحياة حرام ومفسدة ومضيعة للوقت وبنفس الوقت يريد ان يعيش حياة هانئة ،انهم يتعبدون في الصباح ويلعبون بالبيضة والحجر في الليل وهذا تناقض وهلوسة تجلب الاضطرابات النفسية.....
فالشعب الذي صنع طغاة ودول فاشلة عبر التاريخ قادر ان يستمر على نفس النهج ، حتمية تاريخية كما يقال
لا تيأسوا والعالم يتفرج بدهشه ..
مقالات اخرى للكاتب