بحكم المهنة وليس فضول التعلم ، اتابع ما يجري من قفزات هائلة في دولة الامارات العربية كل يوم ، ومن دون اي مبالغة كل ساعة . ومن يتابع هذه القفزات سيشهد ويشاهد بام عينه وخالتها ايضا تطورا هائلا يجري من حيث المشاريع ، وجزء كبير من هذه المشاريع يخص البنية التحتية . وشد ما يضحكني ان قطاعا واسعا منا يخدر نفسه بالقول ان هذا التطور الاماراتي مادي فقط ولا يدخل في اعماق الانسان . آخر ما تابعته بناء مساكن مجانية لمئات المواطنين من ذوي المداخيل المنخفضة . طبعا دخل منخفض في الامارات لا يعني التسول الذي يملأ شوارعنا وحاراتنا ، فالنظام يكفل لمواطنه حدا ادنى من الكرامة توفر عليه مد كفه للسؤال والتسول . هذا مفهوم لكل ذي عينين ولا ينكره حتى اولئك الذين مازالوا حتى هذه الساعة يتشبثون بصورة فتوغرافية قديمة تظهر احدى ساحات مدينة البصرة وهي زاخرة بالحركة والعمارة والنظام المروري قبل اكثر من نصف قرن ، في وقت كانت الامارات عبارة عن ارض جرداء من غير زرع . ما يجمعنا بالشعب الاماراتي اننا مؤمنون برسالة واحدة تؤمن بقدرة الله على قلب الامور راسا على عقب في زمن لا يتجاوز المسافة بين الكاف والنون . وان عبارة "ان شاء الله" لا تسقط من السنتنا وان الدعاء بالتسديد والتوفيق لا ينفك تمضغه افواهنا آناء الليل واطراف النهار . عندما كنا نستهشد بالنجاح الالماني او الياباني كنا نواجه باعتراض المعترضين بان من الظلم الفاحش مقارنتنا بهذين العقلين الجبارين . وهاهي جارتنا الامارات سحبت البساط تماما من تحت اقدام هؤلاء الذرائعيين وسلبتهم حجتهم الواهية التي بها يتذرعون . كارثة عظمى ان تصبح عبارة "ان شاء الله" عكازة بالية نضع عليها كل اسباب الحياة فاذا اخفقنا وهذا هو المتوقع والواقع فان الرد سياتي سريعا بان الله لم يشأ وان في ذلك صالحا لنا وصلاحا . والكارثة الاكبر اننا نترصد حلول ليلة الجمعة وصبيحتها لنفرغ كل ما في مفاتيح الجنان من دعوات لله بالتوفيق . فيما القران الكريم الصادع بالحق يقول " اعملوا فسيرى الله عملكم " " ومن يعمل مثقال ذرة " و من ثم توكلوا على الله . خير الانبياء محمد "ص" قالها قبل ١٤ قرنا "اِعقِلْ وتوكل " ، فوضعنا القطن في اذاننا عن الجزء الاول لانه يدعو الى الحركة ، وتشبثنا بالجزء الثاني من وصية الرسول الكريم الذي لا ينطق عن الهوى . والسبب واضح ان الجزء الاول يطلب منا عملا وهو ان نعقِل ، اما الجزء الثاني فهو سهل يسير ولا يتطلب جهدا ، حتى ان عبارة "ان شاء الله " اصبح تكرارها اقرب الى العادة منها الى الايمان بمشيئة الله ، بدليل اننا اصبحنا نستخدمها للزمنالماضي ايضا . التاريخ "الصحيح منه على الاقل " لم يذكر لنا يوما ان محمدا "ص" ذهب الى معركة دون الاعداد لها معتمدا على المشيئة الالهية فقط ، مع علمه المطلق بانه اقرب المخلوقات لرب العالمين . او ان عليا بن ابي طالب قهر احد اعدائه - وكلهم ابطال متمرسون متمترسون - باكتفائه بعبارة "ان شاء الله" ، كان ابو الحسن "ع" يجندل الابطال بقوة الايمان الراسخ والجسد المفتول والاطمئنان الى عهد الهي بنصر من ينصره و قد اعد العدة اللازمة والاسباب المطلوبة لهذا النصر . وهذا هو الفرق بين علي والملايين التي تزعم السير على خطاه . رحم الله القائل : قد كنتُ أقربَ للرجاء فصرت أقربَ للقنوطِ ... كلُّ البلاد الى صعودٍ و العراقُ الى هبوط.
مقالات اخرى للكاتب