شهدت الفترة السابقة حالة تراجع كبير في الملف الأمني على مستوى بغداد والمحافظات ترتب على أثرها سقوط العشرات من الشهداء والجرحى بصورة يومية دون ان تتمكن الأجهزة الأمنية الكثيرة من وقف تسابق السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة والاسلحة الكاتمة والجرائم المتنوعة لان تحصد ارواح الابرياء وعلى مدار الساعة.
ويمكن وصف ما يحدث يوميا في بغداد والمحافظات "باستثناء إقليم كردستان "من قتل وتدمير وتفخيخ وتهجير وتهديد بحرب ابادة لان معدل الشهداء والجرحى الذين تنالهم يد الغدر والإرهاب يتجاوز المائة شهيد وجريح وهذا الرقم حالة استثنائية في دولة تدعي ان لديها مؤسسة عسكرية ولديها قوانين نافذة ولديها قيادة عليا للقوات المسلحة ولديها وزراء أمنيين حتى لو كانوا بالوكالة وقد لا يحدث مثل هذا الانهيار في دول ليس لديها ربع إمكانيات العراق المادية والبشرية ولديك الصومال مثلا فهذه الدولة لا توجد فيها حكومة حقيقية لكن الوضع الامني يكاد يكون مستقرا وقد يمر شهر او أشهر دون ان يتم ذكرها في الإعلام اما العراق وأبناءه ودمائه فهما مانشيت عريض يومي للصحف ومادة غنية بالمتفجرات والصور المروعة للفضائيات والمواقع الالكترونية.
ورغم ان ما يحدث من خروقات أمنية يمثل أسوء حالات الخرق لانه يحصد أرواح العشرات بل المئات من الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال الا انه لم يحرك من حمية الحكومة والقادة الأمنيين على مدار السنوات الماضية بل ان الامر تجاوز حتى الاهتمام والشجب وأصبح امر مقتل العشرات من العراقيين امر طبيعي وقد يكون خبر فقدان خمسة خراف في محميات نيوزلندا الطبيعية اهم من استشهاد عشرات العراقيين بدليل ان المؤسسة العسكرية العراقية لم تغير اسلوبها او قادتها مع كل ما يحدث من جرائم وحرب ابادة وكان العراق قد خلى من الرجال ولا يوجد غير الغنام والفتلاوي وصاحب شهادة الماجستير الاوحد الامجد عدنان الاسدي.
بل ان الاسوء من القتل والتفجير والتفخيخ هو ما قامت به الحكومة والقيادة العسكرية على وجه التحديد من محاولة ذر الرماد في العيون واعلانها عن جملة من الاجراءات الوهمية تمثلت بتغيير وتبديل عدد من القادة الامنيين الا ان هذه الاجراءات لم تكن الا وصفة مهدئة ومخدرة تتماشى وطبيعة تفكير مجتمع لا يفرق بين الحياة والموت لان واقع الحال ومن خلال شهادة لجنة الامن والدفاع النيابية يقول ان ادعاء الحكومة بتغيير القادة الامنيين لم يكن الا كذبة مفخخة وضعتها الحكومة العسكرية خبر مقدما للضحك والاستهزاء بارواح العراقيين.
ان القائد العام للقوات المسلحة عليه ان يصدر مرسوما يوضح فيه من هم القادة الامنيين الذين تم تبديلهم ومن هم الذين تم تغييرهم ومن بقي بمكانه وعلى هؤلاء القادة الجدد ان يبينوا ما هي الخطط التي يرمون تطبيقها ولو بشكل اجمالي حتى لا تستفاد منه المجاميع الارهابية وان كان المعتاد ان الخطط هذه تصل الى هذه المجاميع قبل ان يتم تطبيقها على ارض الواقع من خلال العمولات الجيدة والتي تحقق الاستمرارية للقادة الاشاوس الماسكين بمواقعهم بقوة الدولار.
ان الخلل الحقيقي ليس في النقل والتغيير بل في قمة الهرم العسكري الذي فشل في مهمته خلال سبع سنوات والذي يستهين بدماء العراقيين حتى وصل به الحد الى الضحك على هذه الدماء الشريفة من خلال اكذوبة التغيير والنقل والتبديل وحتى لو كانت حقيقية فهذا النقل والتغيير سيبقى قاصرا وقاتلا طالما بقيت العقيدة العسكرية فاسدة ومخترقة.
مقالات اخرى للكاتب