اكاد اجزم ان كل عراقي يستهل مقاله بعبارة "اللهم لا شماتة" فهو شامت لا محالة ، وغالبا ما تردف هذه العبارة باخرى متممة لها مفادها "ان الشماتة شيمة الجبناء" . (بالمناسبة العبارة موزونة وتصلح ان تكون عجزا لبيت في الحكمة لمن شاء ان يضعها في سياق شعري ) . ولم تتردد هذه العبارة على مسمعي ومنظري بالكثافة التي ترددت في الآونة الاخيرة على لسان العراقيين وتحديدا بدءا من اندلاع الصراع الدامي في سورية . "الضيم " الذي تجرعه العراقي في غضون السنوات العشرة الاخيرات جعله يتمنى ان يجري - ولو جزء منه كحد ادنى - في كل بلد عربي . فما تجرعه بعد سقوط طاغية تكريت هو من نوع ظلم ذوي القربى الذي هو اشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند كما تفضل علينا ابو محسد المتنبي . قل لي ان روسيا تخشى الجيش القطري ساصدقك ، لكن ان تقول لي ان هناك عراقيا شريفا لا يتمنى ان تلتهب الارض في المدن السعودية "خلا الاماكن المشرفة" ، فهذا ما لا يسعني تصديقه رغم ثقتي المطلقة فيك وفيما تقول . ولكي تتاكد من ذاك بنفسك تابع تعليقات وكتابات العراقيين على ادنى تحرك معارض في خِربة آل سعود . وما يتمناه العراقي لمهلكة النفط يتمناه لمصر والاردن وتونس والجزائر وليبيا والمغرب والامارات وقطر واليمن والسودان والكويت، فجميع هذه الدول التي تسمى جزافا بالشقيقة - شقق الله ارحامها - ارسلت مخابراتها ,بدرجات متفاوتة, شواذها وشواذيها لحجز بطاقاتهم في جنة الفردوس من خلال تفجير العراقيين في الاسواق والحسينيات والبيوت والمتاجر وكان الهدف الطائفي المقيت من هذه الهجمات واضحا جليا لكل ذي بصيرة ، وان حدثت خروقات في مناطق اخرى فانها نفذت من اجل الاستثارة أو ذر الرماد في العيون للايحاء بان جميع العراقيين مستهدفون بلا استثناء . وبجردة حساب بسيطة يمكننا اكتشاف عدد وبشاعة التفجيرات التي وقعت في المناطق الشيعية وتلك التي استهدفت مناطق سنية . شخصيا سيان عندي في الاسى مقتل اي عراقي في اقصى نقطة من محافظة الانبار محاذية للحدود السورية الى ابعد مواطن يعالج الحياة الشاقة في صفوان ، لكن ذكر الحقائق شىء والعواطف شيء آخر ، ومن لا يميز هاتين النقطين عن بعض سيسارع الى اتهامي بالطائفية وهي حيلة العاجز والتهمة الجاهزة التي يحتفظ بها تحت ابطيه . اذا كانت ثمة صفحة بيضاء سيفخر بها العراقيون ذات يوم في تاريخهم المعاصر فهي ترفعهم عن المقابلة بالمثل . وهل اسهل من تنفيذ تفجير في اي مكان من ما يسمى تعسفا بالعالم العربي انتقاما لما جرى في العراق . اذ تكفي سيارة "اوبل" المانية متهالكة او "كية" كورية لا يتجاوز سعرها خمسة الاف دولار وتلغيمها بخمس هذا المبلغ و تجنيد متاسلم جهادي ضال بائع الدم والضمير لتفجيرها وسط سوق يعج بالمتبضعين الابرياء او مسجد لمصلين . وسيكون الاجر والثواب مضاعفا في هذا الشهر الفضيل ، فالحجز خلاله على سويت فئة سبع نجوم في الجنة وتناول الافطار مع اشرف الخلق ايسر من شهور الله الاخرى . منذ اكثر من مئتي عام والوهابيون لم يفرطوا بفرصة واحدة للبطش بشيعة العراق ومنذ تاسيس مصنع الارهاب هذا والشيعة هم الهدف الاول الذي يوفر اقصر الطرق للوصول الى جنة عرضها السماوات والارض ، ولان هذه المدرسة المفرخة للارهاب والارهابيين مدعومة باكبر ماكنة نفطية تنتج الدولار فان اذرعها الاخطبوطية المهلكة امتدت الى جميع البلدان العربية بلا استثناء بل وابعد من ذلك ، وكلما تمددت هذه الاذرع ، تضاءلت فرص العراقيين في الحياة . وبعد كل هذا ياتيني "بطران" لا يعرف الكوع من البوع ليكتب لي بالبونط العريض ان الارهاب لا دين له . نعم ، اقولها ملء فمي : الارهاب له دين ودينه واضح لمن لا يرضى بالمجاملة على حساب قولة الحق . اتابع منذ يوم الاحد آراء "اشقائنا " العرب على تاهل منتخب شباب العراق للدور شبه النهائي في نهائيات كاس العالم ، وما قراته من تعليقات ناقمة على انجاز " منتخب الروافض" جعلني اتمنى لو كنت بوذيا لم يسمع بدين اسمه الاسلام أو كتاب اسمه القرآن أو نبي اسمه محمد "ص" . اذا كانت جبنا الشماتةُ بزعزعة الارض تحت اقدام هذا الاخطبوط الوهابي الفتاك أو من احتضنه او من والاه او من مهد لانتشاره ، فليشهد الثقلان انني اول الجبناء ، وانا على يقين من اني لن اكون اخرهم اطلاقا ، فكلنا شامتون على استحياء ، ونترقب على احر من الجمر حدوث ما يثير الشماتة . فاذا كانت اخلاقنا لا تجيز لنا المقابلة بالمثل بتفخيخ الاسواق والمساجد والمتاجر , أوممارسة الذبح الاسلامي الحلال مع البشر ، فلا اقل من الشعور بالشماتة حتى وان كانت شيمة الجبناء كما تزعمون . اللهم لا،لا شماتة !!!
مقالات اخرى للكاتب