ما الغرابة فيما يحصل، فمن جد وجد، ومن زرع حصد، هكذا علمونا عندما كنا صغاراً، ومن الطبيعي أن يجد الإنسان عند جنيه لزرعه، ما وضع في أرضه من ثمار، فلم نسمع من قبل إن فلاحاً زرع قمحا، ليحصد شعيراً، وما يحصل اليوم على ساحة الوطن، هو نتاج سياسات الحكومة الحالية، بحقبتيها، وربما بتأثيرات الحكومتين السابقتين، وان قل تأثيرهما.
أن التخبط الحكومي، في السياستين الداخلية والخارجية، هو ما أوصل البلد إلى هذا الحال، إضافة إلى الطريقة المبهمة، والمعايير المزدوجة في اختيار الشخصيات لمواقع المسؤولية، فضلا عن الطريقة الحكومية الغريبة في بناء المواقف داخليا وخارجياً.
الأمثلة كثيرة، فعلى صعيد السياسة الخارجية، نلاحظ هيمنة الإخوة الكورد على مفاصل وزارة الخارجية، فاغلب السفراء في الدول المهمة هم من الإخوة الكورد، وبتعبير أخر إن الدول (الدسمة) من حصتهم، أما الدول (نصف الدسمة أو الخالية من الدسم) توزع على الشيعة والسنة.
ولا اعرف حقا إن كان هناك فقرة في الدستور تنص على ذلك، أم إن الأمر من نتاج اتفاق اربيل، وحكومة المحاصصة البغيضة، ووفقاً لأساس المحاصصة، ركن شرط الكفاءة على الرف، إن دولة بثقل الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً، أو دول الاتحاد الأوربي أو الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ينبغي أن يتصدى لتمثيلنا فيها أصحاب الخبرة والكفاءة وطويلي الباع في عالم الدبلوماسية.
العراق يحتاج من يمثله لتوضيح وجهات النظر في شتى القضايا الداخلية والخارجية، يحتاج لمن يبين للأصدقاء شرحاً للقرارات الحكومية في جوانب معينة ومعقدة، قد يؤدي فهمها خطاً إلى ضمور وفتور في العلاقة بين العراق والدول الصديقة الأخرى.
أما في الشأن الداخلي فأخطاء الحكومة، كثيرة جداً، و تحتاج إلى وقفة جادة، يجب أن يستعيد الشعب ثقته بحكومته وبرلمانه، وها نحن نشاهد العراق تحيط به الويلات والخراب، والسادة النواب لا هم لهم سوى حصصهم وكراسيهم ورئاساتهم، وأخال الكثير منهم يطبقون خططا مستوردة، لتحطيم الشعب وتقسيم البلد، جلسة يتيمة مكسورة الأطراف، ردد بها النواب القسم، ليضمنوا الحصانة، وبعدها نصف ساعة للاستراحة وتناول (الزقنبوت)، ثم خرجوا غير آبهين بالشعب وتطلعاته، المهم الحصانة والامتيازات وليذهب العراق وشعبه إلى ... .
على المخلصين من أبناء الوطن أن ينتبهوا، إن كنتم أحراراً وتهمكم مصلحة العراق وشعبه ووحدة أراضيه، فها هو الوقت قد أزف لتثبتوا ذلك، قدموا لشعبكم كما إن الشعب قدم لكم، ووضع ثقته بكم، ورفعكم على أكتافه، فاليوم هو يومكم، يوم جهادكم.
أما الحكومة الموقرة القادمة أيا كان رئيسها، فهي أمام حمل ثقيل، أهمه أن يعود توحيد الشعب المنقسم، وان تكون هناك عدالة، أن يكون هناك بناء، والأولوية لبناء الإنسان العراقي المحطم، أن يعامل الكل على حد سواء، وان تقسم خيرات البلد بالحق، على محافظاته وعلى أبنائه، وان كنت أتمنى أن تشكل بسرعة وبتوافق حقيقي، وليس بصفقات سياسية مشبوهة، والى أن تتشكل الحكومة، لكم طول العمر و..سلامي.
مقالات اخرى للكاتب