آن الأوان وحانت ساعة وضع النقاط على الحروف.
فقد دقت جميع الأجراس واستنفدت جميع المهل وبان هلال كلّ عاشوراء وكربلاء وما عاد من قول غيرمقولة فيروز " الآن الآن وليس غدا ".
فهناك أرواح تزهق ودماء تسيل وعوائل تشرد وأطفال ييتمون بينما " نواطير " العراق في شغل شاغل وفي شقاق ضيّق وجدل عقيم حول مصدر الشرّ الذي يضرب العراق: أهو جنوبي أم شرقي أم شمالي غربي؟ أهو خفيف السرعة أم مشمس أم محمّل ببرق ورعود؟
حالنا مع عدونا هو حال فريسة يطاردها وحش شرس. تتوقف الفريسة لتسأل عن نوع هذا الوحش: أهو ذئب أم ضبع؟ وما الفرق ما دام البلد سيكون في فكّ أي منهما لقمة يسوّغها غباؤنا وقلة حيلتنا وتدبيرنا.
لنترك النغمة المشروخة عن السعودية الوهابية وتركيا العثمانية وعن داعش المجرمة وحلفائها الخونة من صداميين ووهابيين هنا وهناك.
ولنلتفت إلى ما تفعل دولتنا وما يفعل سياسيونا وبرلمانيونا؟
وهل غاية ما يفعلون إلا أن يلعنوا العدو ويصمونه بكلّ شائن معيب؟
وماذا عن الفعل؟
المقاتلون يقاتلون هنا وهناك فماذا عن القاعدين؟
ما الذي يفعلونه؟
" يواسون " و " يدينون " ويتحينون الفرص لجني المزيد والمزيد والمتاجرة بالمزيد والمزيد والضحك على المزيد والمزيد وكيل الشتائم والتهم لبعضهم البعض ولكل من يتعرّض لهم.
وماذا يجني أبناء الكرادة من كلّ ذلك؟ وماذا جنى أهلنا في الشعب والصدر والكاظمية والحريّة وبغداد الجديدة؟
نعم. ماذا جنى أهلنا الشيعة من كلّ ذلك غير الموت والألم والدموع؟
يقولون داعش؟ نعم داعش.
يقولون أزلام النظام السابق؟ نعم أزلام النظام السابق.
يقولون الوهابية والعثمانية؟ نعم الوهابيون والعثمانيون الجدد.
لكنّ هؤلاء أعداء، ولا يمكنك أن تلوم عدوا ولا أن تشكو من قوته ولا من سعة حيلته ولا من خداعه ومكره. فالعدو عدو.
ما علينا هو أن نلتفت إلى " حماة " ديارنا و " ولاة أمورنا " لنحاسبهم على ما قصروا ويقصرون في حقنا جميعا، من مات منّا ومن ينتظر، فسادا وتجارة وتقصيرا ما بعدها من فساد وتجارة وتقصير.
الكرادة لن تكون الأخيرة. والفلوجة لن تكون نهاية المطاف ما دامت العلّة موجودة والسبب قائما.
فالحمّى تأتي من القدمين لا من بيت الجار.
مقالات اخرى للكاتب