مازالت واشنطن ترفض إرسال صفقات السلاح التي اشتراها العراق بـ500 مليون دولار ودفع ثمنها مقدماً.. وبالمقابل مازال صناع القرار في العراق يتصرفون بغباء، ويجهلون أنهم لو أبرموا اليوم صفقة سلاح مع روسيا بنفس المبلغ أو أكثر فلن يطلع فجر غدٍ إلا والأسلحة الأمريكية في بغداد ومعها إعتذار رسمي من البنتاغون عن التأخير..!
لحد الآن العراق لم يحسب جدوى التدخل الأمريكي الذي يكلفه (7) ملايين دولار يومياً، ونفقات (1600) خبير عسكري. فأمريكا كل همها اليوم ليس ضرب داعش بل بقاء داعش وتمددها بعيداً عن كردستان ريثما تفرض إملاءاتها السياسية. فمنذ ماقبل احتلال الموصل فرضت على الحكومة التفاوض مع قادة نظام صدام. واليوم تجري في الأردن وتركيا سلسلة مفاوضات أمريكية- عراقية مع المئات من كبار قادة نظام صدام العسكريين لاعادتهم وإيلائهم مناصب قيادية عليا. وهذا هو جوهر مشروع (إعادة هيكلة الجيش العراقي) الذي تصر عليه واشنطن، وأطلقت لأجله سراح الفريق سلطان هاشم.
الظريف في الأمر، أن قادة نظام البعث باتوا يستغلون الخنوع الرسمي للإرادة الأمريكية بإعلاء سقف شروطهم إلى رفع رتبهم العسكرية والمطالبة بتعويضات هائلة، مما سيحولهم الأمر إلى "ضباط من الدرجة الأولى" يتمتعون بامتيازات تفوق كل مايتمتع به أي ضابط عراقي شريف جاهد وقاتل الارهاب طوال السنوات الماضية..!!
ولعل أخطر ما في لعبة إعادة الهيكلة هي أن إعادة ضباط صدام لمناصب رفيعة وبامتيازات كبيرة سيحولهم إلى أداة لاجتثاث أو تهميش كل النخب العسكرية الوطنية المخلصة الذين يعملون في الوحدات والمراكز التي ستصبح تحت قيادتهم.
كل المخططات الأمريكية للعبث بالعراق "غــير واقعيــة وقابلــة للفشــل الذريـع" لكنها تتطلب منا- كقوى شعبية- زيادة ضغوطنا على صناع القرار العراقي للحد من خنوعهم للارادة الأمريكية وتنفيذ كل إملاءاتها.. وأعتقد هذا هو المعنى الذي قصدته اليوم المرجعية الدينية العليا في خطبة الجمعة حين دعت الى عدم التفريط بالسيادة الوطنية ورفض التدخلات الخارجية..
وهنا أقولها بملء الفم: إن بقي صناع القرار يتعاملون مع أمريكا والتحالف الدولي بنفس اللا مبالاة والبلادة السياسية فإنهم لن يصمدوا في مناصبهم طويلاً وسيواجههم الشارع الشعبي الذي لم يعد مستعداً للتفريط بالمزيد من أبنائه في أي مغامرات تعيد كلاب البعث السائبة في الخارج الى العراق للانتقام من شعبه الذي أسقط طغيانهم وفجورهم وإرهابهم.
مقالات اخرى للكاتب