أدعوكم لقراءة الخبر المنشور أمس في صحيفة الشرق الأوسط، وتأملوا في الكلمات التي قالها النائب المقرب " جداً " من رئيس مجلس الوزراء عزت الشابندر.. ودققوا جيداً في هذه اللحظة "التاريخية" التي بشرنا فيها من أن هناك وساطة للتقريب بين رافع العيساوي ونوري المالكي، وقبل هذا أتمنى عليكم إعادة مشاهدة " حديث الأربعاء " لعميد الأدب العراقي نوري المالكي الذي جاء فيه: "أنا على استعداد أن أستقبل مسؤولين سعوديين، أو أن أزور السعودية لإنهاء الخلاف " وانظروا معي إلى ابتسامة العديد من قادة ائتلاف دولة القانون، وهم يزفون لنا البشرى من أن وزير خارجية تركيا سيلتقي نوري المالكي قريبا في بغداد، وأن الأخير سيذهب إلى تركيا لمعانقة أردوغان.
ودعوني أسال سؤالاً بريئاً: هل يريدون منا أن ننسى.. وأن نمحي من الذاكرة، أن ائتلاف دولة القانون خرج علينا قبل عام ببيان اتهم فيه رافع العيساوي بأنه يقود منظمة "إرهابيه" اسمها "حماس"، وان لديهم أدلة مثبتة في هذا الصدد وهي أقراص مدمجة، تثبت تورط العيساوي شخصياً بهذا الموضوع وليس أفراد حمايته".
لن ننسى
أن المالكي خرج علينا صبيحة يوم من الأيام، ليقول بالحرف الواحد إن: "قطر والسعودية تتدخلان لإسقاط النظام في العراق" وأن السعودية " تصرف الأموال وتعقد اجتماعات وتحركات وتنفق ساعات من الوقت من أجل إسقاط النظام السياسي في العراق "
لن ننسى
أن المالكي ظل يردد خلال أشهر طويلة أسطوانة، أن "السياسة التركية تفتح البابَ لتدخلِ الدول في الشؤون العراقية، وان أردوغان يسعى إلى السيطرة على المنطقةِ بأكملِها من خلال تعزيز التوترات الطائفية "
وسمعنا أيضا بكامل وعينا رئيس مجلس الوزراء في خطاب علني يتهم مجموعة من السياسيين، بأنهم يسعون إلى إشاعة الإرهاب وتقسيم البلاد، وخرج علينا جمع من الناطقين باسم رئاسة الوزراء والداخلية والدفاع والقيادة العامة للقوات المسلحة والقضاء، كل منهم يحمل ملفاً قال لنا إنه يحتوي على مذكرات إلقاء قبض بحق رافع العيساوي وأبي ريشة وعلي السليمان وشخصيات أخرى من الأنبار، وحاول المالكي أن يقلد أوباما في مشهد مقتل بن لادن، فجمع أركان قيادته ليتابع معهم تفاصيل الإنزال الجوي على بيت رافع العيساوي، الذي انتهت فصوله بأن عادت المقاتلات تندب حظها، لأن العيساوي لم يكن في البيت!
وقبل أن أنقل فقرات بالنص من مذكرة إلقاء القبض على رافع العيساوي التي يحاول اليوم مندوب المالكي عزت الشابندر إخفاء تفاصيلها لا بد من إشارتين، الأولى أن شابندر ائتلاف دولة القانون، كان قد أخبرنا قبل شهر بالتمام والكمال من أن قضية العيساوي ليست بيد المالكي وإنما بيد القضاء، والثانية أن مواقع دولة القانون ومتحدثيها ومراكز دعايتها بدأت ومنذ اشهر في تلويث سيرة وزير المالية السابق، وطالبت في تظاهرة أشرف عليها القيادي سعد المطلبي بأن يعلق رافع العيساوي تحت نصب جواد سليم!
فهل يريدون منا أن ننسى، وأن نصدقهم وهم يهرّفون بالقانون والعدالة.
في حدود معلوماتي المتواضعة أن المالكي قال قبل زيارته الى واشنطن إنه يملك ملفاً عن "جرائم تتصل بسياسيين ونواب "، لكنه يحرص على استمرار العملية السياسية ولا يريد لها الفشل، ودعوني أسأل سؤالاً بريئاً:إذا كانت الملفات موجودة وأن هؤلاء الساسة قاتلون ومجرمون وسرّاق حسب خطاب المالكي، فهل دماء العراقيين وأموالهم رخيصة للدرجة التي تدفع رئيس مجلس وزرائهم المنتخب إلى الطبطبة على أكتاف أصحاب هذه الملفات الملغمة؟!
ودعونا نتساءل هل نصدق الشابندر أم نصدق المالكي؟ أم سنكتشف ولو متأخراً أن ما جرى هو طبخات للاستخدام وملء فراغ أدمغة الناس الحائرة؟ هل نصدق أن مؤتمراً سيعقد بين المالكي والعيساوي سيزيل آثار الحريق، وسيعيد البسمة إلى وجهيهما وهما يعلنان برنامج الاحتفال بالمصالحة التاريخية، وما الصورة الجديدة التي ستوزع فيها الابتسامات، وما المخطط الجديد الذي سيخرج من أروقة الساسة، الذي يضعنا في أتون أزمة جديدة؟ متى سيكون الحريق القادم؟ قبل أم بعد الانتخابات؟!