العراق مقبل على انتخابات برلمانية بعد أشهر وهي تعد حدثا مهما في حياة ومستقبل العراق والعراقيين لأنها تمس حياتهم اليومية ومستقبلهم والناخب العراقي بعد عدة تجارب انتخابية منذ انتخابات الجمعية الوطنية اكتسب وعيا انتخابيا لا باس به وازدادت ثقافته الديمقراطية ولابد أن تكون المشاركة أوسع إلا أن هناك عوائق ومسببات تشجع عزوف الناخب العراقي عن أداء دوره ، وتعد المشاركة الانتخابية إحدى سمات العملية الديمقراطية، وينظر لها على أنها وسيلة اﻻﺗﺻﺎل اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﺑﯾن اﻟﺣﻛﺎم واﻟﻣﺣﻛوﻣﯾن من خلال دفع ﺻﻧﺎع اﻟﻘرار إلى الاستجابة ﻟطﻠﺑﺎت اﻟﻧﺎخبين، كما أنها أداة رئيسة يتم فيها إضفاء اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣق اﻟﺣﺎﻛم ﻓﻲ اﻟﺣﻛم بيد أن تناول المشاركة الانتخابية اختلف طبقا لطبيعة هذا التناول والغرض منه والحقل المعرفي الذي تصدى له، فعلماء السياسة جنحوا إلى توصيف المشاركة الانتخابية بالفعل التطوعي، وكذلك على انه وسيلة سياسية، أو نشاط سياسي الهدف منه تحقيق هدف أو مجموعة من الأهداف التي تقود إلى المشاركة في صنع القرارات والسياسات العامة واختيار الحكام على المستوى المحلي أو الوطني. وفقهاء القانون تناولوا المشاركة السياسية من حيث ارتباطها بالشرعية والمشروعية، إلا أنهم رغم ذلك اختلفوا في توصيف الفعل هل هو حق أم واجب أو انه سلطة أم ذو طبيعة مزدوجة، ونقصد بالطبيعة المزدوجة انه يتضمن ركنين أو ثلاثة من الأركان التي ذكرت في آن واحد .. حق وواجب وسلطة .. أما علماء الاجتماع ، ولاسيما علماء الاجتماع السياسي فقد ركزوا على انه المجال الذي يتيح للأفراد أن يعبروا عن إرادتهم الشخصية، والتأثير في الحياة السياسية. ويخشى من أن تسجل الانتخابات التشريعية التي ستجرى في نيسان عام 2014 مستويات متدنية من المشاركة الانتخابية ويعزى ذلك إلى عدة أسباب لعل من أهمها الإحباط الذي بدأ يتسلل إلى قلوب وعقول الناخب العراقي من العملية الانتخابية والعملية السياسية ككل، نتيجة الفشل في الأداء الحكومي وأداء الطبقة السياسية ككل، وعدم تلبية مطالب الناس، وعدم القناعة بقدرة الصندوق الانتخابي على التغيير، فضلا عن استمرار نسبة واسعة من المقاطعين للعملية السياسية منذ البدء، يضاف إلى ذلك ضعف البنية الانتخابية وعدم قدرة المفوضية على القيام بدور فاعل لاسيما في المجال الإعلامي من اجل إقناع الناخب وتوعيته، فضلا عن الوضع الأمني المتدهور لاسيما في المحافظات الساخنة امنيا ، التي تعيق وصول الناخب إلى المحطة الانتخابية، كذلك فرض حظر التجوال وعدم السماح بتحرك المركبات، والتضيقات الأمنية، إضافة إلى ذلك صدور بعض الفتاوى التي تدعو إلى مقاطعة الانتخابات او التي يفهم أنها تدعو إلى مقاطعة الانتخابات، ناهيك عن الإعلام المعادي ودوره في التحريض على عدم المشاركة، كما ان العادات الاجتماعية تمنع على المرأة المشاركة الانتخابية، لاسيما في الأرياف. لذا فان هذه المتغيرات الطارئة والمستقرة، سوف تلعب دورا مهما في عزوف الناخب العراقي عن المشاركة الانتخابية، والإشكالية هنا التي تطرح نفسها بقوة ما البديل أو ما هي قوة التغيير البديلة المتاحة غير الصندوق لتغيير الوضع الراهن والانتقال إلى حالة أفضل للفرد العراقي أو للمجتمع العراقي؟
مقالات اخرى للكاتب