المهندس المعماري المشهور سنان الذي بنى مساجد عديدة واثاره لحد اللحظة محطة اعجاب كل الزائرين ، وبالرغم من روعة ما قدمه للمسلمين من مساجد ومدارس وجسور فهو يقول عن نفسه بأن في كل اعماله ( كنت مهندسا مساعدا ، فقط في بناء جامع السليمية في ادرنه وصلت الى درجة مهندس خبير). وها هو يضيف ابداعا اخر على ابداعاته في الحادثة الاتية:

في سنة 1991 يقول المهندس المسؤول عن صيانة الاثار في اسطنبول انه اثناء تعمير جامع( شيخزادةباشي ) استوجب تعمير قوس قنطرة لباب الحديقة المحيط بالجامع لتواجد النخر في بعض من الاحجار التى كانت تشكل القوس.

و يضيف المهندس نحن في كلية الهندسة تعلمنا نظريا كيفية بناء القناطر ولم تكن لدينا تجارب عملية في بنائها واجتمعنا مع الخبراء في البناء والبنائين للوصول الى طريقة لقلع الاحجار التالفة دون احداث اضرار او تغيير في شكل القوس الاصلي وكنتيجة اتفقنا على عمل قالب خشبي لوضعها تحت القنطرة ولتثبيت القالب الخشبي قمنا بحفر بسيط لتثبيت القالب لكي نقوم بعد ذلك بتبديل الاحجار التالفة على ان نوثق كل اعمالنا للاستفادة منها في التعميرات الاخرى.

رسالة بالكتابة العثمانية

وبعد ان تم تثبيت القالب بدأنا بإخراج حجرة التى علينا اخراجها اولا وهي بمثابة حجرمفتاح للتوصل الى الاحجار الاخرى وعندما قلعنا تلك الحجرة من مكانها وجدنا في نقطة التقاء الحجرين ثقبا فارغا يمتد الى قنينة زجاجية وفيها ورقة ملفوفة. واخرجنا الورقة ولم نتمكن من قرآتها وعرضناها لخبير بالكتابة العثمانية وقرأها لنا وهي رسالة مكتوبة من قبل المعمار سنان ويقول فيها:

ان الاحجار التى كونت هذه القنطرة عمرها تقريبا 400 سنة واحتمال تناخرها وتأكلها وارد وتحتاجون الى تعمير هذا الجسر واحتمال كبير فإن اسلوب البناء يكون قد تغير عندما تقرأون هذه الرسالة. وقد لاتعرفون كيفية بناء القنطرة من جديد ، لذلك اوضح لكم في هذه الرسالة كيف تقومون بتجديدها.

مخبرا عن مقلع الاحجار التى جلبها من اواسط الاناضول وتفاصيل هندسية دقيقة ، تم تطبيق الرسالة بحذافيرها في تعمير تلك القنطرة وجددت القنطرة واعتمدنا على التعليمات التى وضعها لنا المعمار الكبير سنان في التعميرات اللاحقة.

هذه الرسالة ان دلت على شيء انما تدل على مثال الرجل الذي عمل عملا واتقنه ، قد يصعب على العلم الحديث الان من بيان عمر الاحجار رغم تقدم التكنولوجيا ولكن سنان اثبت لنا ذلك قبل اكثر من اربعمائة سنة واضف اليها نوعية الورق والحبر الذي يبقى ثابتا طول هذه المدة.

ان مستوى المعلومات التى توصل اليها المعمار سنان كانت عالية جدا والادهى من ذلك ابتكاره حلا ناجحا لمشكلة قد تصادف بعد 400 سنة وهذا التفكير المبدع لايقوم بها الاّ النوابغ.

رحمة من الله على الاجداد وعلى كل الذين يخدمون البشرية ويعمرون الارض.