فجّر النائب جواد الشهيلي أمس قنبلة من العيار الثقيل. قال إن المالكي في اجتماعه أمس بالقيادات الأمنية أعطى توجيهات تقضي بطرد أي قائد فرقة من عمله إذا صوتت فرقته بأقل من ثمانين بالمائة على ائتلاف دولة القانون في الانتخابات الخاصة التي ستجرى بعد غد.
خطير وصادم هذا التصريح. ولذلك استدعى تكذيبا فوريا من المستشار الإعلامي للمالكي، علي الموسوي، الذي هدد بمقاضاة الشهيلي ما لم يبرز دليلا يثبت صحة كلامه، بل ان المالكي نفسه انشغل بالأمر فأصدر إثر قنبلة الشهيلي بيانا قال فيه انه سيحاسب أي جهة أو شخص يحاول التأثير في أصوات المقترعين في الانتخابات الخاصة لصالح أي قائمة انتخابية أو مرشح.
إن صح كلام الشهيلي فالتزوير بدأ منذ الأمس إيذانا ببدء الانتخابات التي يعرف أغلب العراقيين أنها ستكون مزوّرة، وبعض هذا التزوير يتخذ صفة قانونية، فنحن في دولة قانون، ومعاذ الله أن تقبل حكومتنا التزوير دون استخدام القانون.
من وجوه التزوير القانونية ما حكاه قبل أيام النائب وليد المحمدي الذي ذكر أن تأجيل الانتخابات في الأنبار والموصل سيعطي الفرصة لائتلاف دولة القانون كي يحصل على أكبر عدد ممكن من أصوات قوات الجيش والشرطة، وشرح الأمر بالتفصيل قائلا ان قرار تأجيل الانتخابات في المحافظتين سيسمح لقوات الأمن من الجيش والشرطة بالتصويت مرتين، الأولى في مسقط رؤوسهم والثانية في مناطق عملهم بالأنبار أو نينوى.
سيصوتون مرتين إذن، وبما انهم مأمورون بأن يحرزوا نسبة الثمانين بالمائة وإلا سيعاقبون، فنحن نعرف أي حيلة شرعية "قانونية" لجأ إليها المالكي الخبير هو وجماعته بالحيل الشرعية.
الديمقراطية ضعيفة هشة وبلا شخصية بحيث يمكن الضحك عليها بسهولة، مخاتلتها ومراوغتها واستغفالها، إن لم يكن بالضحك على آليتها "بالقائمة المفتوحة المغلقة والبين بين" فبالضحك على الناخب "زجه في جو طائفي مسموم قبل كل انتخابات"، وان لم يكن بهذا ولا بذاك فبالتحايل على القانون "تأجيل انتخابات بعض المحافظات"، وان استعصى كل ذلك فبترهيب قادة الفرق: أصواتكم أو مناصبكم!
نحن دولة قانون يا جماعة، أدعوكم بمناسبة هذه المعلومة الخطيرة إلى مشاهدة فيلم "محامي الشيطان" والانتباه للحوار الذي يجري بين الشيطان ومحاميه، حين يكتشف المحامي أن من أمامه هو ابليس اللعين ما غيره، حينها يسأل المحامي الشيطان: لماذا اخترت القانون مجالا لعملك؟ فيجيبه: لأن القانون يتخلل كل شيء، من الفن إلى الاقتصاد مرورا بالسياسة، كل شيء يحتاج إلى قانون ليكون، فدولتي "أي دولة الشيطان" دولة قانون. من يكون بيده القانون يستطيع أن يفعل الأعاجيب به، يقدر أن يخلط الحابل بالنابل ويخرج سليما معافى، ولا مجال لأن ننشئ معه حوارا كحوار الفيلم، إلا حين نعرف ألاعيبه، لكن قبل ذلك علينا أن ندرك بأنه شيطان وان له دولة اسمها دولة القانون. ولا أظن أن شعبنا سيعرف ذلك إلا بعد فوات الأوان.
مقالات اخرى للكاتب