المساجد بالعراق الجديد هي هدف دائم للعصابات الإجرامية، واستهدافها مستمر منذ الأشهر الأولى للاحتلال وحتى ساعة كتابة هذا المقال، وهذا لعمري عار ما بعده عار، وجريمة لا توازيها جريمة، وانحدار ليس هنالك أوطأ منه؛ لأن المساجد هي بيوت الله في الأرض، فأي جرأة هذه التي يمتلكها هؤلاء الحاقدون، وكأنهم لم يكتفوا بسفك دماء عباد الله فاتجهوا إلى حرب مع الله بضرب بيوته الآمنة، وهنا بداية النهاية لهؤلاء القتلة المجرمين ومن يقف ورائهم!
وعلى الرغم من أن موضوع استهداف المساجد ليس جديداً على المشهد الدموي العراقي إلا أن هذه الصورة أطلت علينا ثانية، وبكل وقاحة، في الأيام القليلة الماضية، لتنشر الرعب والخوف في أقدس الأماكن!
وهنا سأذكر بعض المساجد التي استهدفت خلال الأسبوعين الماضيين، وإلا فإن محاولة إحصاء عدد المساجد التي دمرت وحرقت واستهدفت بالعراق خلال السنوات العشر الماضية يحتاج لفريق عمل متكامل حتى نتوصل إلى هذه النتائج بدقة.
ففي يوم 7/5/2013، تم تفجير مسجد الاحسان بالمنصور وسط بغداد بعد صلاة العشاء؛ ما أدى إلى استشهاد وجرح أكثر من (17) مصلياً.
وفي ذات الليلة انفجرت عبوة ناسفة على مصلي جامع صهيب بمنطقة الطعمة في حي الدورة، جنوب بغداد، وأدى انفجارها إلى استشهاد وجرح اثنين من المصلين.
وفي يوم 27/4/ 2013، انفجرت عبوة ناسفة استهدفت المصلين في جامع يوسف الطائي بمنطقة الشعب شرقي بغداد، وجرحت ثلاثة مصلين.
وفي ذات الوقت، انفجرت عبوة ناسفة بالقرب من جامع الرزاق في منطقة الراشدية شمالي بغداد وأدى الانفجار إلى استشهاد اثنين من المصلين، فيما أُصيب ستة آخرون بجروح مختلفة.
وفي يوم 26 نيسان 2013، قتل أربعة من المصلين وأصيب (36) آخرون بانفجار عبوة ناسفة استهدفت المصلين في جامع الكبيسي بمنطقة الشرطة الرابعة جنوب غربي بغداد.
وفي ذات اليوم أفاد مصدر بالشرطة الحكومية أن ستة أشخاص أُصيبوا بجروح بانفجار عبوة ناسفة بالقرب من جامع مالك الأشتر في منطقة الشعب شمال شرقي بغداد.
وفي نفس اليوم قالت الشرطة الحكومية إن عبوات عدة انفجرت حول مسجد المهيمن في ناحية جبلة شمالي محافظة الحلة جنوب العراق؛ ما أدى إلى إصابة ثلاثة أشخاص، وإن شخصاً أُصيب بانفجار عبوات أُخرى حول مسجد الرحمن في قضاء المحاويل شمالي الحلة أيضاً.
وفي يوم 24/4/2013، دمرت قوات نوري المالكي ستة مساجد وعشرات البيوت في قرية “سليمان بيك” التابعة لقضاء (طوز خورماتو) بمحافظة صلاح الدين، ضمن حملتها الأمنية على الدجيل وما حولها!
وفي يوم 23/4/2013، انفجرت عبوة ناسفة كانت موضوعة قرب جامع الأرقم في منطقة الدورة جنوب بغداد، وذلك لدى خروج المصلين منه بعد صلاة الفجر، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة ستة آخرين بجروح متفاوتة!
وهكذا تستمر هذه الجرائم في عموم العراق بينما تقف الحكومة موقفاً سلبياً من هذه القضية الحساسة، ولا أقول أنها عاجزة عن فعل شي ما، بل هي مشاركة في هذه الجرائم، وهذا ما حدث في صلاح الدين حيث دمرت قواتها الأمنية ستة مساجد بقرية “سليمان بيك” التابعة لقضاء (طوز خورماتو)!
هذه الاعتداءات جاءت في الوقت الذي حذر فيه سياسيون من تداعيات ما أسموه تقاعس القوات الأمنية في المحافظة على المساجد، والواقع أن المواطن العراقي البسيط يتساءل دائماً: متى أحسنت الأجهزة الأمنية في مهمامها، حتى تتقاعس الآن؟!، وهذا المشهد العراقي الدموي أكبر دليل على عجزها وضعفها وعدم جاهزيتها
الأجهزة الأمنية الحكومية، في غالبها، شريكة بشكل، أو بآخر بهذه الجرائم لأنها إن لم تكن مقصرة بحماية دور العبادة فإنها متواطئة مع المجرمين الذين ضربوا كل القيم والأعراف عرض الحائط!
منْ يستهدف دور العبادة لأي مكون من مكونات الشعب العراقي سواء أكانوا من المسلمين أم المسيحيين أم غيرهم، هو مجرم ينبغي أن ينال جزائه العادل، وهذه الأعمال النتنة يُراد منها إشعال الفتنة بين العراقيين، وأعتقد أن تجربة العشر سنوات الماضية أثبتت أن وعي أهلنا أكبر من هذه المؤامرات الدنيئة.
مقالات اخرى للكاتب