الحظ هو النصيب أو الطالع والبخت هو القدر، والحظ والبخت لهما مكانة غير طبيعية في المجتمع قد تصل إلى درجة التقديس دون وعي علما بأنه ليس مقدسا لأنه ليس من الله ،فمثلا الشخص الناجح يقال عنه (حظه كاعد) والشخص الفاشل يقال عنه (حظه مصخم)، أما الشخص إذا أراد أن ينعت حظه العاثر فيقول ( أُمده حظي ) ، وصاحب الحظ لا يَقسم بحظه كذباً فَيُستَحلَف بحظهِ وبختهِ ، وإذا أردنا أن يزول الخير من شخص مكروه نقول له (الله يطيح حظك) ، وقد ذكر الحظ في القرآن الكريم (إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت) ، أما الشخص المبخوت أو البخيت (صاحب بخت) تهابه الناس خوفا من لعنة بخته ، ولا يرد المبخوت إلا دعاء المظلوم بدعائه فيدعو عليه (عساها بحضك وبختك) ، من الخطأ أن نقول فلان خلق بُخيت، فهو لم يكن بخيتاً إلا لأسباب لو بحثنا عنها وعملنا بها لأصبحنا بخيتين ، فإن أخذنا بأسباب الخير كان بختنا كل الخير ، وإن أخذنا بأسباب السوء كان بختنا كل سوء ، وبين أسباب الخير والسوء هناك درجات .
في أربعينات القرن الماضي بنيت في بغداد في منطقة الصرافية مستشفى مير الياس ،وقد بناها اليهودي الثري مير الياس ، وبعد قيام ثورة 14 تموز سنة 1958 سميت بمستشفى الشعب، وكانت امرأة كبيرة في السن لها بسطية أمام المستشفى تبيع فيها قناني زجاجية فارغة يشتريها كل من يراجع المستشفى لتملأ بالدواء من صيدلية المستشفى ، وكانت هذه المرأة العجوز في حديثها دائما تقسم بـ (مير الياس) ، فقيل لها الناس في يوم ما :
حجية تدرين مير الياس اللي تقسمين به هو رجل يهودي مات من زمان
فقالت : ولو إنه صاحب حظ وبخت بنى هذا المستوصف للناس الفقراء
وهذا يعني بأن الشخص يكون بخيت من خلال عمله وأخلاقه وما يقدم من خدمة للناس بغض النظر عن مكانته في المجتمع أو نسبه العشائري أو إنتمائه الديني أو المذهبي
نحن اليوم بأمس الحاجة إلى من هو صاحب حظ وبخت لينتشل هذا البلد وشعبه المكرود عسى ولعل أن يعدل حظه المايل من حزمة الأزمات بكل أنواعها ، (السياسية والإقتصادية والإجتماعية والإدارية…..) التي أتى بها معدومي الضمير … اللي ماعدهم لا حظ ولا بخت وعساها بحظهم وبختهم .
مقالات اخرى للكاتب