قالوا في الحكمة قديما " الجرأة مع العقل شجاعة ، الجرأة بغياب العقل تهور "ولاشك ان برامج التوك شو باتت تمثل التهور وتسطيح المعلومة بأبشع صوره من خلال فقدان مقدميها صوابهم على الهواء مباشرة وكأنهم في مباراة استعراضية غايتها تسفيه الآخرين واثارة الفتن والقلاقل والنعرات اكثر من محاربة الفساد واساطينه ووضع النقاط على الحروف واظهار الحقيقية جليا كما ينبغي لها ان تظهر للمشاهدين .انا لا اتحدث هنا عن التوكيين المصريين امثال " احمد موسي، ريهام سعيد ، عمرو أديب، إبراهيم عيسى، وائل الأبراشي ، انتصار وزميلتيها ، لميس الحديدي وغيرهم ، وانما اتحدث عن " الشو العراقي " المليء بالمغالطات والتحامل المسيس والطائفي في ذات الوقت والتي باتت تزيد الشارع احتقانا من خلال استضافة شخصيات مثيرة للجدل والفتن في الأستوديو او عبر الهاتف او سكايب مع قطع الصوت - عمدا - في حال طرح الضيف رأي مخالف، مشفوعا بعبارة ( يبدو اننا فقدنا الاتصال بفلان بن علان ..سنعاود الاتصال به لاحقا )
او كثرة مقاطعة الضيف - المخالف - عبر مداخلات متشعبة تشوش عليه وتقطع سلسلة افكاره ليبدو باهتا فيما يطرح، بخلاف الضيف الآخر- الموافق - الذي يترك له المجال واسعا ليصول ويجول كما يحلو له منتشيا بما يقول وكأنه " محرر جنه قلعه " .ان تثير مسألة خلافية - فقهية ..تأريخية ..سياسية .. اقتصادية ..ثقافية ..اجتماعية - او تفجر مفرقعة للفت الأنظار إليها ولتصبح حديث الشارع ووسائل الإعلام بعيدا عن هموم الناس ومشاكلهم الحقيقية فأنت " توك شو " متميز بنظر إعلام (النظارة السوداء) كما يسمى مهنيا ، تهرول خلفك القنوات المتلفزة والمحطات الإذاعية وووأجهزة الاستخبارات لا لألقاء القبض عليك فأنت " حبيبها وعشيقها " وانما لتعمية الحقائق وإلهاء الناس لحين عبور العاصفة التي تهدد انظمة الحكم لحظة عرض البرنامج !!ان تجعجع بأعلى صوتك مستعرضا وجهة نظر واحدة تمثل رأيك الشخصي أو رأي قناتك الفضائية - التافهة الممولة بأموال الأيتام والفقراء والمعدمين - من دون سواها من وجهات النظر الأخرى والتي قد تكون وهو الراجح عندي مجانبة للصواب ، مسألة بحاجة الى اعادة نظر "توكي شوكية " فورية .ان تسب وتشتم وتلعن الأولين والاخرين باستثناء صاحب " رأس المال " او ابو الخبزة كما يطلق عليه محليا الذي تمثله وحزبه و فصيله المسلح من خلال القناة التي تقدم برنامجك فيها امر يحتاج الى مزيد من الكياسة والرصانة والتدقيق والتحليل والحيادية والموضوعية .ان تعتمد في استقاء معلوماتك على صحافة المواطنة ومايبث في الفيس بوك وتويتر وانستغرام فضلا عن بعض المواقع الألكترونية تحت يافطة " مصدر مطلع رفض الكشف عن اسمه " ، او " مراقب سياسي " او " محلل وخبير اقتصادي او امني " ،
او " مصدر مقرب مفضلا عدم الكشف عن هويته "، فكلها - خرابيط - افقدت برامج ، التوك شو، العراقية مصداقيتها لدى جمهور المتابعين ، اضافة الى التركيز على الفضائح والسخرية من الطول او القصر ، النحافة او البدانة ،البشاعة وقبح الوجه والعيوب الخلقية ، بغية التسقيط السياسي ليس الا ولا إعتبار لكشف الحقيقة في موضوع الحلقة او عرض لوثائق وملفات معتمدة بإمكانها فضح مكامن الخلل مطلقا .ان تستشهد بالمادتين رقم 432 و 433 من قانون العقوبات العراقي تحت بند " قذف وتشهير" كونها احدى الجرائم الماسة بأمن الدولة قد تصل الى السجن المؤبد او الاعدام على حد وصفك فيما يتعلق بانتهاكات فصائل مسلحة موثقة بالصور والفيديوهات ، واغفال ذات المادة فيما يتعلق باتهام الجيش العراقي بالخيانة ..قضية شائكة تضعك وبرنامجك موضع المساءلة والتساؤل .ان تقدم رأيك الشخصي على انه حكم نهائي غير قابل للطعن وان تخلط بينه وبين المعلومة الدقيقة ، ان تصدر الاتهامات وتطلقها ذات اليمين وذات الشمال بحق الآخرين ، ان تستعرض بمزيد من الفرح والسعادة الغامرة مصحوبة بالشماتة القرار الصادر بحق الإعلامي انور دلف الحمداني، بالحبس المشدد سنتين ، استناداً لأحكام المادة ٤٣٤ من قانون العقوبات على خلفية شكوى تقدمت بها ، النائبة حنان الفتلاوي ، بتهمة التشهير والاساءة ، امر لا يليق ببرنامج " توك شو " ضد مقدم برنامج " توك شو " آخر (ستوديو التاسعة ) لأنه وكما يقول البغادة " اذا حلقوا لحية جارك ، صوبن لحيتك، فقد جاء عليك الدور ياسنيور "ان تطعن بجميع المذاهب والأديان والطوائف والقوميات التي تخالفك الرأي ، بكل جرأة وصفاقة ، وان تطلق العنان للسانك - الوسخ - لتسب بأقذع الألفاظ شخصيات معتبرة ومحط احترام وتقدير لدى الآخرين ، جهارا نهارا ، من دون حياء او خجل فهذا ليس توك شو وانما " تهور شو " ، ان تستغفل ضيوفك وتستثيرهم وتستفزهم ليتشاجروا داخل الأستوديو بالأيدي والأقداح على طريقة wwe إمعانا في الإثارة فهذا هراء و " استخفاف شو " آن له ان يتوقف . الأصل ان " التوك شو " هو برنامج حواري ساخن إلا ان مفهومه توسع مؤخرا ليشمل برامج تعتمد الكرافيك والمونتاج و مقاطع وصور مقتبسة من تصريحات المسؤولين أو آراء المواطنين أو حوارات سبق بثها في قنوات أخرى أو على صفحاتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي للتعليق عليها وجعلها محور الحلقة ومناط بحثها ، وبما اننا لا نشبه خلق الله لذا فأن التوك شو العراقي أشبه ما يكون بالكاميرا الخفية العراقية تنتهي غالبا بـ ..كارثة . اودعناكم اغاتي
مقالات اخرى للكاتب