يذكر التاريخ أن الأمم جميعها لم تتغيٌر بفضل نشر الوعي والعلم، فمعظم التغيرات الكبرى التي تحصل في حياة الأمم، تحصل بأسباب للتغيير ليس من بينها إلإقناع مثلا..!..
ولعل من يرى أن الحروب وما يتبعها من تأثيرات، هي فاعل رئيسي في عمليات التغيير لم يجانب المنطق، إذ ما زلنا نقرأ اثر الفتوحات الأسلامية في التغيرات العميقة التي حصلت في الشرق خصوصا، وفي الغرب بشكل نسبي، وما زال طلاب المدارس يقرأون في درس التاريخ أثر حملة نابليون على مصر وشعبها، والأحتلال الفرنسي للجزائر وتونس والمغرب، حيث سلب ثقافتها الخاصة وألبسها ثوب ثقافته، الذي لن يتسنى لها خلعه ربما الى زمن طويل قادم..
في محيطنا الأقليمي، وبشكل أدق في جوارنا الجنوبي، ستكون الأوضاع بحاجة الى حرب طاحنة حتى يحصل التغيير هناك...فمملكة آل سعود التي قام نظامها السياسي الحاكم على تحالف غريب بين "سلطة" القبيلة و"سلطان" الجهل، لن يكون بالإمكان إحداث تغيير فيها بالوسائل المدنية، كما أنه ليس من المنتظر أن يتبنى العقل الديني الغبي المتسلط هناك، أطروحات التحول السلمي ومشاركة الشعب، وليس بالإمكان هزيمة هذا العقل بالصحافة والإعلام والتثقيف، لأن هذا العقل الغبي يحمل سلاحاً لا يمكن القضاء عليه بسهولة وهو "الجهل"، لأن الجهل سلاح لا يمكن هزيمته، إذ لا يدخل في معركة إلا ويخرج منتصرا فيها، وحسبك قول سيد البلغاء وإمام الفصحاء علي عليه السلام: (ما حاورت عالماً إلا غلبته و ما حاورت جاهلاً إلا و غلبني)
الجهل مصيبة إذا فشي بالمجتمعات، فستكون له منظومة وقادة..!..وسيكون الجهل مؤسسيا، ولا يغرنكم أن تلبس تلك المؤسسات ثوب الفتيا والعلم والمعرفة، فالعلم والمعرفة والفتيا التي تصدر عنها، هي نتاجات من سنخ أهداف التجهيل الذي يصنع رؤوسا من حجر!..لذلك تجد الأتباع في الغالب من السذج والرعاع والأميين والبسطاء، وهم الوقود الذي يسير عليه قطار الجهل الذي قاد مجتمع الجزيرة العربية الي مستويات متدنية من الثقافة، وأوصله الى التصحر الفكري الذي يتقبل فتاوى مثل فتوى إرضاع الكبير، وتحريم قيادة المرأة للسيارة، وعدم جواز الخروج على السلطان المتغلب فسق أم صلح، ظلم أم عدل..؟
كلام قبل السلام: أفضل نصيحة لمن كان رأسه من شمع، أن لا يسير تحت الشمس...!
مقالات اخرى للكاتب