روح الفكاهة والظرافة عند بني إسرائيل من المميزات العالمية عندهم. الجميل فيها رحابة صدرهم التي تمكنهم من سرد شتى النكات عن أنفسهم مهما كانت قاسية. ولما كانت التجارة والأعمال من المميزات التي اعتمدوا عليها، فقد ورد الكثير من النكات عن حرصهم وبراعتهم في تحويل كل شيء إلى كسب ومربحة.
من آخر ما سمعت كانت هذه الطرفة من أميركا. عزم الفلسطينيون على القيام بمظاهرة في نيويورك واحتاجوا لعلم فلسطين ليرفعوه فيها. ذهبوا إلى بائع الأعلام والزينة اليهودي في المدينة. سألوه عن علم فلسطيني. قال: متأسف لا يوجد عندي علم لفلسطين ولكن لدي أعلام لإسرائيل. اشتروا واحدًا منها بدولارين وأحرقوه أمام المظاهرة!
روح التجارة والمربحية في أبرع صورها! وفي سياق هذا الحرص يروي الموسويون اليهود في إنجلترا هذه النكتة. أشرف الموت على المستر ليفي، صاحب الدكان في همستد. تجمعت العائلة حول فراشه وهو ينفث آخر أنفاسه. نادى على ابنه الكبير ديفيد: وينك يا ديفيد؟ فأجابه: بابا أنا هنا بجانبك. بعد هنيهة أخرى نادى فقال: «سيمون، وينك سيمون؟ فأجابه هذا: نعم بابا أنا هنا بجانبك. ثم عاد وسأل عن جوناثن. نعم بابا أنا هنا. وجاء دور ساسون ثم موشك. وكلهم ردوا عليه. أطرق قليلاً ثم تجهم وجهه بغضب وقال: هه! يعني كلكم هنا؟ من إذن بقي في الدكان يخلي باله على الشغل؟
التقى شيخ مسلم وقس مسيحي وحاخام يهودي في بغداد. فخطر لشيخ المسجد أن يسأل زميليه من رجال الدين عن مصير الصدقات النقدية التي يضعها المتعبدون في صندوق التبرعات للمعبد. قال الشيخ: لا بد لكل منا أن يأخذ نصيبه منها لمعيشته فيتقاسمها مع المعبد، ولكن هنا المشكلة، فكيف يمكن تقسيم مجموع هذه التبرعات والصدقات، ما لله لله وما للإنسان للإنسان؟ قال القس. في آخر النهار من كل يوم أقف أمام الكنيسة وأرسم دائرة كبيرة وأقول يا رب خذ حصتك منها. ثم أرمي النقود إلى الأعلى، فما يسقط داخل الدائرة أتركه للكنيسة وما يسقط خارجها آخذه لي كحصتي. ثم سأل القس الشيخ المسلم وقال: فماذا تفعل أنت؟ قال الشيخ، هذا غريب! فأنا أيضا أقوم بشيء مشابه، أرسم الدائرة بالطباشير وألقي بالفلوس في الهواء، غير أنني أفعل العكس. ما يسقط في الدائرة أعتبره حصتي لمعيشتي، وما يسقط خارجها أجمعه وأخصصه للصرف على ما يحتاجه المسجد.
التفت الاثنان وقالا للحاخام: قل لنا يا حاخام موشي، ماذا تفعل أنت؟ فقال: نعم، أنا أيضا أفعل نفس الشيء. أجمع النقود من صينية الكنيس وأخرج بها وأرسم دائرة أمام الكنيس ثم أرمي بالفلوس في الهواء وأقول: يا رب، خذ ما تشاء منها واترك لي الباقي. فما يسقط على الأرض أعتبره حصتي. وما لا يسقط أعتبره حصته تعالى!
مقالات اخرى للكاتب