إن الفساد ظاهرة قديمة قدم المجتمعات الإنسانية، فقد ارتبط وجودها بوجود الأنظمة السياسية، فلا تقتصر على شعب دون آخر أو دولة أو ثقافة دون أخرى، وبالرغم من وجود الفساد في معظم المجتمعات إلا أن البيئة التي ترافق بعض أنواع الأنظمة السياسية كالأنظمة الاستبدادية الدكتاتورية تشجع على بروز ظاهرة الفساد وتغلغلها أكثر من أي نظام آخر، بينما يقل حجم هذه الظاهرة في الأنظمة الديمقراطية التي تقوم على أسس من احترام حقوق الإنسان وحرياته العامة وعلى الشفافية والمساواة وسيادة القانون، ولتشابه اسباب ظهور الفساد الرئيسية في معظم المجتمعات إلا أنه يمكننا تفسير ظاهرة الفساد بين شعب وآخر تبعاً لاختلاف الثقافات والقيم السائدة .
اساءة استعمال
أذاً فمفهوم الفساد هو إساءة استعمال القوة العمومية للمنفعة الخاصة سواءً عن طريق الرشا أو الابتزاز أو استغلال النفوذ، أو المحسوبية أو الغش أو تقديم إكراميات للتعجيل بالخدمات أو عن طريق الاختلاس ورغم أن الفساد كثيراً ما يعتبر جريمة يرتكبها المكلفون بخدمة عامة فإنه يتفشى أيضا في القطاع الخاص، بل إن القطاع الخاص ينخرط في معظم حالات الفساد الحكومي التي تنطوي على التماس خدمات للكسب الشخصي، أو إساءة استعمال السلطة الرسمية أو النفوذ مقابل أداء الخدمات، أو إخلال بالمصلحة العامة لاكتساب امتيازات شخصية خاصة.
منذ عام 2003 العراق صاحب (الديمقراطية) التي اعلن عنها الاحتلال الأمريكي يعاني الفساد بمختلف اشكاله وانواعه، رغم خيراته وموازناته التي ابتدأت من العام المذكور وحتى وقتنا الحاضر والتي اعلن عنـــها تقريباً 850 مليار دولار، هذا الرقم الهائل الذي ربما لا يصدقه الكثير من دول العالم، وربما حتى من ابناء الشعب العراقي ويتفاجأون منه، ولكن من يرى العراق وسياسييه وعاصمته بغداد الرشيد والبطالة التي يعاني منها والتسول في شوارع العراق، والكفاءات التي تطالب بالانصاف وفسح المجال أمامها لخدمة بلادهم، وما حل بالعراق في السنوات الأخيرة من احتلال لثلث اراضيه، كل ذلك والعراق بلد بموازنات وهمية، اين ذهبت الاموال؟ ولماذا لا يعلن عن المشاريع التي تنجز هذا أذا انجزت، فأعتقد أن مأساة العراق هو وجود الفاسدين في مفاصل الدولة، وتبين الآن بأن أكثر أموال الموازنات ذهبت في جيوب المسؤولين وتحت غطاء المشاريع الوهمية، وهذه طامة كبرى .
مؤسسات الدولة تعاني من فساد مالي وإداري سببه المسؤولون العراقيون، والمحاصصة التي قصمت ظهر العراق في النصف، نرى اليوم وزاراته مقسمة على الاحزاب وملبية لطلبات اسيادهم أولاً ومعارفهم واهليهم ثانياً واخيراً الشعب أن بقى شيئاً من أمور التعيين والفائدة التي يتقاسمونها قبل ابلاغ الشعب بها، واصبح الفساد ظاهرة موجودة في كل العراق من الرأس إلى الذيل إلا ما ندر، والمصيبة الكل يندد ويشجب ويطالب بالقضاء على الفساد والفاسدين .
كل ذلك والسياسيون في معتركات سياسية لا مناص منها، يحسبون الفائدة فيما بينهم، فكانت نتيجة تفشي فسادهم انهيار القطاعات الزراعية والتجارية والصناعية واعتماد العراق على النفط فقط هذا ما جعلهم يجنون المليارات من الدولارات من هذا المشتق وحده والشعب هو الخاسر الاكبر بحججهم الوهمية من مسائل ابتكروها كالتقشف وما تبعه من نتائج اضرت بالموظف الفقير كتقليل دخله الذي منه يعيل عائلته، فتبين أن تقشفهم على الشعب فقط وهم خارج اطار كل ما يبتكرونه جديداً وعوائلهم خارج البلاد يتنعمون بالرفاهية والسعادة وفي اجواء يتمناها الجميع، وبينما الوطنيين الشرفاء في ساحات الوغى يدافعون عن ارض العراق الحبيب وعن مقدسات الجميع.
فسادهم طفح منه الكيل وبلغ معرفته أمام الجميع، وأن فسادهم وأنعدام خبرتهم جلبت الخسارة الفادحة للبلاد، حيث قدرت الخسائر التي تكبدها الاقتصاد العراقي منذ عام 2003 وحتى الآن بملايين الدولارات في بلد الفقر والبطالة، أي بأكثر من تريليون دولار أمريكي !!! يبدو أن هذا المبلغ يعمر بلداً كاملاً، لا بل يؤمن لهم الرفاهية لكل أبناء الشعب العراقي، فسادهم ضحكت منه الأمم وأيضاً لا ننسى نتيجتة خسارة العراق ثلاث محافظات عراقية، وفسادهم جعل ربع العراق بين مهجر ونازح ومشرد داخل وخارج البلاد، فسادهم افسد سمعة البلاد، فسادهم بمحاصصتهم، فسادهم بملابسهم الانيقة المستوردة خصيصاً لهم ومن موازنة البلاد، فسادهم بأعترافاتهم فيما بينهم على الابتزاز والرشاوي وال (ضملي وأضملك)، فسادهم بمشاريعهم الوهمية ومحسوبياتهم وادارياتهم وحماياتهم التي سببت الضجيج بين ابناء الشعب الفقير، فسادهم بتكنوقراطيتهم التي جاءوا بها من احزابهم وهي سبب رئيسي لخراب البلاد، فالسياسيين الفاسدون هم سبب رئيسي لامراض الشعب العراقي ولا خيراً فيهم .
إلى متى يبقى الشعب العراقي على هذا الحال أي المتفرج على مشاريعهم الوهمية التي ليس منها إلا الهلاك والتعب والخراب لبلادنا الحبيب، وإلى متى يمكننا التخلص منهم ومن فسادهم الذي ذقنا منه الأمرين، ومتى نرى حكومة وطنية مخلصة نستبشر فيها الخير كل الخير حتى نؤمن على ثروات بلادنا ونعمل معها على تنشيط زراعتنا وصناعتنا ويكون ولاء الجميع لله ثم الوطن، وهذا ما اتمناه انا كاتب السطور بالضبط، والأسئلة التي تم طرحها اعتقد أنها ستبقى معلقة ولا أجابة عليها، وصدق الشاعر حين قال: ولقد اسمعت إذ ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي …………. حفظ الله العراق وأهله .
مقالات اخرى للكاتب