Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
كربلاء برؤية جديدة .. الحلقة السادسة عشرة
الأحد, تشرين الأول 11, 2015
الشيخ عبد الحافظ البغدادي

القسم الثاني

كربلاء برؤية جديدة

 

               الذي تحدثنا عنه,  كان مخصصا لبدايات كتابة التاريخ الإسلامي , والأشخاص الذين كتبوه ,بينا فيه نقاط مهمة في عملية تزوير التاريخ على مستوى الفكر بصورة عامة ,وعلى مستوى الحوادث , ومن كتب التاريخ , والجهات التي وظفت الكُتاب ,ورأيهم بما جاء في القران الكريم خاصة , والأحاديث الموضوعة التي أسندوها  للنبي{ص}... من خلال هذه المسؤولية تمكنت السلطة الأموية النيل من شخصية النبي {ص} في زرع أفكار غريبة وغير حقيقية عنه في فكر المسلمين , ومحاولة تشويه شخصية الإمام علي {ع} قدر الإمكان .. وكيف تلاعب معاوية في التاريخ كي يشوه هذه الشخصية العظيمة ..

       وتناولنا في آخر من  القسم الأول , الروايات التي شوهت الشيعة , وبدلت الصورة الحقيقية لنضالهم وتاريخهم المشرق بالشهداء ومواقفهم ضد الظالمين .حيث ركزنا في كتابنا هذا على نقاط مهمة من تاريخ كربلاء, وعلى رأسها تدوين معركة كربلاء من قبل جهات غير معروفة , بل يرفض الطبري الذي جاء تاريخ { أبو مخنف }منه معرفته بابي مخنف , وهذا سهل عملية تشويه  تاريخ الشيعة الذي زيفه المؤرخون , , جريمتهم كانت بسبب ولائهم لعلي وأبناءه{ع} , ومواقفهم من الدولتين الأموية والعباسية ورفضهم الظلم والباطل  ..

      

         في القسم الثاني سنخصص البحث في معركة كربلاء , والظروف التي مرت فيها الثورة المباركة , ومحاولة فهم الالتباس الذي وضعه الأمويون في تحجيم صورة الثورة بشكل يوحي, أن الحسين{ع} جاء من المدينة إلى مكة, ثم  إلى الكوفة , خان شيعته , ومن قبله قتلوا سفيره مسلم بن عقيل {ع} وان المعركة كانت بحدود كربلاء فقط , الموجودة شواخصها اليوم  , من القبرين الشريفين إلى المخيم .. وما جرى بعدها من السبي لآل بيت النبوة {ع} ..

     لا بد إن هناك روايات , تبين أن معركة كربلاء اكبر من هذا الحجم , وهناك آلاف المجاهدين نصروا الحسين {ع} أثناء المعركة ,من البصرة والكوفة والقادسية ,ومن خارج المدن العراقية , وان معركة كربلاء لم تكن مقتصرة يوم العاشر من محرم عام 61 هجرية , بل تعدت هذا التاريخ , ولكن الإعلام الأموي تمكن من حصرها في صبيحة يوم عاشوراء , وبعدد الثمانية والسبعين , ليعطي  للأجيال صورة غير حقيقية عن حجم الثورة الحسينية ...

ربما تسألني سؤالا مشروعا , عن قبور الشهداء الذين سقطوا في البصرة إلى القادسية إلى الكوفة إلى كربلاء , أين ذهبت تلك القبور ..؟ ونحن نرى قبر الحسين {ع} وأخيه العباس {ع} وبقية الشهداء تحت القبة الحسينية المطهرة ..؟ ولا اثر لقبور شهداء كربلاء غير هؤلاء..؟

     أقول إن أخفاء القبر مسالة سهلة , خاصة إذا كانت هدفا من أهداف الدولة , حين تريد أن تلقي جريمة قتل الحسين {ع} على شيعته , وان شيعة العراق متخاذلون متلونون , ليس لهم موقف , والأخرى هناك معارك كبيرة جرت في أماكن من العراق ,, وقد أعفيت قبور كثيرة من الأرض ,  ولا يوجد اثر لقبور الشهداء والقتلى في ارض المعركة , منها معركة الجمل في البصرة (    ).. 

      وأحيانا يكون أخفاء القبر مصلحة للميت , كما اخفي قبر الإمام أمير المؤمنين {ع} من قبل أولاده عليهم السلام , ثم  أظهره ولده  الصادق {ع}.. (    ).. وفي عصرنا الحالي أزيلت قبور في  البقيع بالمدينة المنورة .. (    ).. وغايتهم سياسية عقائدية , يعتقدون إنهم بإزالة القبور تنمحي ذكرى أولئك الشهداء والموتى من قلوب المحبين ..وقضية زيد بن علي بن الحسين {ع} معروفة حين تم إخراج جثته من القبر وتعليقه لمدة أربع سنوات ..(   ).وأخيرا نبش قبر حجر بن عدي الكندي من قبل تنظيم القاعدة في سوريا ..

  

من الذي قتل الحسين من أهل الكوفة ..؟

 

           من هم أهل الكوفة..؟  هل المقصود  المجتمع الذي سكن المدينة ذلك الوقت ..؟؟,المدن الكبيرة , من المؤكد إنهم  يتألفون من خليط عجيب و غريب,... يذكر المؤرخون في كتب التاريخ مثل طبقات ابن سعد ، و معجم قبائل العرب، و فتوح البلدان، و تاريخ الكوفة،وغيرها من المصادر تقول :{ الكوفة كان فيها خليط من القوميات و الأعراق و الأديان و المذاهب، فيهم العرب من القبائل اليمانية و النزارية... وفيها من الفرس و هم بقايا فلول الجيوش الساسانية, كانوا يسمون الحمر أو الحمراء ... ونصارى الأنباط و السريانية و الخوارج و الحزب العثماني الأموي , والنصارى من نصارى تغلب و نجران و اليهود الذين أجلاهم عمر بن الخطاب من الحجاز .(    ).

         وفيها حتما من المنافقين و المرتزقة و العبيد والمنتفعين الانتهازيين والمؤيدين للسلطة الأموية وغيرهم}.. من هؤلاء تأسس جيش ابن زياد يوم العاشر .. هؤلاء هم الذين قتلوا الإمام الحسين {ع}وال بيته وأصحابه....(    ).

           ليس فيهم شيعي واحد شارك بالجريمة..   إنما الشيعة على قلتهم كانوا في الجبهة الأخرى، جبهة الحق و البطولة و الشرف و العز و الخلود و الشهادة، البهية التي رضي الله عنها و رسوله الكريم و أمير المؤمنين عليهم صلوات الله .

             انظر إلى: كلماتهم في آخر ليلة من حياتهم - مع علمهم أنها الليلة الأخيرة - ولا شك أنها من أصعب الليالي في حياة كل إنسان.فهذا زهير بن القيّن البجلي في آخر ليلة من حياته بدل أن ينشغل بالبكاء على فراق زوجته وأهله وفراق ملذات الحياة الدنيوية و... انشغل عن كل هذا بالتفكير في الحسين {ع} وفي أهله ولذلك يقول للحسين عليه السلام كلمته الخالدة: يا ابن رسول الله وددت أني قُتلت ثم نشرت ثم قتلت ثم نشرت ثم قتلت ثم نشرت فيك وفي الذين معك مئة قتلة وأن الله دفع بي عنكم أهل البيت! ,هذا الشخص شوهه الإعلام , فصوروه عثماني الهوى..!.

 نقطة أخرى ..: أراجيزهم يوم عاشوراء في تلك المواقف الصعبة سجلت عظمة لا تقاس، فكل أراجيزهم ذكر لإمام زمانهم وللنبي {ص} ومرضاة الله عز وجل , وللآخرة وكأنّه لم يكن للدنيا وما فيها في قاموس فكرهم نصيب . وهم عشقوا الآخرة عن طريق الحسين{ع}...  

 

القبائل العربية التي سكنت الكوفة , التي تشكل النسيج الاجتماعي الكوفي , هي :..هي الأسر التي تنتمي إلى اليمن , ثم استوطنت الكوفة ، ونزلت في الجانب الشرقي مِن المسجد . يرى ( فلهوزن ) أنّ القبائل المشهورة مِن اليمن ، وهي : مذحج وهمدان وكندة ، قد كانت لها السيطرة والسيادة على الكوفة . ويقول عبد الملك بن مروان بعد دخوله إلى الكوفة ، حينما جاءته قبائل مذحج وهمدان : قال : ما أرى لأحد مع هؤلاء شيئاً .أي هؤلاء ليسوا من قريش ...

    أمّا القبائل العدنانية التي سكنت الكوفة ، فكان عددها ثمانية آلاف شخصاً ، وهي مِنْ أسرتين : 1 ـ تميم .  2 ـ بنو العصر .

قبائل بني بكر : سكنت الكوفة قبائل بني بكر ، وهي عدّة اُسر منها : 1 ـ بنو أسد ... 2 ـ غطفان .. 3 ـ محارب ... 4 ـ نمير .

وهناك مجموعة أخرى مِن القبائل العربية استوطنت الكوفة ، هي كنانة وجديلة وضبيعة وعبد القيس وتغلب وأياد وطي وثقيف وعامر ومزينة(    ) . ويرى ( ماسنيون ) أنّه إلى جانب القرشيين الذين سكنوا الكوفة عناصر شديدة البداوة مِنْ سكان الخيام ، وبيوت الشعر وأصحاب الإبل مِنْ بني دارم التميمي وجيرانهم اليمنيين القدماء مِنْ طيء ، وعناصر نصف رحالة مِنْ ربيعة وأسد مِن الغرب والشمال الغربي ، وبكر مِن الشرق والجنوب الشرقي ، وعبد القيس الذين جاءوا مِنْ هجر مِن الجنوب الشرقي . ثمّ عناصر متحضّرة مِن القبائل الجنوبية الأصيلة مِن العربية الذين نزحوا مِن اليمن وحضرموت ، وهؤلاء كانوا قسمين : عناصر نصف متحضّرة مِنْ كندة وبجبلة ، وعناصر متحضّرة تماماً مِنْ سكّان المدن والقرى اليمنية مِنْ مذحج وحِمْيَر وهمدان(   )..

                السائد في قبائل المجتمع العربي في الكوفة الروح القبلية فكانت كلّ قبيلة , تنزل في حي معين لها لا يشاركها فيه إلاّ حلفاؤها ، كما كان لكلّ قبيلة مسجدها الخاص ومقبرتها الخاصة .

ويرى ( ماسنيون ) أنّ جبّانات الكوفة هي إحدى الصفات المميّزة لطبوغرافيتها(1) ، كما سمّيت شوارعها وسككها بالقبائل التي كانت تقطن فيها ، وغدت المدينة صورة للحياة القبلية ، وبلغ الإحساس بالروح القبلية والتعصّب لها درجة عالية ، كانت القبائل تتنافس فيما بينها على إحراز النصر كما حدث في واقعة الجمل ؛ ومِنْ هنا غلب على الحياة فيها طابع الحياة الجاهلية(    )..

 

يحدّثنا ابن أبي الحديد عن الروح القبلية السائدة في الكوفة بقوله : إنّ أهل الكوفة في آخر عهد عليٍّ{ع}  كانوا قبائل ، فكان الرجل يخرج مِنْ منازل قبيلته فيمرّ بمنازل قبيلة اُخرى ، فينادي باسم قبيلته : يا للنخع أو يا لكندة ، فيتألّب عليه فتيان القبيلة التي مرّ بها فينادون : يا لتميم أو يا لربيعة ، ويقبلون إلى ذلك الصائح فيضربونه , فيمضي إلى قبيلته فيستصرخها , فتُسلّ السيوف وتثور الفتنة...(    ) .. هذه العشائر في صورتها المجملة ممزقة ومتصارعة .. كانت الروح القبلية فيهم هي العنصر البارز في حياة المجتمع الكوفي ، وقد استغل ابن سُميّة هذه الظاهرة في إلقاء القبض على حِجْر وإخماد ثورته ؛ فضرب بعض الأسر ببعض ، وكذلك استغل هذه الظاهرة ابنه للقضاء على حركة مسلم وهانئ وعبد الله بن عفيف الأزدي .واخيرا القضاء على الثورة  , حين قتل ابي الأحرار الحسين بن علي {ع} 

الفرس : إلى جانب العنصر العربي الذي استوطن الكوفة كان العنصر الفارسي ، وكانوا يسمّون الحمراء,  وقد سألوا عن أمنع القبائل العربية فقيل لهم تميم فتحالفوا معهم(2) ....وأكبر موجة فارسية استوطنت الكوفة عقيب تأسيسها هي المجموعة الضخمة مِنْ بقايا فلول الجيوش الساسانية التي انضمت إلى الجيش العربي وأخذت تُقاتل معه ، وقد عُرفت في التاريخ باسم ( حمراء ديلم ) ، فكان عددهم فيما يقول المؤرّخون أربعة آلاف جندي , يرأسهم رجل يسمّى ( ديلم ) , قاتلوا معه تحت قيادة رستم في القادسية ، فلمّا انهزمت الفرس وقُتل رستم عقدوا أماناً مع سعد بن أبي وقاص , وشرطوا عليه أن ينزلوا حيث شاؤوا ، ويحالفوا مَنْ أحبّوا , وأنْ يفرض لهم العطاء ، وقد حالفوا زهرة بن حويّة التميمي أحد قادة الفتح ، وفرض لهم سعد في ألف ألف , وأسلموا وشهدوا فتح المدائن معه كما شهدوا فتح جلولاء ، ثمّ تحوّلوا فنزلوا الكوفة(   ) .هذه الجالية مجموعة كبيرة في المجتمع الكوفي ، أكثر مِنْ نصف سكّان الكوفة ، وأخذ عددهم يزداد حتّى تضاءلت نسبة العرب في الكوفة ، وتغلّبوا في عصر المأمون فكانت اللغة الفارسية تحتلّ الصدارة في الكوفة (   ).

        بلغت الحال حين شكل الفرس عنصراً مهمّاً في الكوفة وكوّنوا جالية متميزة ، فكان أهل الكوفة يقولون : جئت مِنْ حمراء ديلم( ).  هؤلاء كانوا يتوسلون بالحكومات لتقوية موقفهم بين القبائل العربية ..يقول البلاذري : إنّ زياداً سيّر بعضهم إلى الشام وسيّر منهم إلى البصرة(   ) ، وقد شاركت هذه الجالية في الفتوحات الإسلاميّة ، وشاركت في قتال الحسين {ع}, وعلى رأسهم  عبيد الله بن زياد ..(    ) ..كما شكّلت المدّ الطبيعي للإطاحة بالحكم الأموي في ثورة العباسيين ..

 

الأنباط .... 

  هؤلاء لهم ميزة خاصة ..كانت الأنباط مِن العناصر التي سكنت الكوفة ، ولكن لوجودهم اثر واضح حيث  أثّروا في الحياة العامّة تأثيراً عقلياً واجتماعياً .

         يقول المؤرّخون : إنّ الأنباط ليسوا عنصراً خاصاً مِن البشر وإنّما هم مِن العرب ، وكانوا يستخدمون اللغة الارامية  في كتابتهم ، كانوا يستوطنون بلاد العرب الصخرية ثم انتقلوا منها إلى العراق ، واشتغلوا بالزراعة ، وكانوا ينطقون بلغتهم الدارمية ، وقد أثّروا تأثيراً بالغاً في حياة الكوفة .(    ). يقول أبو عمرو بن العلاء لأهل الكوفة : لكم حذلقة النبط وصلفهم ، ولنا زهاء الفرس وأحلامهم(  ).

             يروي الطبري أنّ رجلاً مِنْ بني عبس أسر رجلاً مِنْ أهل نهاوند اسمه دينار ، وكان يواصل العبسي ويهدي إليه ، وقد قدم  الكوفة في أيّام معاوية فقام في الناس وقال لهم : يا معشر أهل الكوفة ، أنتم أوّل مَنْ مررتم بنا كنتم خيار الناس ، فعمّرتم بذلك زمان عمر وعثمان ثمّ تغيّرتم ، وفشت فيكم خصال أربع : بخل وخبّ وغدر وضيق ، ولمْ يكن فيكم واحدة منهنّ فرافقتكم فإذا ذلك في مواليدكم ، فعلمت مِنْ أين أتيتم(    ) .

      هذا التغيّر الاجتماعي ، وتبدّل الأخلاق في الكوفة ,نشأ في وقت مبكّر أيّام معاوية بن أبي سفيان, ومِن الطبيعي أنّ للأنباط ضلعاً كبيراً في هذا التغيير (   )...

 

السريانية

 

                هم العنصر الرابع الذي شارك في تكوين الكوفة هي الطائفة  السريانية ، كانت منتشرة في العراق قبل الفتح الإسلامي ، وكان الكثيرون منهم مقيمين على حوض دجلة ، وبعضهم كان مقيماً في الحيرة والكوفة وقد ارتبطوا بأهل الكوفة وتأثّروا بعاداتهم وأخلاقهم ؛ فإنّ الحياة الاجتماعية ـ كما يقول علماء الاجتماع ـ حياة تأثير وتأثر ، فكلّ إنسان يتأثر ويؤثر فيمَنْ حوله .

هذه هي العناصر التي شاركت في استيطان الكوفة وبناء مجتمعها ، فهي لمْ تكن عربيةً خالصةً وما كانت شيعية كما يصورها التاريخ , ليكون فكرة خاطئة , ثم يقوم بذكر مثالبهم لتشويه الشيعة .وإنّما امتزجت هذه العناصر مع العشائر والديانات والطوائف في مجتمع غير متجانس فكريا ,  وقد نشأت بينه مصاهرة ، فنشأ جيل مختلط مِنْ هذه العناصر ولكنْ التغلّب الجنسي كان للعرب ؛ باعتبارهم الأكثرية الساحقة في القطر ، فقد أصبحت التقاليد الدينية والعادات الاجتماعية خاضعة للعرب ، كما كانت لهم الكلمة العليا في البلاد . وبهذا ينتهي بنا الحديث عن عناصر السكّان التي كانت تسكن الكوفة ... 

           هذا النسيج والأديان ليس لها علاقة بالتشيع والتمذهب  , رغم علمهم ومعرفتهم بالإسلام , ودور أهل البيت {ع} , ولكن هذا لا يعني إنهم من الشيعة .. بل لو تنازلنا , إنهم يمثلون التشيع العام وليس التشيع الخاص , والتشيع العام هو معرفة الإمام أمير المؤمنين {ع} وفضله ومنزلته , ولكن ليس شرطا أن يتبعه الذي يعرفه ..(   ).

 

الأديان والحركات الفكرية في الكوفة

 

                لمْ يكن المجتمع الكوفي يدين بدين واحد وإنّما كانت فيه أديان متعدّدة ، ولكلّ دينٍ الحرية في إقامة طقوسه الدينية ،ويمارس عباداته  وهذه بعضها :

1 ـ الإسلام : وكان الإسلام دين الأكثرية الساحقة ,للذين استوطنوا الكوفة ، وهي أساسا  أنشأت لتكون حامية للقوات الإسلاميّة,  التي كانت تبعث بهم الدولة لحركات الفتوح وعمليات الجهاد ، غير ان ّ الإسلام لمْ ينفذ إلى أعماق قلوب الكثيرين منهم ، وإنّما جرى على ألسنتهم طمعاً بثمرات الفتوح التي أفاء الله بها على المجاهدين .ووجود المرتزقة في كل زمان مسالة اعتيادية , حيث يتوجه الناس نحو مصادر الرزق وكسب العيش , دون الاهتمام بالقضية الدينية ..

وقد أكّد علم الاجتماع أنّ التحوّل الاجتماعي لا يكون إلاّ بعد أجيال وأجيال ، وأنّ المجتمع يظلّ محافظاً على عاداته وتقاليده التي اكتسبها مِنْ آبائه ، ويؤيد ذلك ما مُنِيَ به مِن الحركات الفكرية التي تتنافى مع الإسلام ، خاصة في الحوادث الكبرى التي تقع في المجتمع , لا بد ان  تترك أثرا فكريا او اجتماعيا .والانقسامات الخطيرة بين صفوفه ، ونلمح إلى بعض تلك الانقسامات :

 

الخوارج :هؤلاء خرجوا على أمير المؤمنين {ع} وحملوا السلاح ضد حكومته , الخوارج  حركة انفعالية عسكرية  حدثت مقدماتها في معركة صفين , ثم تحولت إلى فكرة عقائدية لتكفير وإخراج قادة الأمة من الملة الإسلامية ..اعتنق هذه الفكرة القرّاء وأصحاب الجباه السود حينما رفعت المصاحف فيجيش معاوية من قبل عمر بن العاص ، وقد أرغموا الإمام على قبول التحكيم , مما يؤيد إنهم لم يكونوا مؤيدين لأهل البيت {ع} ولا من الشيعة المخلصين , ولتأثير حركتهم في جيش أهل الكوفة , استجاب لهم الإمام {ع} على كره ، وقد حذّرهم مِنْ أنّها مكيدة وخديعة فلمْ يكن يجدي ذلك معهم وأصروا على فكرتهم .

            ثم ندموا ولكن ندمهم كان مشروطا رغم اعترافهم بسفاهة عقيدتهم , إلا أنهم اشترطوا بقولهم للإمام {ع} :إنّا قد كفرنا وتبنا فأعلن توبتك ، وقرّ على نفسك بالكفر لنكون معك ، فأبى {ع}  فاعتزلوه ، واتّخذوا لهم شعاراً (لا حكم إلاّ لله) , وانغمسوا في الباطل ,هؤلاء كان لهم دور في كربلاء .. واغلب قيادات الجيش الكوفي من رجالهم وقادتهم , هل يحسب هؤلاء على الشيعة ..؟ .رغم معرفة الحقيقة يأتي كاتب ناصبي يقول : إن الشيعة هم الذين قتلوا الحسين{ع} في كربلاء ...

  

 الحزب الأموي

 

                     هل سمع احد يوما ما  بالحزب الأموي المتواجد في الكوفة تلك الفترة ..؟ ذلك الحزب المتنفذ صاحب السلطة المطلقة , اليد التي تحرك البوصلة السياسية , تحشد الآراء , تحرك الجيوش , يزيلون أي شخصية يقف أمامهم , كما أزالوا الحسن بن علي {ع} والتيار التابع لأهل البيت {ع} يبذلون  الغالي والنفيس في استتباب حكم بني أمية ..!, وهل سمع احد أو قرأ أن الحزب الأموي هو الذي نفذ جريمة ملحمة الطف سنة 61 هجرية ..

              هؤلاء يمثّلون القادة والزعماء العسكريين في الكوفة , منهم أسماء معروفة بولائها للسلطة الأموية  ، كقيس بن الأشعث وعمرو بن الحجّاج الزبيدي ، ويزيد بن الحرث وشبث بن ربعي ، وعمرو بن حُريث وعمر بن سعد ،وحجار بن ابجر واضرابهم المعروفين ..

           كانوا يدينون بالولاء لبني أمية ، ويرون أنّهم أحقّ بالخلافة وأولى بزعامة الأمة مِنْ آل البيت (ع ) مواقفهم تؤيد تماما هذه الفكرة ... هؤلاء  لعبوا دوراً خطيراً في فشل حركة  مسلم بن عقيل {ع}, وتمكنوا من تقويض جهود الشيعة من السيطرة على الكوفة ،وهم الذين كتبوا ليزيد مطالبين دعم موقفهم من حركة مسلم بن عقيل {ع} وهم الذين  زجّوا الناس لحرب الإمام الحُسين{ع} .. وهم قادة الجيش يوم عاشوراء , يوجهون الناس , فأين هؤلاء من أهل البيت عليهم السلام , وكيف يحسبون على شيعتهم .(  ).. وهم نواة الجيش وقادته ..

 

الحزب الأموي ودوره  في تصفية الشيعة

 

               القوة التنظيمية التي تمكنت انتزاع السلطة من شرعيتها المتمثلة بالإمام أمير المؤمنين وولده الحسن بن علي {عليهما السلام } .. من هي ..؟ وكيف تمكن أن ينجح الحزب الأموي بتعبئة  الجيوش ويحارب شيعة علي{ع}  في صفين , ويرغمهم على التحكيم ,وبعد شهادة الإمام{ع} , يقهر الإمام الحسن {ع} بالتنازل لقائد الحزب الأموي معاوية بن أبي سفيان ..(   ).

                واستمرت الأجهزة الحزبية تنظيميا وإعلاميا ,تنهش بالإمام الحسن {ع} وتوجه الاتهامات له بشكل لم يحصل له مثيل في التاريخ  .. وكان في برامجهم إشاعات متعددة , منها انه تنازل لمعاوية لأنه غير جدير بالخلافة , ويحب السلامة والدعة , وكان تنازله كان بأمر النبي {ص} حين قال : {{ الحديث موضوع }} " بان ولدي هذا يصلح فيه أمتين " وانه مزواج إلى حد انه كان لا يعرف بناته وزوجاته ...!!(   ). 

     هذا الحزب برجاله ومليشياته وأجهزته  الإعلامية , وقفوا في ملحمة كربلاء يذبون عن بني أمية بكل الوسائل المتاحة في كتابة تاريخ كربلاء , سفيانيين ومروانيين شخصيات بلا رحمة، رجال وكتاب وأموال , وأساليب إرهابية ,  ابتدأت بشتم ولعن الإمام علي بن أبي طالب (ع) على المنابر، علما أنهم لم يلعنوا  الخوارج ولا أفراد من أي طرف إلا أهل البيت {ع} ...

        هذا يستلزم البحث في  دور الحزب الأموي وميليشياته ,سلطتهم وقواتهم المكلفة  في تصفية المعارضة الشيعية... كتابة ما لا يقل عن مقدمتين، تبحث الأولى في استيلاء الأمويين على الخلافة، وتهتم الثانية بنشوء المعارضة الشيعية وتصفيتها بعد تنازل الإمام الحسن{ع} لغاية ثورة كربلاء.

 

 

                    وسيكون الحديث عن قيام الدولة الأموية طويلا؛ الأمر الذي لا يسمح به المقام. ومع ذلك لا بد من توضيح بعض النقاط حتى نفهم خلفيات بطش رجالات الدولة الأموية, برجال  المعارضة الشيعية بلا رحمة، وإصرارهم على إقصائهم وتصفيتهم . لهذه العداوة مقدمات قبل البعثة . (   )..هي التي أسست العداء بين البيتين , والنقطة الأهم هي الموقف الفكري والتوجه العقائدي للعائلتين التي يسميها عباس العقاد , الروحية ..

                  المسألة هنا مرتبطة بالمواريث والجغرافيا والتربية السلوكية لكل بيت ... هذه أنتجت صراعا  على الملك المغتصب حسب زعمهم بأي ثمن. لقد تزعم الأمويون معارضة قيام الإسلام، وكانوا أشد الناس عداوة للنبي (ص) ولآله. قتل عدد منهم  في بدر على أيدي الإمام علي (ع) وعمه حمزة (رض)،هذه أججت الحقد في القلوب .. وأسلم من ظل حيا منهم يوم فتح مكة لا عن طواعية وقناعة. وأطلقهم النبي {ص} ..(     )..

             ثم وصلوا إلى السلطة عن طريق ولاية الشام ذات المواريث المسيحية البيزنطية، وتذرعوا بكل عذر للانتقام، والانتقام لا بد ان يكون بالخط المسلح الذي يستخدم السيف والتصفية الجسدية , فشنت اكبر حملة في التاريخ لقتل الشيعة وتصفيتهم جسديا .(    )..

             خط عسكري وآخر يسمى أسلامي.. المستشار الإسلامي اسمه  منصور بن سرجون، هذا الرجل له دور كبير في وضع الخطط العقائدية الدينية في الدولة الأموية , عاش ومات مسيحيا رغم تسلمه أمور الدولة العليا .. تاريخه يقول : { ولد منصور بن سرجون وهو اسم القديس يوحنا حوالي سنة 675 م في دمشق، عاصمة الأمويين آنذاك، من عائلة عريقة وغنية، عُرفت بفضيلتها ومحبتها للعلم وبمكانتها السياسية والاجتماعية، إذ إن سرجون، والد يوحنا ومنصور جده، كانا يعملان على إدارة أموال الخلفاء الأمويين وعلى جمع الخراج من المسيحيين ..

ينتسب يوحنا الدمشقي إلى عائلة سريانية عربية عريقة ، جده كان أمير دمشق أو صاحب دمشق ،وحينما دخلت الجيوش الإسلامية دمشق ، قرر حكماء النصارى تسليم مفاتيحها إلى المسلمين ، فتقدم  صاحب دمشق منصور بن سرجون وسلم مفاتيح دمشق عام 635 (14 هـ)درس يوحنا الدمشقي اللغة العربية والفكر الإسلامي من خلال شيوخ المسلمين في دمشق .

 وعندما أصبح شابا كان يجيد العربية واليونانية إضافة إلى السريانية . وحصل على وظيفة مرموقة في {{أدارة مدينة دمشق أبان  الحكم الأموي}}. عمل سكرتيرا مستشارا لأمير مدينة دمشق معاوية ثم ابنه يزيد ...، وكانت في عهدته مسؤولية مالية المدينة, فيكون أمينا على بيت المال الإسلامي ,  . وبعد مضي عقدين من الزمن وجد نفسه مثقلا بالمسؤولية فطلب إعفاءه ، وقضى يوحنا الخمسة والعشرين سنة من حياته  الأخيرة راهبا في دير القديس سابا في فلسطين .. وعلى ما يبدو أن منصور، في مطلع شبابه، قد شَغِلَ هذه الوظيفة لمدة من الزمن ثم حصل على ثقافة أدبية وفلسفية ودينية مهمة..

                ذكرت لنا سيرته أن معلمه كان راهباً من جزيرة صقلية، من أسرى الحرب اشتراه والده ثم حرّره (أعتقه) وعَهِدَ إليه بتعليم ابنيه: أولهما منصور والثاني قزما ابنه بالتبني. وقد أتقن منصور اليونانية، لغة الطبقة الراقية من كبار المتعلّمين، واللغة السريانية، لغة الشعب المستعملة في الليتورجيا ورغمّ أن كل كتاباته التي وصلت إلينا كانت باليونانية فمن المؤكد أنه كان يعرف العربية أيضاً لغة عائلته الأصلية...

وما أن توفيَ سرجون، والد منصور ، حتى أخذ هذا الأخير مكان أبيه في إدارة أموال الدولة، بينما انتحل قزما  أخوه بالتبني الحياة الرهبانية في سيق مار سابا.  ما لبث منصور -وكان قد بلغ حوالي الثلاثين من عمره- ولأسباب نجهلها وقد تكون سياسية - أن ترك مركزه والتحق بمعلمه قزما وبأخيه إلى سيق مار سابا أيضاً. فأحب هناك الحياة النسكية وراح يتعمق في اللاهوت على يد البطريرك الأورشليمي يوحنا الرابع (706-734) الذي كان يطلبه غالباً لإلقاء المواعظ والخطب في أورشليم. وهناك اتخذ اسم يوحنا -ربما تيمناً بأستاذه البطريرك-.(    )..

            في ذلك الوقت ، قامت بدعة تحارب تكريم الأيقونات المقدسة. { ويعني الصليب } مدعية أن هذا التكريم إنما هو عبادة وثنية. فهبَّ بكل ما لديه من قوة وثقافة يدافع عن التمسك بالسجود للأيقونات المقدسة موضحاً أن هذا السجود إنما هو مجرد تكريم للأشخاص الممثلة في الأيقونات، وليس هو على الإطلاق عبادة الصور........الى هنا ...

         ماذا يتبين أخي القاريْ من السرد التاريخي لمنصور بن سرجون , مستشار الخليفة الأموي , الرجل الذي خطط السياسة والاقتصاد للدولة الأموية , وهل يمكن ان يكون لأهل البيت {ع} في ظل هذه السياسية العقائدية دور , او يأتي من يكتب تاريخ الشيعة وحياة الأئمة المعصومين عليهم السلام .. والد هذا الرجل ممن خطط لقتل الحسين {ع} وبدأ بعدد من المقدمات لتسهيل هذه القضية الخطيرة .(   ).يضاف لها أن  العقلية القيادية السلطوية التي تتحكم  بمكة، وإن هزمت يوم الفتح..

 

 

 

مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.47769
Total : 101