Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
كربلاء برؤية جديدة .. الحلقة السابعة عشرة
الأحد, تشرين الأول 11, 2015
الشيخ عبد الحافظ البغدادي

 

الذراع العسكري للحزب الأموي – المسلحون–

 

لكل حزب يحاول الوصول والاحتفاظ بالسلطة , ثلاثة خطوط ...

 الأول الخط السياسي: ويسمى المكتب السياسي في زماننا الحالي, وهم ممن يضعون الخطط للحزب ويمثلون الواجهة السياسية ويتحدثون باسم حزبهم  . ,,

الخط الثاني : أعضاء القيادة الذين يمارسون السلطة وتناط بهم مسؤوليات سياسية واجتماعية لإدارة البلد .. وهؤلاء يتصرفون بتوجيهات ذلك الحزب .وتنبثق القيادة من المكتب السياسي .وهم الذين يشرفون على القواعد الشعبية التابعة لهم ..

الخط الثالث : هم المسلحون .. الذراع العسكري ... الذين يقومون بتنفيذ الاغتيالات , ويكون عملهم مع السلاح , ينفذون أوامر القيادة السياسية للحزب في المهمات الحربية , ويقتلون المعارضة  ومن وقع عليه الرأي بالإبعاد والتصفية .

        الأمويون بما إنهم ثاني  تنظيم حزبي  في الإسلام , كانوا يملكون أقوى ذراع عسكري في المنطقة .!. وقد سبقهم الحزب القرشي بالتنظيم الذي خطط لإبعاد علي بن أبي طالب {ع} من الخلافة ,ونجح في ذلك (   )   فكانت لدى الحزب الأموي تجربة تراكمية لهذا العمل . لذلك لا يمكن أن يجري الناس العاديين وراء زعامات غير مستوفية لشروط الزعامة , ويقتلون شخصيات مشهود لها بالقدسية والقرابة لرسول الله{ص}  , أو إبعاد من نص عليه الله ورسوله (    )..

         إذن كتابة تاريخ كربلاء , وتاريخ أهل البيت {ع} يكتب بهذه المقدمات التي هيأت للقوة العسكرية من الاستحواذ على السلطة بقوة السيف والدم والقتل ..

 

التنظيم السري الذي قتل الحسين {ع}

 

        بدأت المؤامرة على الكوفة منذ زمن عثمان بن عفان   , حين تولية الوليد بن عقبة عليها .. جاء إليها الوليد وأخوه عمارة ولكنّه لم يخرج منها مطلقا حتى بعد إعفاءه, بقي منظما وداعيا للحزب الأموي .يتردد بين الشام والعراق ليشكل تنظيما أمويا داخل دولة الإمام{ع}  ..وأمسى عينا لمعاوية أيام حكومة  الإمام  علي {ع}  فلمّا رأى ما رأى من عودة الإمام إلى الكوفة وتشتّت شمله كتب إلى معاوية يبشّره بذلك :{أمّا بعد ، فإنّ عليّا خرج عليه عليَة أصحابه وقرّاؤهم ونسّاكهم فخرج إليهم فقتلهم ، وقد فسد عليه جنده ، وأهل مصره ( الكوفة ) ووقعت بينهم العداوة وتفرّقوا أشدّ الفرقة ، فأحببت إعلامك لتحمد اللّه‏ ! والسلام }.(    ).  

           رجل آخر اسمه عبد اللّه‏ بن مَسعدة الفزاري صبيّا من سبي فزارة على الرسول {ص}  فوهبه لابنته فاطمة ، فكان في بيت علي {ع} ، ثمّ خرج مع جنود الفتوح إلى الشام ولحق بمعاوية ، فصار أشدّ الناس ضد علي {ع} ,كان من المتأثرين بالوليد والمتعصبين لمعاوية ضد علي {ع}  روى الثقفي عنه قال : كنّا مع معاوية معسكر خارج دمشق وبلغنا أمر الخوارج ، فكنّا نتخوّف أن يفرغ علي{ع} من الخوارج ثمّ يقبل إلينا ، إذ جاءنا كتاب عُمارة بن عقبة من الكوفة ، فقرأه معاوية عليّ وعلى أخيه عتبة بن أبي سفيان والوليد بن عقبة أخي عمارة ، وأبي الأعور السلمي ، ثمّ نظر إلى الوليد وقال : لقد رضي أخوك أن يكون عينا لنا ! فضحك الوليد وقال : إنّ في ذلك لنفعا !... في هذا المعسكر اتخذ قرار الغارات على المدن التي يحكمها الإمام {ع}..

             بدأ معاوية بقرار الغارات على أطراف حكومة الإمام {ع} ، فبدأها من معسكره خارج دمشق ، وقد جعل الضحّاك بن قيس الفهري أميرا على شرطته ، وضمّ إليه خيلاً ما بين الثلاثة إلى أربعة آلاف فارس ، وقال له : سِر حتى تمرّ بمرتفعات نواحي الكوفة ، فإن وجدت له مسلحة أو خيلاً فأغر عليهما ، وإذا أصبحت في بلدة فأمس في أخرى. (   ).

 خرج الضحّاك ,يقتل من يلقى من الأعراب ويأخذ ماله ! فمرّ على طريق الحجاز للعراق بين الثعلبية ,أواخر شهر صفر عند عودة حُجّاج الكوفة ، فأغار عليهم وأخذ أمتعتهم ! ولقي عمرو بن عميس ابن أخ عبد اللّه‏ بن مسعود الذهلي الصحابي ، فقتله ومن معه من أصحابه ! وعاد على أدراجه(  ).فدعا الإمام {ع}  حُجر بن عدي , فعقد له راية على أربعة آلاف ، و سرّحه يتعقّب الضحّاك بن قيس نحو السماوة ، ولقي بها امرأ القيس بن عديّ الكلبي صهر الحسين بن علي {ع} فدلّوه على مياه الطريق ، فلم يزل في أثر الضحّاك حتّى لقيه في بريّة الشام نحو تدمر ( قبل حلب بخمسة أيام ) فتواقفوا وتقاتلوا مساء حتى قتل من أصحاب الضحّاك تسعة عشر رجلاً ومن أصحاب حجر رجلان وقرب المساء فحجز الليل بينهما ، فلمّا أصبح أصحاب حجر لم يجدوا لجيش الفهري أثرا فعاد حُجر إلى الكوفة (    ).

        وبدأت التنظيمات العسكرية تلعب دورا قتاليا داخل المجتمع المسلم , صار المسلم لا يامن على حياته وماله وعرضه .. وقضية الغارات الأموية مشهورة في التاريخ (   ). وفي الهامش ما يغنيا الإطالة في هذه النقطة المهمة من تاريخ الاموين عسكريا وسياسيا..

  ولم تقتصر الغارات العسكرية على مدن العراق , بل شملت دولا افريقية حين غار عمرو بن العاص على مصر..... كان عمرو بن العاص قد بايع معاوية لقتال الإمام عليه‏السلام على أنّ له مصر طعمه ما بقي ، فلمّا انصرف عمرو من أمر الحكمين بايع أهل الشام معاوية بالخلافة ، فما كان لمعاوية همٌّ إلاّ مصر ، وقد بلغه خبر الخوارج .فدعا معاوية عمرو بن العاص ، وبسر بن أبي أرطاة العامري القرشي ، وحبيب بن مَسلمة والضحّاك بن قيس الفهريّين ، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد المخزومي من قريش ، ومن غيرهم : أبا الأعور السلمي ، وحمزة بن مالك الهمداني ، وشرحبيل بن السمط الكندي .

              في ذلك الاجتماع للمكتب السياسي للحزب الأموي , اتخذ قرار ان يقوم الحزب وميليشياته بتصفية الكوادر الشيعية في مصر .. فوقف معاوية وحمد اللّه‏ وأثنى عليه وقال : أمّا بعد ، فقد رأيتم كيف صنع اللّه‏ لكم في حربكم هذه على عدوّكم ، ولقد جاءوكم وهم لا يشكّون أ نّهم يستأصلون بيضتكم ويحوزون بلادكم ، وما كانوا يرون إلاّ أ نّكم في أيديهم ، فردّهم اللّه‏ بغيظهم لم ينالوا خيرا « وكفى اللّه‏ المؤمنين القتال » حاكمتموهم إلى اللّه‏ فحكم لكم عليهم . ثمّ جمع لنا كلمتنا وأصلح ذات بيننا ، وجعلهم أعداء متفرّقين يشهد بعضهم على بعضهم بالكفر ويسفك بعضهم دم بعض . وقد رأيت أن أُحاول حرب مصر فماذا ترون ؟{ هذا اجتماع مهم للقيادة الاموية لاتخاذ قرار الحرب في مصر }  فقال عمرو : أرى أنّ أمر هذه البلاد ـ لكثرة خراجها وعدد أهلها ـ قد أهمّتك ، فدعوتنا لتسألنا عن رأينا في ذلك . فإن كنت لذلك دعوتنا وله جمعتنا فاعزم واصرم ، ونعم الرأي ما رأيت ، فإنّ في افتتاحها عزّك وعزّ أصحابك وكبت عدوّك وذلّ أهل الخلاف عليك . وقد أخبرتك عمّا سألت ، وأشرت عليك بما سمعت . فقال له معاوية : يابن العاص لقد أهمّك ما أهمّك ! ( أي أهمّه أمر مصر لما أهمّه من أمر موعده ) .

       ثم قال معاوية للآخرين : وأنتم ما ترون ؟ قالوا : نرى ما رأى عمرو ! قال معاوية : إنّ عمرا قد عزم وصرم ولم يبيّن كيف نصنع ؟ فقال عمرو : فإنّي اُشير عليك كيف تصنع : أرى أن تبعث جيشا كثيفا ، عليهم رجل صارم تأمنه وتثق به ، فيأتي مصر فيدخلها ، فإنّه سيأتيه من كان من أهلها على مثل رأينا ، فيظاهر على من كان بها من عدوّنا ، فإن اجتمع بها جندك ومن كان بها من شيعتك على من بها من أهل حربك ، رجوت أن يعزّ اللّه‏ نصرك ويظهر فلجك ! فقال معاوية : أمّا أنا فإنّي أرى أن نكاتب "من كان بها من شيعتنا " ومن كان بها من عدوّنا ، فندعوهم إلى صلحنا ونمنّيهم شكرنا ونخوّفهم حربنا ، فإن صلح لنا ما قبلهم بغير حرب ولا قتال فذلك ما أحببنا ، وإلاّ فحربهم بين أيدينا . فقال له عمرو : فاعمل بما أراك اللّه‏ ! فو اللّه‏ ما أرى أمرك وأمرهم يصير إلاّ إلى الحرب العوان(     ) .

 

عناصر الاستخبارات الأموية 

 

            يظهر من خلال مراجعة التاريخ أن عناصر الاستخبارات الأموية كان لها دور فعال في القضاء على الشيعة وتصفيتهم في البصرة والكوفة ومصر والحجاز , في مصر وكان رأس كان مسؤول الاستخبارات مَسلمة بن مخلّد الأنصاري ، ومعاوية بن حُديج الكندي السكوني ، وكانا يخططان ضد حكومة الإمام علي بن ابي طالب {ع} ومحمد بن أبي بكر وأصبح عندهم تنظيم خاص " ميليشيا" ولكنهم كانوا يهابون الإقدام  وإعلان عمليات عسكرية ,حتى وصلهم خبر الحكمين فاجترؤوا على الحكومة وعلى الشيعة هناك ونابذوهم .. وأول عمليات الاغتيالات السياسية بدأت في مصر حين تم قتل رجل من كلب وآخر من قبيلة أخرى قتلوهما ..(    ). 

      هذا يبين إن السلطة الأموية تخطط من خلال عناصر الاستخبارات المنتشرة في جميع البلدان الإسلامية الى عدة أمور ...

1- زرع العيون ومراقبة التحركات العسكرية , للانقضاض على رجال الشيعة في جميع البلدان , وفي الرواية أعلاه وضحت الغاية حين وصلت معلومات عن التحكيم , قامت عناصر الاستخبارات بقتل رموز شيعية للتخلص منها ..

2- إيصال تقارير إلى المكتب السياسي للحزب الذي يسيطر عليه معاوية , وانتظار الأوامر من هناك , لتنفيذ أي أمر .. سواء اغتيالات أو إشاعات ..

3- العمل على توسيع مفهوم المعارضة للإمام علي {ع} وأبناءه, من خلال اتهامه بدم عثمان  ...

           

ويظهر هذا من خلال الوثيقة التي تسربت لكتب التاريخ , حين كتب معاوية , إلى عناصر التنظيم والاستخبارات في مصر الكتاب التالي ..: أمّا بعد ، فإنّ اللّه‏ عزّ وجل قد ابتعثكما لأمر عظيم ، أعظمَ به أجركم ورفع به ذكركم ، وهو طلبكم  بدم الخليفة المظلوم ، وغضبتم للّه‏ إذ ترك حكم الكتاب ! وجاهدتم أهل الظلم والعدوان ! فأبشرا برضوان اللّه‏ وعاجل نصرة أولياء اللّه‏ والمواساة لكم في دار الدنيا وسلطاننا ، حتى ينتهي ذلك إلى ما يرضيكم ويؤدّى به حقّكم, وجاهدوا عدوّكم ، وادعوا المدبرين الى هداكم ..والسلام عليكم ... 

                      وبعث بالكتاب مع مولاه سُبيع بن يزيد الهمداني ، فخرج الرسول بكتابه حتّى دفع الكتاب إلى مَسلمة بن مخلّد الأنصاري ، فلمّا قرأه قال له : القِ به معاوية بن حُديج ثمّ القني به حتى اُجيب عنّي وعنه . فانطلق الرسول بكتاب معاوية إليه فأقرأه إيّاه ثمّ أبلغه مقالة مَسلمة وأتى بالكتاب إلى مَسلمة ، فكتب الجواب :  إلى معاوية بن أبي سفيان ، أمّا بعد ، فإنّ هذا الأمر الذي قد ندبنا له أنفسنا وابتعثنا اللّه‏ به على عدوّنا أمر نرجو به ثواب ربّنا ! والنصر على من خالفنا ، ونحن بهذه الأرض قد نفينا من كان بها من أهل البغي ، وأنهضنا من كان بها من أهل « القسط » والعدل . وقد ذكرت مؤازرتك في سلطانك وذات يدك . فعجّل علينا بخيلك ورجلك ! فإنّ عدونا قد كان علينا حربا وكنّا فيهم قليلاً ، وقد أصبحوا لنا هائبين وأصبحنا لهم منابذين ، فإن يأتينا مدد من قبلك يفتح اللّه‏ عليك ! والسلام عليك . ورجع سُبيع بالكتاب إلى الشام ، وكان معاوية يومئذ في فلسطين فجاء به إليه .  فدعا معاوية امكتبه السياسي ,واستشارهم ماذا يرون ؟ فأثاروه لإرسال الرجال للقتال ، فأشار إلى عمرو بالإمرة وجهّز له ستة آلاف رجل ، إضافة إلى اعتماده على العناصر الاستخبارية في مصر , وأوصاه بقتل  محمد بن أبي بكر والي الإمام في مصر(    ).

***

       تسارعت الأحداث السياسية , وصلت أخبار إلى الإمام علي {ع} ما يقوم به معاوية وحزبه واستخباراته العسكرية , فقرر على أثرها إرسال  مالك الأشتر إلى مصر , لتهدئه الأمور ومسك البلاد وإنقاذ العباد .. 

                   مع انقضاء شهر رمضان انتهى تحكّم الحكمين في دومة الجندل ,وعاد ابن عباس والأربعمائة من قوّات الإمام مع شريح بن هانئ الطائي إلى الكوفة ، وكان الخوارج قد أعلنوا خلافهم لتنفيذ التحكيم ، وبلغ الإمام {ع} خبرين في يوم واحد ..  هما قضية رفض الخوارج مبدأ التحكيم .. فتشكلت كتلة خارجة على القانون في العاصمة الإسلامية .. والخبر الثاني , حركة الجيش الأموي إلى مصر لاحتلالها في وقت كان مفاوضهم يتفاوض مع أبي موسى الأشعري ,..

          قرر الإمام أمير المؤمنين أن يرمي عدوه بسهم قاتل . فقرر أن يرسل مالك الاشتر إلى مصر  ، وكان الإمام{ع} قد أرسل الأشتر إلى ولاية ثغر نصيبين ، ولكنّه كتب إليه في الأمر الطاريْ  ان يجعل وجهته إلى مصر .. فكتب أليه : أمّا بعد ، فإنّك ممّن أستظهر به على إقامة الدين ، وأقمع به نخوة الأثيم ، وأسدّ به الثغر المخوف . وقد كنتُ ولّيت محمد بن أبي بكر مصر ، فخرجت عليه خوارج ( قبل وصول ابن العاص ) وهو غلام حدث السن ، ليس بذي تجربة للحرب ( عسكريا ) ولا بمجرِّب للأشياء ( سياسيا ) فاستخلِف على عملك أهل الثقة والنصيحة ، وأقدم عَليّ لننظر فيما ينبغي ، والسلام .  فاستخلف مالك لعمله شبيب بن عامر الأزدي ، وأقبل مالك إلى الإمام {ع} فدخل عليه ، فحدّثه حديث مصر وأخبره خبر أهلها ....وقال له : فليس لها غيرك ! فاخرج إليها رحمك اللّه‏ ، فإنّي إن لم اُوصك اكتفيت برأيك ، واستعن باللّه‏ على ما أهمّك ، اخلط الشدّة باللين ، وأرفق ما كان الرفق أبلغ ، واعتزم على الشدّة حين لا يغني عنك إلاّ الشدّة..

***

               يبدو أن المعلومات الاستخبارية لم تكن مقتصرة على الحزب الأموي , بل هناك من الشيعة يتصلون بمالك الاشتر وغيره من كبار قادة الإمام أمير المؤمنين {ع}  وقد روى المعتزلي ، عن الاجتماع الذي عقد ذلك اليوم بين الإمام {ع} ومالك الاشتر . وجرى الحديث مناقشة مواضيع الساحة السياسية , خاصة وصول معلومات تفيد بتخاذل بعض المغرر بهم والتحاقهم الى معاوية  فقال الأشتر : يا أمير المؤمنين ، إنّا قاتلنا أهل البصرة بأهل البصرة وأهل الكوفة ورأي الناس واحد ، وإنّما اختلفوا بعد وتعادوا ، وضعفت النية وقلّ العدد ( لأنّك ) تأخذهم بالعدل وتعمل فيهم بالحقّ ، وتنصف الوضيع من الشريف ، فليس للشريف عندك فضل منزلة على الوضيع ( ولذلك ) ضجّت طائفة ممّن معك من الحقّ إذ عُمّوا به ، واغتمّوا من العدل إذ صاروا فيه إذ تساووا فيه ، ورأوا صنائع ( إحسان ) معاوية عند أهل الشرف والغناء ، فتاقت أنفسهم إلى الدنيا ، وقلّ من ليس للدنيا بصاحب ! وأكثرهم يبيع الحقّ ويشتري الباطل ويؤثر الدنيا .(    ).. 

         يا أمير المؤمنين ، إنّك إن تبذل هذا المال تميل إليك أعناق الرجال ! وتصفو نصيحتهم وتستخلص ودّهم ! ثمّ قال له : صنع اللّه‏ لك يا أمير المؤمنين ، وكبت أعداءك وفضّ جمعهم ، وأوهن كيدهم وشتّت أُمورهم ، إنّه بما يعملون خبير . فأجابه الإمام{ع} : أمّا ما ذكرت من سيرتنا بالعدل فإنّ اللّه‏ عزّوجل يقول : « مَنْ عَمِلَ صَالِحا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا » وأنا من أن أكون مقصّرا فيما ذكرت أخوف !..

        وأمّا ما ذكرت من أنّ الحقّ ثقل عليهم ففارقونا ، فقد علم اللّه‏ أ نّهم لم يفارقونا من جور ولا لجؤوا إلى عدل إذ فارقونا ، ولم يلتمسوا إلاّ دنيا زائلة عنهم كأن قد فارقوها وليسألنّ يوم القيامة : أ للدنيا أرادوا أم للّه‏ عملوا ؟ .. وأمّا ما ذكرت : من بذل الأموال واصطناع الرجال ، فإنّه لا يسعنا أن نؤتي امرءا من الفيء أكثر من حقّه ( بالسواء ) فإن يرد اللّه‏ أن يولينا هذا الأمر يذلّل لنا أصعبه ويسهّل لنا أحزنه , ثمّ قال له : وأنت من أمن الناس عندي وأنصحهم لي وأوثقهم في نفسي إن شاء اللّه‏ ، وأنا قابل من رأيك ما كان رضا للّه‏ عزّ وجل(  ) .

        يتبين من هذا الاجتماع نقاط عديدة , أهمها ثبات أمير المؤمنين {ع} على الحق وعدم تزلزله قيد أنمله , والثاني إن الناس لم يكونوا من شيعته ومواليه خاصة المجتمع الكوفي , بل يطلق عليهم القول الشائع " الناس عبيد الدنيا , والدين لعق على ألسنتهم , يلوكونه ما درت معايشهم , فان محصوا بالبلاء قل الديانون " (   ). وحين عرض عليه اصحابه الواقع السياسي , والدور الذي يلعبه معاوية في باطله طلب اصحابه ان يعطي القرشيين من اموال الدولة , ويفضلهم على الموالي والأعراب والعجم  .. قال كلمته المشهورة :"أتأمرونني أن أطلب النصر بالجور ؟! لا واللّه‏ ما أفعل ما طلعت الشمس وما لاح في السماء نجم ! واللّه‏ لو كان هذا المال لي لواسيت بينهم فكيف وإنّما هي أموالهم(   )..    

 

***    

                مما يؤكد قوة الاستخبارات الأموية في عاصمة الإمام أمير المؤمنين {ع} كما ذكرنا إنهم زرعوا في بيت الإمام {ع} عينا كان يعمل لصالح الحزب الأموي , هو عبد الله بن مسعده الفزاري, هذا وأقرانه كانوا يراقبون الاجتماعات بكثب مراقبة دقيقة , وينقلون القرارات الحاسمة إلى المكتب السياسي للحزب الأموي , وبهذا  أدركت عيون معاوية في العراق خبر سفر الأشترالى مصر  لتسلم القيادة .. فطاروا به إليه في الشام ، فعلم معاوية بمسير الأشتر إلى مصر عن طريق الحجاز إلى بحر القلزم ( البحر الأحمر ) حيث ترسو السفن إلى مصر ، فأرسل إلى رجل الاستخبارات ان يغتالوه في الطريق .., وصلت الأوامر إلى  جُباة الخراج , وهم الذين يجمعون الاتاوات لمعاوية ,  فابلغ رجال الاستخبارات رجلا  يدعى  الجايستار ، أن الأشتر قد وُلّي على مصر ، فإن كفيتنا  أمره بقتله , لم نأخذ منك  خراجا ما بقيتُ وبقيتَ ، فاحتل له بما تقدر عليه !... وهذه عملية اغتيال كبيرة محاطة بالسرية التامة ,

        فخرج الجايستار حتّى أتى البحر الأحمر ينتظر مالك الاشتر , فلمّا وصله الأشتر أتاه الجايستار الذي دسّه معاوية فقال للأشتر : أنا رجل من أهل الخراج ، وهذا منزل فيه طعام وعلف فانزل فيه . فنزل الأشتر بذلك المنزل ، وأتاه الجايستار بطعام وشراب ، فلمّا أكل الطعام أتاه بشراب فيه عسل مسموم ، فشربها فمات بها ... وهذا من أعمال المخابرات التي تمتهن القتل والإقصاء والتصفية الجسدية ..

          يقول الشعبي: أن ذلك كان في عَقَبة أفيق (من قرى حوران إلى الغور من الأُردن) وطلبوا الرجل ففاتهم! وعن الضَبّي: أنه كان مولى لآل عمر، وقيل: لآل عثمان.(    ).. 

    يتبين إن أكثر من عنصر كانوا مشتركين في قتل مالك الاشتر رضوان الله عليه , وتم متابعته منذ اجتماعه مع الإمام أمير المؤمنين {ع} وقرار توليته مصر ..مرورا في سفره وتنقله من الحجاز  , ومتابعته في الطريق , ووصوله إلى الأردن وثم إلى مصر .. وهذه ليست مكيدة الساعة , بل تخطيط استخباري اشتغلت عليه أجهزة الاستخبارات الأموية ونجحت في اغتيال أعظم قائد شيعي ..

           يقول المدائني : أنّ معاوية قال لأهل الشام : أيها الناس ، إن عليّا قد وجّه الأشتر إلى أهل مصر، فادعوا اللّه‏ أن يكفيكموه! فكانوا يدعون اللّه‏ عليه في دَبر كل صلاة! حتّى عاد الذي سقاه السمّ فأخبره بمقتله ، فقام معاوية خطيبا فقال لهم : أما بعد ، فإنه كان لعليّ بن أبي طالب يدان يمينان ، فقُطعت إحداهما في صفين ( عمّار بن ياسر ) وقطعت الأُخرى اليوم وهو مالك الأشتر, ثمّ قال مشيرا إلى سبب قتله : إن للّه‏ لجندا من عسل(    ) .

 

 

مقتل محمد بن أبي بكر وسقوط مصر 

 

                 يمكن القول أن معاوية أول من ابتدع قاعدة " الغاية تبرر الوسيلة " وعلى أساسها حطم القيم والمبادئ وانتهك الحرمات وأراق الدماء ونقض العهود وغدر بالمسلمين وبدل أحكام الدين , واستعان بشرار الخلق من أجل تصفية المعارضين والقضاء على شيعة الإمام علي عليه السلام  ومحو ذكره . . وعلى رأس الذين استعان بهم معاوية في تصفية المسلمين الملتزمين بالإسلام النبوي عمر بن العاص والضحاك بن قيس , وبسر بن أرطأة .

تلك الشخصيات  الدموية التي لم ترحم شيخا ولا امرأة ولا طفلا وارتكبت من الفظائع والمنكرات ما تقشعر له الأبدان . .

   وفي إسقاط حكومة الإمام أمير المؤمنين {ع} في مصر وقتل محمد بن أبي بكر , اجتمعت طواغيت الأرض , لتستأصل الحق ورموزه , بالباطل وجنوده , وجرت معارك  طاحنة في هذه الفترة لمدة شهر ونصف , بين قتل وفر , وزحف الاعراب وممن ليس في قلبه ذرة علم ولا ايمان بالله ورسوله , تقودهم رايات الضلالة والباطل ... اضطرّ محمد بن ابي بكر الصمود والقتال بشكل لم يسبق له مثيل في الدفاع عن الحق والعدل , فخرج بنحو ألفين ممّن اجتمع له ، ولكنّهم تفرّقوا عنه وتركوه وحده ، حتّى لجأ إلى(   ). خربة خارج فسطاط ولعلّها من خرائب القرية القديمة للفراعنة « عين شمس » حيث قتل الأشتر قبله مسموما بعسل معاوية . وخلا الجوّ للجور فأقبل ابن العاص ومعه ابن حديج بجمعهم نحو الفسطاط حتّى دخلوها بلا معارض .

             ثمّ خرج ابن حديج بجمعه في طلب محمّد ، فانتهى إلى جمع من النصارى الأقباط على قارعة الطريق فسألهم : أما مرّ بكم أحد تنكرونه ؟ فقال له أحدهم : رأيت في تلك الخربة رجلاً جالسا بها ! فانطلقوا يركضون حتّى دخلوا الخربة واستخرجوه منها وكان قد ألقى سيفه ليختلط بالناس فلا يعرف فأقبلوا به إلى الفسطاط وسبقه خبره .

              من المفارقات العجيبة , ان عبد الرحمن بن أبي بكر أخو محمد, كان مع معاوية فالتحق مع جيش ابن العاص إلى الفسطاط ، فلمّا سمع بخبر أخيه محمد قام إلى ابن العاص وسأله أن يبعث إلى ابن حُديج ينهاه عن قتل محمد ، فقبل ابن العاص وأرسل إلى ابن حُديج : أن ائتني بمحمد . ولكن ابن حُديج لمّا سمع ذلك قال للرسول : قتلتم ابن عمّي كنانة بن بشر واخلّي لكم عن محمد ؟ هيهات ! ثمّ تلا الآية : « أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ »(2) ( ولكنه اجتمع به عند ابن العاص وعصى إلاّ قتله ) .كان محمّد عطشانا فقال لهم : اسقوني ماءً ! فقالوا له لا سقانا اللّه‏ إن سقيناك قطرة أبدا ! إنّكم منعتم عثمان أن يشرب الماء حتّى قتلتموه ظامئا , واللّه‏ لنقتلك يا بن أبي بكر وأنت ظمآن فيسقيك اللّه‏ من الحميم والغسلين !(   ). 

            وبذلك سقطت دولة أمير المؤمنين عليهم السلام في أفريقيا , في مصر وما تبعها من مناطق أخرى ,  وقامت  القوات الغازية بأكبر عملية تصفيات بحق شيعة علي وأبناءه عليهم السلام  كشح عنها كتاب التاريخ , ولم تدون الجرائم المروعة بحق النساء والأطفال والرجال , وكان للعناصر الاستخبارية دورا كبيرا في القتل والتشريد وحرق البيوت وتجريف المزارع ...{{ فكيف يتمكن  الشيعة من كتابة التاريخ الشيعي الصحيح في ظل هذه الظروف العصيبة }} ..

      ومما يثبت شدة الهجمة والتصفيات الجسدية , عودة عيال محمّد بن أبي بكر ,وفيهم ابنه القاسم إلى المدينة المنورة , وهم أحفاد أبي بكر الخليفة الأول , فلم تؤويهم دار , وليس لهم قرار  فضمّتهم عائشة إليها ،وهي عمتهم زوج الرسول {ص} ودخلها من الحزن على أخيها, وما جرى عليه في قتله , وأخذت تقنت على معاوية وابن العاص ,وعلى عمرو وابن حديج في دبر كل صلاة تصلّيها ,  وحلفت أن لا تأكل شواءً أبدا (    ) .

                   وكان الإمام عليه‏السلام بعد التحكيم واتهام الخوارج له بالمهادنة ، كان إذا صلّى الصبح والمغرب يقنت فيقول : { اللهمّ العن معاوية وعمرا وأبا موسى وحبيب بن مسلمة ، والضحاك بن قيس ، والوليد بن عقبة ، وعبد الرحمان بن خالد بن الوليد} {{ ونحن نقول اللهم العن أول ظالم لآل بيت , محمد وآخر ظالم , وأدخلهم نارك وسخطك}}...

       لمّا بلغ ذلك معاوية كان يقنت فيلعن عليّا وابن عباس وقيس بن سعد والحسن والحسين عليهم السلام , وكانت الوقعة بين عمرو والمصريين في موضع يدعى المسنّاة في شهر صفر سنة ( 38 هجرية) وكانت متزامنة مع وقعة النهروان ورجوع الإمام {ع}إلى الكوفة ، فكان انتصاره على الخوارج في النهروان متزامنا مع سقوط مصر بيد عمرو لمعاوية ..(   )..

             وكان معاوية أول من ابتدأ بقطع الرؤوس في الإسلام . فقد قطع رأس عمار بن ياسر ورأس عمرو بن الحمق,  وهو أحد الذين قادوا الثورة ضد عثمان . كذلك فعل مع محمد بن أبي بكر في مصر حين دخلها عمرو بن العاص ووضعوا جثته في حمار ميت وأحرقوها . وقد أصبحت سنة قطع الرؤوس التي سنها معاوية من السنن التي التزم بها الحكام من بعده .

            ومن جرائم معاوية أمره بسب الإمام علي ولعنه على المنابر ومثل هذه الجريمة لا تعد موقفا شخصيا عدائيا من الإمام{ع}  إنما هي تعبر عن عدائية معاوية للإسلام النبوي الذي يمثله وخوفه من أن تتسرب مفاهيم هذا الإسلام للمسلمين فيكتشفوا زيفه وضلاله .

 

وتصدى الشيعة لهذه الحملة الإعلامية الشيطانية التي قادها معاوية ضد الإمام علي {ع} بعد مصرعه ومصرع الحسن وسيطرته على الحكم . . وعلى رأس الذين تصدوا لحملة معاوية هذه الصحابي الجليل حجر بن عدي وعدد من أنصار الإمام في ولاية زياد بن أبيه بالعراق .

            فكان أن قبض عليه زياد وعدد من رفاقه وأرسلهم إلى معاوية في الشام بكتاب يحرضه فيه عليهم متهما حجرا وأصحابه بالدفاع عن علي والبراءة من عدوه وأهل حربه . وقد طلب من حجر وأصحابه البراءة من علي ولعنه فأبوا . وقال حجر : لا أقول ما يسخط الرب . فأمر معاوية بقتله وعدد من أصحابه في مرج عذراء عام 51 ه‍ . .(   )..

          ومن جرائم معاوية تآمره على قتل الإمام الحسن بالسم وتوليه ولده يزيد خليفة له فكان أن شرع للملكية في الإسلام لتذوق الأمة على يد ولده وملوك بني مروان من بعده ألوان العذاب والظلم والاستبداد . . يقول الحسن البصري : أربع خصال كن في معاوية لو لم تكن فيه إلا واحدة لكانت موبقة . انتزاؤه على هذه الأمة بالسيف حتى أخذ الأمر من غير مشورة وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة . واستخلافه بعده ابنه سكيرا خميرا يلبس الحرير ويضرب الطنابير . وادعاؤه زيادا وقد قال رسول الله {ص} الولد للفراش وللعاهر الحجر . وقتله حجرا وأصحاب حجر فيا ويلا له من حجر ويا ويلا له من حجر وأصحاب حجر . . (    ) ..

            وعلى يد يزيد بن معاوية وقعت جرائم بشعة ,  الأولى قتل الحسين عليه السلام وأهل بيته في كربلاء .. تلك الملحمة التي فجرها سيد الشهداء , والتي حاولت الأجهزة الإعلامية الأموية أن ترمي تبعات الجريمة على شيعة أهل البيت {ع} وتبين للتاريخ إن يزيد رجل مهذب , يحترم الحسين{ع}  ومبادئه ونسبه ...(    ).

     ونحن الآن نستعرض الوجه الحقيقي لثورة كربلاء وما دخل عليها من تزييف للحقائق , وكيف كتبت بادي غير نظيفة , والحقيقة لا بد أن تظهر ولو بعد حين ...

 

مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.49475
Total : 101