قبل كل شيء نذكر ونؤكد ان المحكمة الاتحادية لا تخطو خطوة إلا بأقدام سياسية ، لذلك فان قرارها يوم امس باعادة نواب رئيس الجمهورية لعدم دستورية قرار إعفاءهم الصادر عن مكتب رئيس الوزراء السنة الماضية تقف خلفه عدة أسباب أهمها : - اختيار هذا التوقيت رغم مرور اكثر من سنة على صدور قرار الاعفاء الغرض منه محاباة النجيفي أولاً واستمالته وقتيا مع الشروع بدخول الموصل ، ومحاولة سحبه من الارتماء باحضان اردوغان من جهة وابعاد الشبهات والانتقادات الموجهة الى النخبة السياسية الشيعية بالطائفية في التعامل مع مسألة تحرير الموصل مترجمة اخرى .
- محاولة استمالة علاوي مع قرب موعد اجراء الانتخابات وهو الذي بدأ يصدر خلال الشهر الفائت عدد من التصريحات المطالبة بتعديل القانون الانتخابي وانهاء عمل مجلس المفوضية المسيّس.
- اعادة ترصين موقف المالكي رأس الدولة العميقة والتي تعتبر المحكمة الاتحادية احد اهم عناصرها والمؤتمرة بأمره رغم كونه كان خارج السلطة ، فعودته كنائب اول للرئيس معصوم مع التعويل على عدم استمرارية الاخير في الرئاسة لمرضه وتقادم عمره تجعل الفرصة سانحة للمالكي في ان يستأثر بالمنصب في اي وقت تسوء فيه حالة الرئيس.
- أما من مخرجات هذا القرار فأولها : توجيه صفعة مالكية لنده وغريمه رئيس مجلس الوزراء العبادي واتهامه بتعطيل الدستور وإصدار قرار بشكل مخالف لما نصّ عليه الدستور ، فتكون المحكمة الاتحادية العليا قد تركت فسحة لمن يريد استغلالها لاتهام رئيس مجلس الوزراء بارتكابه جريمة انتهاك الدستور .وثانيها : ان النجيفي سينتشي كمنتصر ، لانه قدم طعنا وكسبه قضائيا وسيعود الى منصب فيه امتيازات مالية ومعنوية وهو ما يطمح اليه كافة قادة العراق الجديد والنجيفي منهم ، حينها سوف ينسى مدينته الموصل كما نسي سرقة أصوات ومقاعد كتلته بعد الانتخابات عندما تمت مكافأته بالمنصب.
اما ثالثها فهو محاولة تلميع صورة القضاء المشوهة لدى العراقيين بإعطاء رسالة ان الطاعن هو النجيفي وليس المالكي المتهم بتسييس القضاء وقد كسب القضية ، مع ان مردوداتها الإيجابية ستكون للمالكي وليس لغيره.
ورابعها ان علاوي رغم تصريحه مباشرة بعد صدور القرار بانه لن يعود للمنصب ثانية ، الا ان هذا القرار سوف يخفف من وطأة مهاجمته للوضع العراقي في كافة مجالاته وخاصة فيما يتعلق بفشل التحالف الوطني في سياساته وباستشراء الفساد المالي والاداري في جميع مفاصل الدولة وتسييس الانتخابات وهو المبتغى من القرار.
وهكذا فان هذا القرار وغيره من القرارات تدخل ضمن مناورات السياسة في العراق الجديد التي لا تمت للقانون ومهنيته بصلة ، يضحك بها الماسكون بالسلطة على أقرانهم من سياسيو الصدفة بإغرائهم بالمناصب ومنحهم إياها تارة وسحبها منهم تارة اخرى متى ما شاؤوا وبحسب المعطيات السياسية في البلد ، لذا لا عجب ان يصف المالكي القرار ب "المحترم" ويرفضه علاوي لمعرفته بما يقف وراءه ويسكت عنه النجيفي لأنه الطاعن .
مقالات اخرى للكاتب