العراق تايمز: كتب أحمد محمد الاسدي..
كان منح اقامات طلبة العلوم الدينية الاجانب وهم الايرانين والأفغان والباكستانيين والهنود و غيرهم، في زمن النظام البائد بيد ألحكومة ولعل الكثير ممن سمع قصة السيد الصدر الثاني وبشير الباكستاني، عندما اراد الاخير تجديد اقامته ولم يرض الصدر الثاني بتجديدها، فان حكومة صدام جددت له الاقامة رغما على الجميع. بعد سقوط النظام حصرت الاقامات بلجنة حوزوية من المفروض انها تتشكل من المراجع (الاربعة) الا ان الحقيقة هي محصورة بالسيد (محمد رضا السيستاني)، فالذي يرضا عنه السيد تجدد له الاقامة ومن لم يرض عنه يسفر. هل تعلمون كيفية الرضا والسخط عند محمد رضا؟ يوجد جهاز متكامل لرقابة الطلبة، اين يذهبون، بمن يتصلون، اي مكان يرتادون، لعل البعض يتصور ان هذا العمل جيد وضروري، لكن الحقيقة هي ليس الهدف منها ما يدور بالذهن على اساس حسن الظن، وانما لمعرفة ولاءات الطلبة فكل من يثبت (تورطه) بعلاقة جيدة مع مرجع من المرجعيات التي يشعرون انها تنافسهم على مقعدهم فانه سيبعد من النجف، ومعظم طلبة الحوزة في النجف الاجانب يعرفون هذه الحقيقة، وهو خط احمر لا يمكن تجاوزه.
وقد سمعت من احد المشايخ من السعودية وهو يشكو من عدم تجديد الاقامة له بسبب المعلومات التي وصلت الى السيد (محمد رضا) من الجهاز التابع له، علما انه لم يرتاد ملهى ليلي او بيوت الدعارة او يرافق المعروفين بالفسق والفجور او له علاقة مع الارهاب او اي شيء من ذلك، بل ان السبب هو تردده على بعض الشخصيات العلمية التي لها اثر واضح في النجف لكن المشكلة ان السيد يريد التضييق عليهم ولا يريد اي شخصية من خارج العراق تطلع على انجازاته واثاره.فيقول هذا الشيخ السعودي وهو مذهول اني رأيت العجب من هذا السيد، لم اكن اتخيل ان يصل الامر الى هذا الحد.
بتاريخ 2/10/2013 طرح في البرلمان مشروع قانون اقامة الطلبة الاجانب من قبل لجنة الامن والدفاع، وقد حصلت خلافات بين الكتل النيابية على بعض فقراته، فقد اصرت كتلة دولة القانون على حصر الاقامات بمراجع الدين (الاربعة) ، فيما اصرت كتلة الفضيلة متمثلة بعضو لجنة الامن والدفاع د. عمار طعمة على اضافة الوقف الشيعي كجهة مخولة بمنح تصاريح الاقامة لطلبة الحوزة الاجانب، وفيما يلي نص الفقرة المراد تعديلها: المادة (21/اولا ) ((لمدير عام الجنسية العامة او من يخوله ان يسمح للأجنبي الاقامة في جمهورية العراق لمدة (3) سنوات لكل مرة تجدد عند الطلب للمدة ذاتها)). فأضيف لها: (الفقرة هـ من المادة (21/اولا) (( من استحصل على الانتساب في احدى الحوزات العلمية لغرض الدراسة فيها بموافقة لجنة الاقامة الحوزوية التابعة للمرجعيات الدينية او ديوان الوقف الشيعي)). قدم القانون الى رئاسة مجلس النواب على هذا الاساس ودرج ضمن جدول اعماله، كثف السيد (محمد رضا) اتصالته بعبد الهادي الحكيم والنائب حسن السنيد والنائب قاسم الاعرجي وعباس البياتي للحؤول دون قراءة هذا القانون، وحاولوا التاثير على بعض الاعضاء في اللجنة . وكان هناك اصرار من بعض اعضاء اللجنة على ان تبقى اللجنة الحوزوية ويعنى بها (محمد رضا) هي التي تقرر من تمنحه الاقامة ومن تمنعه منها. إلا ان النائب د. عمار طعمة طرح قضية مهمة وهي ان البلد يسير نحو دولة المؤسسات فلماذا لا يضاف ديوان الوقف الشيعي؟ فهي مؤسسة خاضعة للوائح وقوانين، ومن المسلم به وجود تنسيق بينها وبين المرجعيات في النجف. وصل الخبر الى السيد (محمد رضا) فلم يعجبه الحال وقال : ان هذا معناه ان يؤول الامر الى الفضيلة لان نائب رئيس ديوان الوقف الشيعي وهو الشيخ سامي المسعودي سيهيمن على الامور، وهذا ما لا نرضى به. بعدها كثف اتصالاته بعبد الهادي الحكيم الذي كان خارج البلد وابدى امتعاضه من المسألة وان هذا الامر يضر بالمرجعية. وقاموا بجمع تواقيع من البرلمانيين ليمنعوا قراءة القانون، حتى ان بعض الموقعين سحب توقيعه ان افهم بالقضية، واصر الرافضون لاضافة فقرة ديوان الوقف الشيعي اصرارا غريبا، والسبب هو ان (محمد رضا) على اتصال دائم بهم. بالمقابل اصر الذين مع اضافة الوقف على موقفهم، وهذا ما يفسر اتخاذ (محمد رضا) المواقف السلبية تجاه اقرار اي قانون فيه مصلحة للمسلمين الشيعة، بل ان الامر لا يقتصر على هذا الحد بل المتوقع عزل الكتل السياسية والشخصيات الدينية المرموقة التي لها اثر على الساحة العراقية والدولية وحرمها من اي نفوذ سياسي (ومفوضية الانتخابات بايديهم) يفعلون بها ما يشاؤون.
وهنا لا بد من سؤال: ما هو الضرر الذي ستتعرض له المرجعية العليا اذا كانت الاقامات مسؤولية الوقف الشيعي؟ هل ان الدرس او الاستخارة او غيرها من مهام المرجعية العليا على حد قولها سيتأثر؟ واذا كانت المرجعية تعلم بان الدين لا يمكن ان ينفك عن السياسة اذا ما هو سبب هذه الضجة والجلبة التي تثيرها يوميا بانها بمنأى عن السياسة! هل يعلم المجتمع العراقي بهذه التفاصيل؟ هل يعلم اين تصل يد المرجعية (محمد رضا) عندما يشعرون بأن احدا ما ينافسهم على ما اعتبروه من مسؤولياتهم، وما يثبت به عروشهم؟ هل اتصل (محمد رضا) بلجنة الامن والدفاع ليطمأن على الوضع الامني او يطمأن على دماء العراقيين؟ عندما يريد المواطن العراقي البائس بسبب تسلط هؤلاء ان تقضى له حاجة من المرجعية العليا ، يأتيه الرد بان المرجعية لا تتدخل بالسياسة! والاصح ان تقول ان المرجعية العليا ليس لها هم الا تثبيت عرشها وابعاد الخيرين واذلالهم. هل وصل حال المجتمع الى ما وصل اليه الشاميون في ايام الحروب بين معاوية وعلي (عليه السلام) حيث كانوا لا يفرقون بين الناقة والجمل؟ هل وصل الحال بالعراقيين الى ما وصل اليه الشاميون عندما دخل موكب سبايا الحسين (عليه السلام) الى الشام وهم يعتقدون انهم خوارج؟ فهل محمد رضا السيستاني الان احكم سطوته على الجميع ولا يريكم الا ما يرى؟.