النار وصلت الى أروربا. لن تتوقف عند الجريمة التي جرت، ولن تنحصر الجرائم اللاحقة في فرنسا. كل الدول الغربية والعربية، خصوصا التي أسهمت في نشوء هذه الحركات الارهابية ودعمتها وسهلت عملها وزودتها بالسلاح من أجل تكون أداة تستخدمها في سياسيتها وضغوطها ومخططاتها ضد دول أخرى. سيرتد الارهاب عليها الواحدة تلو الاخرى. هذا ما أكدته عشرات التجارب ومع ذلك لا نرى اتعاضا من هؤلاء.
في أفغانستان أسست الولايات المتحدة، بالتعاون مع السعودية أساس الارهاب باسم الاسلام في المنطقة بحجة صد النفوذ السوفيتي أوائل الثمانينيات. دعموا حركات الارهاب حتى تغولت وتوسعت حجما ومساحة لتصل الى الولايات المتحدة نفسها فكان تفجير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك وسقط الاف الضحايا. ارتد الامر على السعودية فظهر نشاط القاعدة وجرى تنفيذ عمليات إرهابية. كل الارهاب الذي نشاهده في المنطقة اليوم هو من تفرعات ذاك الذي انشئ في أفغانستان.
عندما أطيح بنظام صدام على يد القوات الاميركية عام ٢٠٠٣، تقاطر الارهاب على العراق ليلتحم مع حاضنة سياسية وطائفية له في الداخل. دعمه أكثر من طرف خارجي. دعمته أجهزة أميركية، بحجة تجميعه في العراق والقضاء عليه، وفي أحسن الاحوال، جعل العراق خط الدفاع الاميركي الاول ضد الارهاب وإبعاده عن الاراضي الاميركية كما كان الرئيس الاميركي السابق بوش الابن يكرر في خطاباته. دعمته دول خليجية لاسباب تتعلق بمواجهتها لايران مستخدمة البعد الطائفي الذي أجج نار حرب طائفية في العراق ما زالت قائمة حتى اليوم وبأشكال متنوعة. دعمته سوريا، بذريعة مواجهة النفوذ الاميركي وإشغالهم عن التفكير بالتوسع باتجاهها. النتيجة كانت أن الكثير من الاسلحة المجهزة للارهابيين بقيت في سوريا التي كانت أطراف دولية تحضّر لإشعال النار فيها بحجة الاطاحة بالنظام. أسهمت في ذلك دول خليجية وأخرى غربية من أبرزها فرنسا. أموال خليجية تحصل عليها باريس مقابل إرسال السلاح وغض الطرف عن أكبر عملية تجنيد وصناعة إرهابيين في صفوف الجاليات الاسلامية. أموال دول خليجية أخذت تزحف على باريس فطوقتها عبر شراء الكثير من المناطق المحيطة بالعاصمة الفرنسية.
ارتد دعم دمشق للارهاب في العراق عليها، والذين تدربوا في معسكراتها باتوا حركات ارهابية تقتل السوريين تحت شعارات طائفية، وتفرّع الارهاب بدعم دولي واقليمي لينتج لنا داعش التي دخلت العراق تحت مظلة غربية وتمويل خليجي، لتؤسس ما تسميه «إسلامية» ولتبدأ بتأسيس فرع لها لا تستثني السعودية وستمتد الى دول أخرى.
متى يعي هؤلاء ان اللعب بنار الارهاب سيحرقهم هم أيضا؟. الدولة الاقليمية التي تريد إحراق العراق وسوريا لن تنجو هي من النار، والدولة الغربية الداعمة لهذا الارهاب ستكون هي من ضحاياه
مقالات اخرى للكاتب