في ريغا عاصمة جمهورية لاتفيا التقى محللون ستراتيجيون وباحثون وسفراء وقادة سياسيين من الاتحاد الاوربي والعراق والامم المتحدة واميركا ومهتمون بالشأن العراقي يومي الاثنين والثلاثاء من الاسبوع الماضي في مؤتمر دولي بعنوان : "مؤتمر المصالحة والسلام في العراق" ، ومن متابعة سريعة لمجريات المؤتمر وما تسرب منه اعلاميا يتضح اتفاق حضوره على المشتركات التالية:
غياب مشروع حقيقي للمصالحة الوطنية في العراق.
انعدام لغة الحوار بين المكونات المختلفة.
غياب الطرق السلمية في معالجة وحل الازمات السياسية.
العزوف عن تصحيح اخطاء السياسة الداخلية.
واذا كان منظموا المؤتمر يقولون ان الهدف منه هو زيادة الوعي وتيسير المناقشات بشأن الوضع في العراق ، وكيفية التعامل مع داعش وتصحيح مسار العملية السياسية ، وانهاء ازمات البلاد سلميا. فان السؤال: لماذا ريغا في بحر البلطيق المتجمد مكانا لحل ازمة في الشرق الملتهب؟ هل لانها رئيسة للاتحاد الاوربي ام لانها اكثر امنا من المناطق القريبة من العراق؟ وهل نحتاج الى تصحيح مسار العملية السياسية من لاتفيا ام من داخل العراق وبارادة سياسية خالصة دون تدخل من احد؟ وهل المصالحة خيار مستورد من مؤتمرات الخارج ام انه تعايش تفرضه رغبة المكونات والاطراف العراقية؟ وهل مشاركة بعض السياسيين والسفراء العراقيين في المؤتمر هو للنزهة والاستماع ام لاعطاء شرعية للمقررات الختامية؟ وهل يعقل ان تهتم الولايات المتحدة الامريكية بمصالحة وسلام العراقيين من لاتفيا على بعد الآف الكيلومترات وتترك ابناءه بنفس الوقت في موقعة تحرير تكريت بمواجهة برابرة العصر دون غطاء جوي او دعم وتعاون ملموس!!؟؟.
اسئلة متعددة وعلامات استفهام كثيرة على هكذا مؤتمرات وطبخات سياسية غايتها التدخل السافر في شؤوننا الداخلية والتحكم بمستقبلنا ، ونحن نمنحها المبرر بالمشاركة الرمزية فيها اولا؛ والتصريحات السياسية المتشنجة ثانيا؛ التي تعطي ايحاءات واشارات سلبية عن الوضع الداخلي وتبرر سبل التدخل الخارجي ، وتأخرنا في معالجة مشاكلنا بسبب احتدام الخلاف حول طريقة حلها ثالثا.
فلو افترضنا ان مؤتمر المصالحة الوطنية الذي اعلن عنه قبل اكثر من شهرين عقد في بغداد ، لما تجرأت لاتفيا او اية دولة اخرى على اقامة مؤتمرات مغايرة بعده او حتى الاعتذار عن حضوره.. لكن سياسيينا من يمنحهم المبرر؛ بسلبيتهم وخلافاتهم وانانيتهم ، فانظروا الى انفسكم ايها السادة الى ما ستتركون لاولادكم الى ما تفعلوه بنا وبهم ، اتركوا الخلافات جانبا وتفرغوا للقضاء على الارهاب والمصالحة واعادة بناء البلاد.. خيارا افضل؛ بدلا من انتظار حلول مؤتمر البلطيق.
مقالات اخرى للكاتب