الناس سواسية كأسنان المشط لا فرق بين الذي ينتقل بالكوستر أو بين من ينتقل بطائرة خاصة ، كلنا سنصل في نهاية الأمر . ذلك ما كنت أحاول أن اقنع نفسي بهِ وأنا أنتظر الكوستر . نعم الناس سواسية كأسنان المشط فكلنا سنخرج من هذه الدنيا محشورين بصندوق خشبي مستطيل ، قد يكون هناك اختلاف في مراسيم الدفن ووليمة اليوم الثالث لكن المهم أننا سنخرج من هذه الدنيا متساوون في كل شيء . لا أريد أن أعكر مزاجكم بهذه الهلاوس التي تنتابني وتسيطر على خلايا دماغي فأنا مجرد نفر سيحشر على مقعد في قلب الحافلة ، ها هي اراها من بعيد تمشي الهوينا واعمدة الدخان ترتفع الى عنان السماء تشتكي ظلم اﻷنسان لها . انفرجت اساريري و أنا أتسلق عتبة الكوستر « سلام عليكم « هذا ما قلته لكني دونما رد من أحدٍ فالكل مشغول بنفسهِ . انتابني شعور بكوني نفر مركون على الكشن أدناه ومن خلال تجربتي المتواضعة في عالم الكوستر تيقنت بأنه من المستحيل أن تصل الى المكان الذي تريده في الوقت الذي خططت له وذلك بسبب حركة النازل والصاعد وحركة المحرك الذي مضى عليه اكثر من جيل . اليوم وبينما كانت الكوستر تمشي الهوينا بحركة بطيئة تشبه حركة السلحفاة وصوت المحرك يشبه صوت الماطور سكل بدون صالنصه . أحد انفار الكوستر كان يتحدث بهاتفه المحمول بصوت عالي :- لو ها أم محمد أني نازل ، نازل للولاية الو أني نازل نازل . فتوقفت الكوستر لعدة دقائق قال السائق : أخوان منو صاح نازل . فأجابه الرجل : لا عمي أسف كنت اتكلم مع اهلي وقلت لها انا نازل للولاية اعذرني . تحركت الكوستر بعد دقائق كان هناك أتصال اخر من نفس الرجل : الو لا والله ما بعت السوق نازل ثم صاح باعلى صوته نازل نازل اقول لك السوق نازل ، فتوقفت الكوستر مرة أخرى فصاح السائق : أخوان منو صاح نازل ؟! فقال له نفس الرجل : أسف والله كنت اتكلم مع صديقي واخبرته بأن السوق نازل اسف جدا . تحركت الكوستر و لا زال الرجل يتحدث مع صاحبه : لا ، لا تبيع لأن العقار كله نازل اي العقار نازل نازل اي نازل . فتوقفت الكوستر مرة ثالثة وصاح السائق : ها منو نازل يمعودين منو نازل ؟! فقال له الرجل : أسف عمي كنا نتكلم عن العقار نازل . اشتد غضب السائق وراح يسوق سيارته بسرعة لم اعهدها من قبل و عندما وصلت الى مكان عملي قلت للسائق : نازل نازل ، لكن السائق لم يقف : عمي نازل نازل ، لكن السائق لم ينتبه مرة أخرى ، صاح الركاب نازل عمي عندك نازل نازل حجي نازل . و على مسافة بعيدة خفف السائق سرعته وتوقف وقال لي : عمي والله آسف كنت اعتقد السوق نازل لو الدولار نازل لو العقار نازل أسف عمي اعذرني دوخني اﻷخ أبو النازل
مقالات اخرى للكاتب
