تستخدم دراسة الجدوى للمشاريع الاقتصادية لمعرفة مدى صلاحية المشروع و عائديتهِ على المستويين الاجتماعي والاقتصادي . وتقوم دراسة الجدوى على اسس وفرضيات محتملة وغالباً ما يتم مقارنة النتائج اليت توصلت اليها الدراسة بمشاريع مشابهة لها لكي يتم التقييم . وارى من المناسب ان أُقيم ( مشروع دراسة الجدوى لحياة الأنسان العراقي ) . بصفته ِ مشروع كبير يستحق الدراسة ، فهو اولى من غيره من المشاريع الوهمية التي لم نرَ لها أي اثر على ارض الواقع ، فالأنسان العراقي هو ذلك الفرد الذي يحمل جنسية عراقية ويعيش على ارض تسمى ارض العراق تحمَّلَ ويلات الحروب وسنوات الحصار وسيل عارم من الفساد الاداري والمالي وعاش في ظلام سببهُ انقطاع التيار الكهرباء .
واسترك للقارئ الكريم موضوع مقارنة حياتنا مع حياة أي شعبٍ من شعوب الارض حتى لو كان ذلك الشعب يسكن في مجاهيل افريقيا الوسطى او هضبة التبت .
فلو فرضنا بأن متوسط الانسان العراقي هو ستون عاماً ، هذا لو تركنا سيدنا عزرائيل يعمل بطاقته الاعتيادية بعيداً عن منغصات الحياة من مفخخات وتفجيرات واغتيالات وقنابل طائشة وحروب طاحنة … الخ . ومن المعروف لديكم بأن حاجة الانسان للنوم هي ثمان ساعات وهذا حق مشروع لتجديد طاقة الانسان واستعادة حيويته فهذا يعني بأن ثلث العمر الافتراضي يذهب سدى أي عشرون سنة بالتمام والكمال ، ولو فرضنا بأن الطاقة الكهربائية تقطع بمعدل 12 ساعة يوميا فهذا يعني ان نصف اليوم يذهب هباءا منثورا لا يستطيع فيها الفرد العراقي الا ان يهش وينش بمروحته اليدوية التي عفى عليها الزمن ، ولو فرضنا ان هناك اربع ساعات يوميا يقضيها الانسان في الوقوف بطوابير الغاز شتاءا والنفط صيفا وطابور الصمون وطابور انتظار الباص وطابور الثلج وغيرها و بعملية حسابية بسيطة يكون الناتج هو عشر سنوات من عمرنا الافتراضي .
وفي أقل تقدير يحتاج الانسان الى ساعتين يومياً يُضِّعها ما بين تناول الطعام والشراب والقاء التحايا وتبادل القبلات ولو جمعناها سيكون مجموعها خمس سنوات ناهيك عن ايام الجمع والعطل الرسمية وغير الرسمية وبمتوسط 10 ايام بالشهر وهذا يعني اننا نتمتع بعشرين سنة عطلة من اصل عمرنا الافتراضي .
ولا اريد ان احسب اكثر من ذلك فلقد اعتبرتُ بقية المؤثرات متغيرات عشوائية عديمة الاهمية وغير مؤثرة على نتائج الدراسة مثل ( الحسبات ، الصفنات ، الجلوس بالمقاهي لساعات طويلة ، انشغال البال ، وساعات الفيس بوك والدردشة ) ولو جمعنا كل هذه السنوات الضائعة لاتضح لنا بأن مجموعها 152 عاما من العمر الافتراضي للانسان العراقي البالغ ستون عاما من ضمنها سنوات الرضاعة والطفولة البريئة ، بمعنى اخر اننا نحتاج الى 152 عاما لكي نلبي متطلبات حياتنا بدون ان ننتج شيء يذكر ! فمتى نعمل ؟ وما هو انتاجنا ؟! ومتى نبدأ مرحلة اعمار العراق واعمار انفسنا ومتى يكون لنا الحق في ان نستمتع بمباهج الحياة ، ومتى نريح جسدنا المتعب من عنائه الطويل ومتى يكون لنا وقت للاستجمام ؟ شأننا شأن كل شعوب الارض ؟ سؤال اطرحهُ واترك الاجابة عنه للسادة المسؤولين والاخوة المتحاربين .
ملاحظة تم اعداد البيانات من الواقع العراقي الملموس وليس من وحي وهلوسة الكاتب
مقالات اخرى للكاتب