هل يسمح لي قارئي الكريم أن أبتعد في هذا العمود عن الكتابة بما يهمه ، كما عهد ( نبض قلمي ) بتناول أمورعامة تهم الجميع ، ليكتب نبض قلبي سطورا عن وجعي ، واعتذر سلفا اذا كانت ( ذاتية ) وحزينة ..
وماذا أفعل مع قلبي الذي يفرض على قلمي نبضه ، وتكون ذكراه أقوى من الذاكرة ، وترفض النسيان ، وليس لي غير الاستسلام ..
غدا الجمعة – العاشر من آذار تكون عشر سنوات قد مرت على رحيل ولدي – قرة عيني علي ، وكعادتي سأكون هناك أمام قبره في ( مقبرة دار السلام ) في الصباح ، لأقرأ الفاتحة والدعاء ، وأبث له بعض ما في القلب ..
عشر سنوات وجمرة الشوق لم ولن تنطفيء أبدا ، بل تزداد توهجا في قلبي ..
وأناجيك.. أين أنت يا حياة قلوبنا ..؟.. وكأني اسمعه هاتفا يقول ..أنا هنا .. أعرف أني لم ولن أبرح مكاني في قلوبكم .. ولكني عند رب كريم ، أرحم بعبده من الام بولدها، وبالعبد من نفسه ..
ويهزني الحنين الى تلك الايام الجميلة ، ونشوة الفرح الابوي ، وألق زهوي بعلي ـ وانا اتطلع اليه وهو ينمو ، ويكبر عبر مراحل حياته ، وينهي مرحلة دراسته الجامعية في القاهرة ، ويحقق حلمنا وحلمه ، ويصبح مهندسا ويعمل في شركة اعلامية ضمن اختصاصة ( الاتصالات )..
وما اسعد الأب وهو ينعم بحلاوة ثمرته ، ويجني حصاد تعبه ..
فكنت منتهى احلامي و (غاية مناي ) ، ولكن لا إعتراض على حكم الله ومشيئته عندما اختارك لتكون الى جواره ..
واذا عز اللقاء ، واصبح محال في هذه الدنيا … تعال تعال ، ولو بحلم سريع ، فطيفك يبرّد بعض لظى الفراق ، ويهدىء وجع طول البعاد … فلا تبخل عليّ ايها العزيز…
وكلما يتقدم بي العمر، أشعربحاجتك أكثر، وأشتاق اليك أكثروأكثروأكثر..
والعمر والمرض والألم يجعل القرب منك يدنو أكثر فاكثر …
هزني الشوق اليك ، واللقاء بك …. فما عدت أحتمل الفراق …
فالحياة بدون الحبيب ذكرى حياة ، ولقاء الاحبة هو الحياة …
وما اصعب أن تحيا كي تنتظر الموت ..
( يا صميم الحياة أني وحيد
مدلجٌ تائهٌ فاين شروقك..؟ ) ..
لحقت بعمك ( فرج ) ، ولحق بكما عمك ( علي ) ..
رحلتم عني .. وسكنتم مقبرة واحدة …
وتركتموني وحيدا ، الا من أحزاني وذكرياتي وحنيني …
فحزني صديقي ، وخليل همومي الأرق ..
فمن لي ..؟
وعزائي يا ولدي أن ( الموت حق ) … وقد غادرتنا لتكون ضيفا على من هو أكرم وأرحم عليك منا…
والحمد لله على كل حال …
( وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا ، للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الأخرة خير ولنعم دار المتقين ) سورة النحل 30…
وما لنا يا ولدي الا ان نؤمن بقضاء الله ونتوكل عليه .. فكل ما يأتي من الكريم خير..وهو مولانا ونعم النصير ..
ولا نقول الا ما يرضيه سبحانه في هذا الامتحان والمحنة ، وندعوه سبحانه أن يجبر مصابنا بفقدكم ، و نبتهل اليه عزوجل أن يتلطف علينا ، وعليكم باللقاء معا في جنة الخلد التي وعد بها سبحانه الصابرين …
وانا لله وانا اليه راجعون .
{ { { {
كلام مفيد :
كل شيء جديد حلو .. الا الرفقة كلما كانت قديمة كانت أحلى ..( نزار قباني ) ..
مقالات اخرى للكاتب