قرأنا في الصغر ان رجلا من الذين طلب منهم الحجاج قراءة شيء من القرآن قرأ سورة النصر واستبدل كلمة يدخلون بيخرجون ، وحين اعترض الحجاج عليه وصحح له اجاب الرجل بلى كان الناس يدخلون ولكن اليوم بسبب ظلمك يخرجون....
• اليوم بصقت على عمامة
وانا اقود سيارتي - النص عمر والوفية لي على خلاف ساسة اليوم ووفاءهم للشعب – يأخذني التفكير والتأمل بصروف الحياة وشؤونها ولاسيما واقع عراقنا المبتلى بقادة الفساد والمشرعنين له ، زاد من غضبي مرأى نساء ورجال شباب وكهول واطفال تتسول على قارعة الشوارع وتفجر غضبي الى بصقة على صورة لصاحب عمامة رشح نفسه للانتخابات المحلية .... ، وبعدما هدأت فورة الغضب ذهبت اتأمل كيف كنا نقدس العمامة واصحابها واليوم يتسارع البعض منا للبصق عليها وكل من دوافعه ومنطلقاته ....
• الالحاد والايمان والتأصيل الفكري
عجيب هذا المجتمع الانساني في تقلبه بين الايمان والالحاد ، فتارة تجد الالحاد ينجم قرنه ليأفل بعد حين لحساب الايمان والعكس بالعكس ، ولازالت البشرية بين هذين المد والجزر ، وفي تقديري المشكلة ليست فكرية بل هي نفسية توظف الفكر للتعبير عن رغبتها المتذبذبة نتيجة تذبذب الظلم عليها ، وفي تجربة شخصية مع احد الاخوة الذي كان من دين اخر ليتحول منه الى الاسلام والى مذهب معين بالذات سألته عن السبب فاجاب بكل صراحة ودقة : لانني وجدته المذهب المظلوم وبطبيعة البشر تناصر المظلوم وتنفر من الظالم ، ولعل هذا ما يعطي بعض الضوء الكاشف عن حقيقة صعود المد الالحادي اليوم بعدما اكتوت المجتمعات الاسلامية بظلم الاسلاميين اصحاب الاسلام السياسي ، وبالتأكيد سنشهد تأصيلا فكريا لضروب الالحاد ومفاهيمه ، انها ردة فعل لنصرة المظلوم والنفرة من الظالم ، وحينما يكون الظالم هو الاسلام في عرف التماهي بين الدين والفكر الديني او بين الدين ورجال الدين سنجد مساحة كبيرة من التعاطف لدى المجتمع مع نقيض الظالم....
• العمامة وويلاتها
حينما كان الدين ورجالاته بمنأى عن الشأن السياسي والاداري للدولة كانت العمامة محل تقديس لايضاهى لدى الكثير من عامة الناس ، وحينما خرج علينا مسلسل جرف الملح والصورة الدنيئة لملا فاخر في تطبيقه لواعظ السلطان اتتنا التحليلات جاهزة من ان النظام الصدامي يستهدف الدين من خلال تشويهه لرجل الدين ، ودارت الايام ودار الفلك دورته لتنشطر العمامة الى عمامة فاعلة بالشأن السياسي والاداري في الدولة واخرى نأت بنفسها وسكتت عما ترتكبه العمامة الاولى من الموبقات والجرائم بحق الناس وصورة الدين ...
احزاب اسلامية ارتكزت في وجودها على العمامة المجاهدة والمخلصة ، ذهبت هذه العمامة شهيدة بعدما بكت على الدين وطريق الله من هذه الاحزاب وقبل تسلم هذه الاحزاب السلطة بعقود ، بكت على الدين وهي تستشرف كيف ان هذه الاحزاب ستقتل موسى بن جعفر عليه السلام وتبيع الدين والاخرة والله واهل البيت باقل من دنيا هارون بكثير ، وفعلا وكما تبأ الشهيد باقر الصدر بحق هذه الاحزاب ، وها نحن نشهد ضروب من الفساد والانحراف والتدمير مايجعل البصير اعمى والعاقل مجنون....
عمامة ارتضت الاشراف ودون ان تحرك ساكن ازاء مايحصل من تدمير للانسان والدين في هذا البلد اللهم الا توجيهات ونصائح واحتجاب لايغني ولايسمن من جوع ، ولكأن هذه العمامة تعيش خارج العراق وهموم الناس ، فساد ضارب وخطباء دين يجعجعون بامثلة وامثلة من اثراء رجال ونساء باسم الدين على حساب المال العام مال الفقراء ، ثم تخرج علينا هذه العمامة بموقف المسافة الذهبية عن الجميع ، سبحان الله اوليس هذا الفساد والاضلال كافيا لتتفاوت المسافات ، ومابال الحسين عليه السلام تمثل بالاية وما كنت متخذ المضلين عضدا !!!.. ، ولنترك الشعب ومآسيه اليس على الاقل انتفاضة ونصرة للعمامة التي اصبحت في الوحل كافية لاثارة هذه العمامة ؟؟؟ ، اليس موجة الالحاد والسخرية والاستهزاء من الدين التي بدأت تشيع بين الناس نتيجة ظلم من حكموا باسم الدين كافية لانتفاضة ونصرة لهذا الدين والايمان ، ربما ولاية الامة على نفسها او ولاية الانسان على نفسه تذهب اليها بعض العمائم الكبيرة قدرا ولكن اين هذه الامة واين هذا الانسان ، وخذوا فانوس ديوجانوس واتحداكم ان تجدوا هذه الامة او الانسان ، اليس الاولى والواجب ان يقاد هذا المجتمع بعدما خرج من نظام اشبه بقطيع الى حياة الامة والانسان لكي تصح ولايته على نفسه ، فأين هذه القيادة التي تخرج المجتمع من حياة البهيمية والقطيعية والظلمات الى حياة الانسانية والنور ، نعم كما قال باقر الصدر انها حرية شكلية وليست جوهرية وللأسف اجد عمامة اليوم تمارسها بحرفية...
ولهذا نقول الى المرجعيات ورجال الدين والاحزاب الاسلامية كنا نقرأ سورة النصر كما هي في القران واليوم بتنا نقرأها كما قرأها الرجل امام الحجاج بحمد العمامة والاحزاب الاسلامية....
وارجو من الله ان يثيبني على البصقة التي بصقتها على عمامة تتصيد الدنيا بالدين
مقالات اخرى للكاتب