الاصلاح هو حركة تصحيحية كاملة وجذرية ، وليس حلولا ( وسطية ) يخرج الجميع فيها ( لا غالب ولا مغلوب ) من أجل ( ان تبقى الحال كمال هي عليه ) مثلا ، وتكون نتيجة الحراك السياسي ضمان ( الحق والاستحقاق ) ( مرة اخرى ) للكتل بحجة ( الاستحقاق الانتخابي ) ، سواء شغل المناصب الوزارية التكنوقراط ، أو غيرهم ، ولا يمكن للتشكيلة الوزارية أن تمر دون الوقوف على رأيها ! .. ويشعر المتابع وكأن هناك نوعا من المبالغة والتضخيم عندما يجري التركيز على مناصب الوزراء فقط ، وتنصرف الانظار عن مجلس النواب ، ولا يُشمل بالاصلاح ، وذلك بتقليص عدد أعضائه الكبير ، لأنه لا يتناسب مع نفوس العراق ، قياسا بدول اخرى ، وغياب دوره الرقابي الفاعل في المرحلة الراهنة ، بدليل استشراء ظاهرة الفساد دون وضع حد لها ، والقضاء عليها ، وهو من صميم واجبات المؤسسات الرقابية ، ومنها مجلس النواب... وفي النظام الفيدرالي يفترض أن تكون الوزارت بالاساس قليلة وتقتصر على ( السيادية ) والمؤسسات التي ليس لها نظائر في مجالس المحافظات .. فما فائدة الفيدرالية إذا إستمرت المركزية تستنزف المال والجهد في التضخم الاداري والمالي ..؟.. نتمنى أن تطالب الكتل في هذا الحراك بحق الوطن مثلما طالبت ( باستحقاقها الانتخابي ) في المناصب ، وتتوقف مثلا امام هذا العدد الكبير لاعضاء مجلس النواب كما هو الحال مع الوزراء .. وهل هو أكثر من الحاجة الفعلية ، ويستنزف المال في غير موضعه الصحيح أم لا ؟..... أن نسبة الغياب عن جلسات مجلس النواب كان ينبغي التوقف عندها مبكرا ومليا ، وتعطي صورة عن الحال ، اذ تجاوزت في بعض الجلسات المائة غائب ، كما صرح بذلك احد النواب في وقت سابق ذكر فيه ( أن عدد الحضور في كل جلسة لا يتجاوز 225 نائبا ، أي بغياب اكثر من مائة نائب عن كل جلسة برلمانية
بشكل دوري ..) حسب تعبيره ، ومر مرورا عابرا ، لكنني توقفت عنده واشرت اليه في مقال سابق نشر في العاشر من ايلول 2015 وضمنته وغيره بعض حالات من نسب الغياب العالية المعلنة .. ظاهرة تستوجب التوقف أمامها مرة اخرى وتفرض سؤالا وهو ..هل كان هناك مبرر لزيادة اعضاء مجلس النواب في هذه الدورة الى 328 نائبا ..؟.. وهل يفترض ان يقلص العدد اذا كان العدد اكثر من الحاجة الفعلية ..؟.. واذا كانت الزيادة ضرورية ..لماذا يحرم الشعب من أراء هؤلاء الغائبين ، وهم ليسوا بالعدد القليل في حينه ، وهل يكون التشريع والرقابة غير مكتملين ، حتى وإن اكتمل النصاب القانوني ..؟.. واذا كان من صميم واجبات رئيس مجلس الوزراء على سبيل المثال ، تقويم اداء الوزراء وتغييرهم باخرين ، فمن يضمن حق الناخب في صوته ، وهل يحق له أن يسترد صوته اذا اخفق النائب في تمثيله ، واكتشف ان صوته ذهب لمن لا يستحقه ..؟.. هذه وغيرها من الاسئلة سبق ان طرحتها في مقالات سابقة ، واجد ضرورة لاعادتها مرة اخرى ضمن أجواء الحراك الدائر حول الاصلاح .. عسى ان اجد اجاباتها الان على الارض وليس على الورق ..
كلام مفيد : ( عندما يغيب المجلس النيابي ولا يستطيع القيام بدوره التشريعي والمحاسبة ، فمن الطبيعي أن يطالب الشعب بوكالته ، ويتولى بنفسه المحاسبة ).. نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني
مقالات اخرى للكاتب