حفلت فترة رئاسة السيد نوري المالكي لمجلس الوزراء الثانية بجملة من التناقضات والأخطاء الكبيرة والتي كادت ان تعصف بالبلاد وتصله الى حالات الانكسار والتقسيم والحرب الطائفية والتي تمثلت بجملة من القرارات والإجراءات في تعامله مع حلفاءه وشركاءه سواء ممن معه في التحالف الوطني او من هم خارج التحالف الوطني مثل التحالف الكردستاني والقائمة العراقية. ومعلوم ان تشكيل الحكومة برئاسة السيد المالكي في فترته الثانية قد بدأت بازمة القائمة الفائزة الأولى حتى مع ما ادعته المحكمة الاتحادية من ان القائمة الأولى هي من تتشكل بعد إعلان النتائج وهذه الأزمة انسحبت على اجواء الحكومة وتشكيلها وما أنتجته على مدار السنوات الثلاث الماضية لتكون كل فترة هذه الحكومة ازمة بعد ازمة بل ان التوصيف الأفضل لحكومة المالكي الثانية هي حكومة ازمة. وتسلسل ازمات حكومة المالكي يبدا مع بواكير تشكيلها الذي تاخر عشرة اشهر واستمر حتى يومنا هذا لان نصاب الحكومة لم يكتمل وهي حالة نادرة وفريدة ولا توجد حكومة في العالم تبقى ناقصة حتى فترة انتهائها واسوء ما في هذا النقص هو غياب اهم وزيرين من التشكيلة الحكومية وهما وزير الدفاع والداخلية والاسوء من عدم وجود الوزيرين هو حالة الاستهانة بالدم العراقي وعدم الالتفات الى حالة التردي الامني ومصرع العشرا بل المئات يوميا. وما ان انتهى تشكيل الحكومة الانفجاري حتى بدا صراع الإرادات بين العراقية والمالكي من جهة لعدم تنفيذ المالكي لوعوده التي قطعها في اقرار مجلس السياسات الاستراتيجي وبين بارزاني تحديدا الذي وجد ان المالكي يتلاعب بخصومه وانه لم ينفذ ما تم الاتفاق مع القائمة العراقية وهذا يمثل استهانة ببارزاني والضحك عليه،ليس هذا فقط بل ان الخلاف اتسع مع الكرد لانهم اكتشفوا ان المالكي لم يخدع العراقية فقط بل خدعهم ايضا عندما تنصل عن تنفيذ عدد من البنود السرية التي تم التوقيع عليها مع صفقة رئاسة الحكومة ومن اهمها ميزانية الاقليم ورواتب البشمركة وحق التنقيب وبيع النفط وتوزيع المناصب. لم تتوقف صناعات الأزمات عند هذا الحد بالنسبة للسيد المالكي بعد ان وجدها الافضل في تقريبه من الشارع الشيعي الذي لا زال يقدس الرموز ويركع امام العنتريات مقابل تراجع كبير في مستوى الخدمات والامن والرفاه الاجتماعي والبنى التحتية والجوانب الصحية والماء والكهرباء فاندفع السيد المالكي كثيرا مع العراقية باعتبار انهم بعثية وملجا للقاعدة والقتلة والمجرمين ،طبعا ليس كل العرب السنة بل من يقف بالضد منه اما المطلك ومشعان الجبوري واللويزي والكربولي وقادة الفرق العسكرية ومسؤولي عدد من المفاصل الرئيسية فهؤلاء ملائكة وغير مشمولين باجراءات الاجتثاث والقضايا القانونية بقرينة تبرأت مشعان الجبوري بطريقة طيارية وعلى الطريقة الشابندرية،اما الكرد فعادت رواتب البيشمركة والتنقيب عن النفط والشركات الاجنبية وميزانية الاقليم والتوازن الوظيفي وتصريحات الشهرستاني والسنيد والعسكري الى الواجهة مع اضافة مشكلة تشكيل قيادة قوات دجلة المثيرة للجدل لتشعل البلاد وتسحقه رحى الازمات والاختلافات. كل هذه الازمات تم اشعالها رغبة من السيد المالكي وحسب التوقيتات المناسبة من اجل الهاء الناس عن التراجع الكبير في مستوى الخدمات المقدمة ومن اجل تحقيق مكاسب سياسية وانتخابية الا ان هذه الازمات كشفت خطا نظرية المالكي وائتلافه الذي سجل تراجعا كبيرا مثلً صدمة له ولحلفاءه . الشيء الاكثر الما في فلسفة المالكي هو انه يشعل الحرائق لحشد الشارع ثم يعود لاطفائه بتنازلات اكثر مما يقدمه لو انه عالج القضايا منذ البداية والاسوء من كل امر سيء هو ان الشارع الذي يتفاعل مع المالكي في خلقه للازمات لا يدافع عن حقوقه ولا ينتفض على المالكي الذي عاد وقدم من التنازلات الكبيرة الى الاطراف التي افتعل الازمة معها. انتهت المشكلة المفتعلة مع الكرد منذ ثلاث سنوات بقبلتين وساعتين من اللقاء وباكثر ما يطلبون وليس مستبعد ان تنتهي الازمة مع العرب السنة باربع الى ست قبلات وبساعتين من الحديث والكذب والنفاق. سؤال لماذا يفتعل المالكي الازمات ويحلها بعد فوات الاوان ..ثم انه اذا كان قادرا على حلها فلماذا هذا التاخير اما كان الاجدر ان تحل المشاكل قبل ان تستفحل وقبل ان تاخذ ارواح مئات الالاف من الابرياء ..واين هؤلاء الذين يصفقون للازمات ولا ينتقمون من الغدر والخيانة والتمسك بكرسي السلطة على حساب دمائهم وارواحهم مستقبل ابنائهم.
مقالات اخرى للكاتب