نتسابق وبشىء من زهو الاكتشاف - والفيسبوك هو المضمار - على نشر اي خبر ولو غير موثوق يثبت لنا ،نحن العرب، تواطوء اسرائيل علينا وخططها الجهنمية للبطش بنا . و يعزز الكثير من هذه الاخبار خرائط و ووثائق تثبت لنا كيد العدو الذي يتجلى اولا في رسم خارطة جغرافية جديدة للمنطقة ، وثانيا بث الفرقة المذهبية بين الطائفتين السنية والشيعية لتخرج اسرائيل منتصرة في نهاية المطاف . وطبيعي جدا ان نجد الولايات المتحدة الاميركية حاضرة في هذه الاكتشافات الخبرية المذهلة باعتبارها العقل الذي يدعم وربما يقف وراء هذه الاحابيل . افترض مقدما ان اسرائيل مازالت عدو العرب والمسلمين الاول ، لانها ببساطة لم تكن لتنهك نفسها في اعداد وتنفيذ هذه الخطط لو كانت صديقا لنا . فاذا اتفقنا على انها العدو الاول فما هو وجه الغرابة والتعجب في ان يخطط العدو للاطاحة بعدوه ؟ الا نفكر نحن تجاهها مثل ما تفكر وتخطط لنا منذ ستين عاما ؟ الفارق انها رغم صغر حجمها ووقوعها على الخارطة بين اعداء وبعدها جغرافيا عن داعمها الغربي ، الا انها اصبحت اقوى منا بكل شيء ،ومن العار والشنار علينا ان ننشر خبرا عن خططها لبث الفرقة بين اكثر من مليار مسلم او افتعال الربيع العربي . الاحفظ لكرامتنا المهدورة ان نتستر جهد الامكان على مثل هذه التسريبات لانها تحول اكثر من خمس سكان العالم الى مطية بيد حفنة من المستعمرين الذين يتلاعبون بمصائرنا كيف ومتى يشاؤون . تصوروا لو ان كيانا عربيا او مسلما كان قد تاسس وسط اوروبا قبل ستين سنة ، هل كان هناك قدر حبة خردل من الامل في استمرار هذا الكيان بالحياة ؟ كانت المخابرات المصرية في ذروة اقتدارها تواجه منفردة مخططات اسرائيل بكل شجاعة ، لكن هذه المواجهة لم تكن لتتجاوز الخطط الاسرائيلية في تجنيد جواسيس مصريين يكشفون لها عن نوايا القاهرة في مجالات الحرب والمفاعل النووي وصفقات السلاح . ما معناه ان النشاط المخابراتي المصري كان محصورا في الحدود القطرية للبلد . وما يقال عن مصر يجري على المخابرات السورية والعراقية . فاذا كان هذا الحال مع اكبر بلد عربي يواجه اسرائيل ، فما الذي تتوقعه من المنهكة اليمن او الغائبة عُمان مثلا . اسرائيل تخوض معركة وجود لا قرار لها من اجل بقائها قوية منيعة في المنطقة وقد جندت بدهائها واموالها كل وسائل الدعم لها بما فيها الكونغرس والاعلام الاميركيين وها هي تحصد اليوم ثمار نشاط دؤوب انفقت لانجاحه المال والوقت والجهد منذ اكتوبر ٧٣ و سيستمر الى ان تقوم الساعة او يقضي الله امرا كان مفعولا . فما العجب اذن في تخطيطها للاطاحة بنا واحدا واحدا او توسيع رقعتها الى حدود الفرات او بث الفرقة بين الشيعة والسنة . انها تعمل بذكاء وفطنة ولا يعيقها عن هذا العمل المتواصل دبلوماسيا ومخابراتيا خوض حرب هنا او عملية اجتياح او اغتيال ناشط هناك .ومن يريد مواجهتها عليه ان يكون بمستوى دهائها وكرمها الباذخ في انفاق الاموال بالوقت والمكان المناسبين . لا شك لدي في ان اخبار المخططات الاسرائيلية عندما "تلطش" على جدراننا الفيسبوكية ، فانها تكون قد قطعت شوطا طويلا من التنفيذ حتى وصلت الينا . اما المخططات التي في طور الاعداد خلف الكواليس اليوم فسيتسابق احفادنا على "تشييرها او تلييكها " في جدران الفيسبوك لصاحبه الشاب اليهودي زوكربرغ .
مقالات اخرى للكاتب