تضاربت الانباء و اختلفت الاراء فيما يخص اعطاء وصف دقيق لمنظمة داعش الارهابيه. البعض يصفها بانها صناعه امريكية مثلها مثل اي شركة امنية لها وظيفة محددة و هي تشبه المارينز و يلقبها البعض بالذراع الحربي التابع للاطلسي و هي كمنظمة ليست اسطورة جبارة فقد تكون اشبه بالهاكانا و شتيرن في فلسطنين عام ١٩٤٨.
سلوكها في التصرف كطالبان لكنها اعلامياً تصف نفسها كحركة مقاومة حامية لطائفة اهل السنة و جوهر اعلامها يعتمد على الحرب النفسية المؤثرة اي بمعنى (اعلامها يصاحب عمليات الذبح سواء لاصحابها او خصومها على حد سواء بما يدخل الرعب و الهلع في القلوب و يحدث اهتزاز رهيب و عدم اتزان نفسي و جسمي).
كيف خلقت داعش و ما هو سر الاهتمام الامريكي بها؟
سطع نجم داعش من بين العديد من المنظمات التي تعتبر الجهاد الارهابي منهج و هدف لنشاطاتها لكن الجميع يجزم ان داعش بدات بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام ٢٠٠٣ كما ان بعض عناصرها دخل قبل الزرقاوي للعراق و يذكر البعض العمليات الامريكية بقصف شمال العراق بدات بمنطقة الطويلة في كردستان.
لقد ضمت داعش عدد كبير من ضباط الجيش العراقي و بعضهم تم ادخالهم للتنظيم داخل سجن ابو غريب و بوكا (جنوب العراق) و بهذا فان زواج سفاح قد تم بين مجموعة متحمسة من الضباط العراقيين و السلفيين بعد كشف التعذيب في سجن ابو غريب و السجون الداخلية في وقتها. و بعد عدة سنوات اتخذ القرار ان تكون العراق دولة اسلامية بعد ان توفرت مستلزمات اقامتها و هي: (القرار، مصادر التموين، العسكر) ففي عام ٢٠٠٥ فقدت كميات هائلة من السلاح و كانت تكفي لقتال عشر سنوات كما كان لديهم ٢ مليار دولار سرقت من البنك المركزي العراقي و بعض الاموال جائتهم من مصادر مختلفة. المسألة الهامة للغاية هي نجاح داعش باقامة اعلام موجه و صارم و هو امتداد لخبرات الاعلام العراقي السابق اضافة الى خبرة عناصر الاستخبارات السابقة التي دخلت للتنظيم مع ضعف الاستخبارات العراقية الحالية في بادئ الامر و هنا نستعرض بعض المحطات التي ساعدت على تاجيج الفتنة الطائفية و منها:
اولاً: ١- التدخل الامريكي لعراق عام ٢٠٠٣ و ما رافقة من حل للجيش و للمؤسسات الامنية و الاستخبارية و اعلام الدولة و انهيار المؤسسات المدنية الاخرى.
٢- اعتقاد الكثير من المكون السني ان القوات الامريكية تقف الى جانب المكون الشيعي.
٣- ابعاد و اعتقال بعض المسؤولين من الموالين و المستفيدين من نظام صدام.
٤- الاعتقالات العشوائية لقوات الاحتلال و القوات الامنية و ظهور اخبار عن بشاعة التعذيب في سجن ابو غريب و السجون الداخلية.
٥- أُفول نجم بعض القبائل و الاسر في الوسط السني و في مناطق محددة بعينها بعد سقوط النظام الصدامي.
٦- تاجيج نزعة الانتقام بعد ظهور توجهات طائفية شيعية كالبيت الشيعي و الكتل و التجمعات المختلفة على حساب المكون السني كما يدعون.
ثانياً: هناك بعض الاسباب التي ادت الى بقاء و تطور التنظيم و منها:
١- وجود حواضن تشجع على التمرد كالنزعات القبلية و المضائف و الروابط الاجتماعية بينهما و كذلك الجوامع و دور الخطباء المتعصبون و ائمة المساجد.
٢- محاولات شراء بعض العسكريين المشرفين على السجون من خلال المال.
٣- الموقف من السجناء و المعتقلين و مساعدتهم مالياً و ربطهم تنظيمياً.
٤- تقديم المساعدات لاسر السجناء و من يقتلون اثناء المعارك.
٥- تقديم المساعدات الاخرى كتعيين محامين للدفاع عن السجناء و المعتقلين.
٦- تقديم المساعدات من خلال بعض منظمات المجتمع المدني و حقوق الانسان.
٧- المطالبة باستمرار في تحسين وضع السجون و المواقف و ما يرتبط بالصحة و التغذية.
٨- العمل على ايجاد اي وسيلة لتهريب من يحكمون باحكام ثقيلة او اعدام جهد الامكان.
سيناريوهات الحملة الدولية على داعش:
يبدو ان الولايات المتحدة بدأت بسيناريو جديد فقد حشدت و جيشت اربعون بلداً بحجة القضاء على داعش و جاء ذلك بعد وصول داعش الى مسافة قريبة من اربيل (٣٠ كم) و قيامها باعدام صحفيين احدهما يملك الجنسية الاسرائيلية لكن سيناريو القضاء على داعش اصبح يثير اهتمام الكثير حول طبيعة المخطط الامريكي فهي ستحارب داعش في العراق و تضربه في سوريا دون استشاره او التعاون معها مما يثير تكهنات مريبة و قد اظهرت اهتمامات الكثير عن احتمالات متعددة و منها:
اولاً: احتمال ان تقبل امريكا ببقاء الاسد في السلطة و التنسيق معه مهما كلف الامر خشية تعرضها لاحقاً لهجمات ارهابية.
ثانياً: احتمال ان يصار لاحقاً الى تاسيس و اقامة تركيبة سياسية سورية داخلية تسمح لخصوم الاسد بالمشاركة في السلطة دون ان يكون في الامر قلب النظام و تسمح لامريكا بارضاء حلفائها الخليجيين (السعودية و قطر).
ثالثاً: احتمال قيام الطائرات الامريكية بقصف مواقع داعش قد يفتح الطريق نحو ضرب قواعد النظام السوري لكن يبدي النظام و حلفاءه انهم واثقون من ان هذا السيناريو مستحيل الحصول لاسباب استيراتيجية تتعلق بكامل المنطقة و على العموم فان السيناريو الاخير يبدو الاقرب و تؤكد ذلك تصريحات اوباما التي تؤشر نقاط الحذر من الاهداف الغير معلنة للسياسة الامريكية في الشرق الاوسط من خلال تصريحاته في البحث عن السنة المعتدلين في سوريا دعمهم و بين استيراتيجية السعودية منذ عام ٢٠١٢ و حتى الان الذي تدعو فيه الى اسقاط سوريا و قد تمت مؤخراً تهيئة فعليه لمراكز تدريب المعارضين السوريين في السعودية كما ان الاسلحة (الهبة الامريكية) ذهبت الى اكثر المنظمات تشدداً و كما نضح اخيراً من تصريحات الساسة الامريكان عن ضرورة تكوين اقاليم فدرالية و وجود حرس لكل اقليم و هي دعوة ليست جديدة لكنها خطرة و تثير الجدل و تؤشر على احتمال تغيير المنطقة.
كيفية مواجهة داعش؟
هناك اكثر من سيناريو قد اعد و وضع من قبل امريكا بالتعاون مع اربعين دولة غالبيتها او جميعها ممن كانوا يسمون اصدقاء سوريا و الذين كانوا في بادئ الامر حوالي ١١٠ دولة و تقلصوا فاصبحوا ١١ دولة! الهدف من هذا كله هو تغيير النظام و قد وقفت روسيا في وقتها بحزم امام تكرار تجربة اسقاط النظام في ليبيا و تعميمة على سوريا و الان يجري تكرار الحالة ذاتها بحجة القضاء على داعش و لم يتم التطرق الى الارهاب بصورة عامة و ان كان يذكره بخجل فالعملية باتت مكشوفة فامريكا و حلفائها يريدون القضاء على داعش في العراق و سوريا دون ان يكون لهاتين الدولتين اي رأي او دخل و هي تحدد مساراً لايران و تقول ان ايران من حقها ان تكافح الارهاب في العراق لكن ليس من حقها التدخل في سوريا باي شكل من الاشكال فدول التحالف تستهدف الارهاب في سوريا دون ان تستشير سوريا في ذلك، اذاً اللعبة باتت مكشوفة و المقصود من هذا التدخل هو اضعاف سوريا او اسقاطها من خلال القيام بضربات جوية مركزة على المنشئات و المطارات و تسليح ما يعرف بالمعارضة المعتدلة، اذاً اي مكافحة للارهاب هذه؟ اننا نرى ان الحل المطلوب يتطلب مفاتحة العراق و سوريا معاً و التوجة الى مشاركة دولية حقيقية في انهاء الارهاب فعلاً و التخلص منه و بذلك فان التعاون مع روسيا و ايران ضروري كونهم الدول الاقرب الى مناطق تواجد الارهاب و المهددان لاحقاً بالارهاب و امتداداته بصورة فعلية.
و ختاماً، فهناك صرخات تحذير قد بدأت مع موجة نذر سوداوية تعكس صورة قاتمة لما قد يجري لقرع ناقوس خطر قادم محذرة بان نذر التغيير في جغرافية المنطقة قد تحدث مما يجعل التوقعات صحيحة مع تمنياتنا ان لا تنحدر الامور الى درك لا تحمد عقباه.. و سنرى!
مقالات اخرى للكاتب