القسم التركي من قبرص.. حالة متقدمة من الرفاه والتطور.. مدعوم تماما ماديا ومعنويا من حكومة أنقرة.. فمنذ دخول القوات التركية الى هذا القسم عام 1974 على ايام حكومة بولند أجويد زعيم حزب الشعب التركي الاسبق الذي أسسه في الاصل مصطفى كمال أتاتورك في منتصف عشرينيات القرن الماضي.. ومنذ الاحتلال التركي لهذا الجزر.. اعلنت السلطة المحلية في وقتها برئاسة رؤوف دانكتاش نفسها حكومة منفصلة عن دولة قبرص المعترف بها دوليا والمتكونة من غالبية يونانية وأقلية تركية وكل واحد منهما يبكي على ليلاه.. فالاتراك يرديدون ضم قبرص الى تركيا واليونانيون يريدون ضمها الى اليونان.. وهذه نقطة الخلاف الرئيسية التي أدت الى تجزئة هذه الجزيرة المتوسطية الى قسمين تركي ويوناني وقد اعلن القبارصة الاتراك إنفصالهم عام 1974 من الجزء اليوناني دولتهم التركية لم تعترف بهم اية دولة خارجية بأستثناء تركيا لكن هذا الجزء المدعوم من تركيا من كل الوجوه . . يعيش على السياحة ويزوره سنوياَ اكثر من مليوني زائر من كل انحاء العالم على أقل نظراً لما تنعم به الجزيرة من سحر الطبيعة وأمان المكان وحيوية ودماثة أهلها .
ففي الجزء التركي من الجزيرة يسكن (289) ألف مواطن تركي مسلم من أتباع المذهب الحنفي الذي أسسه الفقيه التابعي النعمان بن ثابت الكوفي المتوفى عام (150 هجرية) . . بينما يوجد في هذا الجزء (287) جامعاً أي بمعدل جامع واحد لكل ألف مسلم قبرصي . . المساجد مؤثثة جيداًومتوفرة فيها الخدمات الجيدة وتمارس دورها التثقيفي والتنويري الوسطي بشكل جيد جداً على الرغم من قلة المصلين المترددين عليها لكن مع ذلك فالاعتزاز بالاسلام ميزة فيهم ومحبة اللغة العربية باعتبارها لغة القرآن ظاهرة . .
ومؤخراً جداً افتتحت كلية الايمان واستقطبت مجموعة كبيرة من الشباب لدراسة الفقه والعلوم الاسلامية واللغة العربية . وتشرف دائرة الأوقاف الأسلامية في قبرص التركية على المساجد هناك في إدارتها واختيار أئمتها وتجهيزها بالمستلزمات الضرورية وادامتها كما وتقيم الموائد الرمضانية الجماعية طوال شهر رمضان .
الحرية الدينية بالجزيرة مكفولة قانونياً على الرغم من نحو 98 بالمئة منها هم من المسلمين ويعيش في الجزيرة نحو خمسة عشر ألف مواطن بريطاني من بقايا عهد الاستعمار البريطاني للجزيرة الذي إستمر عهوداً طويلة. وهؤلاء الانكليز المستوطنون لا زالت تتحكم في نفوسهم عقد الاستغلاء والشعور بعظمة جنسهم على الغير معتبرين الانكليز هم أساساً ممن ساهموا في بناء ونهوض هذه الجزيرة . .
ومع ذلك فأنهم يعيشون في بحبوحة من العيش وحرية كاملة ولهم محافلهم ومنتدياتهم لكن لازالوا غارقين . خاصة كبار السن منهم. في وهم الاستعلاء على الأخرين وعلى الرغم من أن نسبة كبيرة جدا من القـبارصة الاتراك متأثرون بالتقاليد الأوربية وتقل فيهم نسبة الصائمين.
بيد أن لليالي رمضان في الجزء التركي من قبرص طقوسه الاحتفالية المفرحة والمؤثرة من موائد عامرة وحلقات للذكر من بعض المساجد وحفلات للغناء والموسيقى بالمناسبة . .
على أية حال .. فهذه الجزيرة التي حباها الله بالجمال والأمان والشعب المتطلع إلى النور والحضارة .. صارت عروساَ باذخة الجمال . . بين جزر البحر الابيض المتوسط .
مقالات اخرى للكاتب