التناسي يجرنا حتماً الى النسيان، لكن الذاكرة تخزنها لتؤلمنا، في الوقت المناسب، وتعيد قراءة واقعنا، وذكرياتنا على الدوام، خاصة وأننا تركنا وطناً يمزقه الفكر المتطرف، وباتت الخيول البُنية تقدم إنجازاتها في الغربة، بزمن محترف عجول، يراد منه إفراغ من مثقفيه وشبابه، إنها الهجرة، عادة جعل الوطن في فوضى دائمة!
أموات في مقبرة الغرباء، وشهداء شعراء، باتوا بين دفات الكتب؛ بسبب العجز السياسي، في حماية العقول والكفاءات، فغادرتنا مبكراً، في رحلة التأريخ المدون، لمطابع الدول، غير العراق، على أن هذا الشامخ والمبدع، يولد ليصبح ملكاً بكل المقاييس، عندما تتجرأ ذاكرة الوطن على نسيانه، وتستذكره في مناسبة ما، ولكن بعد أن أصبح جثة هامدة!
كثير من الناس كان يملأهم شعور بالتشظي، والتشاؤم، مع جملة من التساؤلات، عن كيفية القضاء على عادة أعتبرة سيئة، وهي سيطرة مشاعر الألم والحزن، الذي خيم على الشعب، بسبب إنتكاسات حكومات الفشل والفساد؛ دون مراعاة للوطن والمواطن على السواء، حيث يشعر الناس، بأنهم مجرد سلع في سوق المنافع الخاصة لا أكثر!
الكفاءات المصطنعة، والتمثيل الفاشل، باتت هي الأخرى عادات منتشرة بين الناس، حيث الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب، والإصرار على كشف جميع مساوئ الحكومة، والمطالبة بالإصلاح دفعة واحدة، وكأن السيد العبادي هو مَنْ أفسد مؤسسات الدولة برمتها، ولم يرث شيئاً من سابقته، كبضاعاتها الفاسدة، وسياساتها المترهلة، بعد أن تجرعوا لوعة السقوط!
هناك طقس ديني، وعادة أصبحت وظيفة يومية، للكسب والعيش على الفتنة، مع أن صاحب هذه الوظيفة لا يمتلك أية مقومات، وقابليات تؤهله لأن يكون رجلاً داعياً، فهو شخص أراد العمامة لحياته الدنيوية، لا للإصلاح والتوعية والبناء، وهو بذلك شوه الدين وأعلامه المتقين، لذا توالت المصائب علينا، باسم الدين والدين منهم براء!
التقسيم شعار كان يزمر به، من قبل شيوخ الفتنة، ودعاة الطائفية، وهي عادة سيئة، إمتهنها القابعون في أحضان الفساد والرذيلة، بعد أن عمت مدنهم الفوضى والصراعات، في أسوء مراحل الجاهلية، التي دعموا بها دولة الخلافة المزعومة، وبقتلهم أبناء جلدتهم، أصبحوا كالطاعون على عشائرهم وأهلهم، وأمسوا كالمجانين، في مدن ملعونة قذرة!
العراقيون مطالبون اليوم أكثر من الأمس، بضرورة القضاء على دعاة التناحر والتقاتل، والمشاركة في بناء عراق مبدع، في كل مجالات الحياة، فإتساع الرؤية، وسلامة الذوق، والحرية الخلاقة البناءة، والإلتزام الصادق، والإخلاص في العمل، هي العادات التي ستجعل العراق، بشعبه وجيشه وحشده قادرين على سحق الجرذان، والعقارب المسمومة، والفئران، والكلاب السائبة!
الطائفية، والهجرة، والتهجير، والنزوح، والقتل الذي مورس ضد شعبنا، كان أسلوباً مقيتاً لإثارة الدمار والخراب، في أرضنا، وتحت سمائنا، أما الرسالة التي يراد إيصالها للعراقيين، فهي أن البيت العلوي الحسيني، واجه أشق المحن والخطوب، في مهمة صعبة جداً، حين حاربهم المنافقون والفاسدون، لكنهم صرخوا بصوت واحد، هيهات منا الذلة!
ختاماً: زوبعة من الكلمات تغزو رأسي، فمسكت قلمي، وبدء الصراع، بين قلمي وسكارتي، ومرت لحظات التأمل، وانا أنفذ دخان سكارتي تارة، وأعصر حبر قلمي تارة أخرى، في نقاش حاد وجاد بينهما، فدونوه على ورقة، ليكون شاهداً، على جنوني وخرافاتي!
مقالات اخرى للكاتب