عنوان هذا المقال اسستعرته من رسالة صديق أثق برأيه إلى أبعد الحدود، حين يشهد لشخص. وذلك لأنه عاقل وعادل، ولا يمنح تزكيته، لأي كان، حتى لو كان ولده أو أخاه، إلا ّاذا كان متأكدا وقاطعا، قبل أن يعطي تلك الشهادة.
كتب لي يقول: "حيدر خوش ولد، نظيف، وإبن عائلة، وأبوه كان طبيبا يعالج الفقراء مجانا، ويسكن قريبا من بيتنا في الكرادة".
إذن ماذا ينتظر، وماذا يمنعه من الإقدام على اتخاذ الخطوات الحازمة والحاسمة التي ينتظر منه اقتحامها، والتي سووف يدخل بها تاريخ العراق والمنطقة، وربما العالم، زعيما منقذا، شهما، شجاعا، عاقلا، وعادلا، إلى جانب عبد المحسن السعدون، والمهاتما غاندي، ونيلسون مانديلا، وشارل ديغول، وسعد زغلول، ومهاتير محمد، وسوار الذهب، وبقية الكبار الذين خلد التاريخ أسماءهم إلى أبد الآبدين؟
فمن وراء ظهره الشارع العراقي المتعاظم الصامد المنتفض، وبالأخص شارع الطائفة الحاكمة، في جميع محافظاتها، ومعه المرجعية بقوة ووضوح، يضاف إلى كل ذلك نقمة الطائفة السنية، سواء في المناطق التي يحتلها داعش، أو المحررة منه، على طبقة السياسيين الذين اغتصبوا قرارها، وقادوها، بأنانياتهم وانتهازيتهم وفسادهم، إلى واقعها المزري الحالي، وإلى مصيرها المجهول. وفوق ذلك، ومع كل تلك الظروف المواتية للثورة الحقيقية، يأتي نفاذ صبر الشعب الكوردي على قياداته التي لم تحسن قيادته، والتي تلاعبت بخبزه ومائه وهوائه، وأفقدته أمنه واستقراره، ليعطي القائد الناوي على الإصلاح الحقيقي، وليس على الترقيع، قوة دفع رهيبة لم يصادف أن فاز بها أحد قبله.
بعبارة أوضح. إن الظروف المستجدة كلها تفتح الطريق واسعا أمام هذا الـ (خوش ولد) ليضرب ضربته، ويشفي غليل شعبه المرتقب، ويعيد إليه وطنه مُبرَّءا من كل سوء.
والحقيقة التي لن يختلف معنا فيها لا حيدر العبادي، ولا المنتفضون الشيعة، ولا المتململون السنة، ولا الغاصبون الكورد، هي أن عمق الهيمنة الخانقة التي حققتها الطبقة السياسية الحالية في كل مفاصل الحياة العراقية، لن يسمح بما يطلب الشعب العراقي من حيدر العبادي فعله، حتى لو امتلك قوة عضلات طرزان.
إذن ما الحل؟ ومرة أخرى، ودون لف ولا دوران، نقول، إن السيد العبادي المتردد، والذي يحلم بصحوة ضمائر الفاسدين، (على المشمش) كي يسمحوا له بقطع رقابهم، سوف يصحو
ذات يوم ليجد أن الزمن قد سرقه، وأن قطار الفعل وليس القول قد فاته، وأنه لم يقدم لجماهير الشعب الغاضبة شيئا ذا قيمة، وأن المماطلة، أو المراهنة على الزمن، لم تُسمن ولم تُغنِ من جوع، وسيسقط لا محالة.
وهنا لابد أن نعترف بأن هذه الطبقة السياسية المهيمنة، بقوة وخبث واحتيال، على الوزارات والمصارف والبرلمان والدستور والقضاء لن تسمح بأي إصلاح حقيقي، بطيب خاطر. وهي تشرعن بقاءها، وتسلطها، وعصيانها على العقاب والحساب، بالتشدق والتمسح بذريعة أنها (قيادات منتخبة).
ونحن نعرف، والعبادي نفسه يعرف، أن أغلب هؤلاء جاؤوا بانتخابات، إن لم تكن مزورة، فهي مفصلة بالكاد لتضمن بقاءهم على رأس الوليمة.
وبالفعل فإن الذي طرده العبادي من الباب عاد من الشباك. فنائب الرئيس المقال، والوزير المرشق، عادا أو سيعودان إلى قبة البرلمان، فقط لكي يتدثرا بالحصانة ويمنعا القضاء من أن يمسهما بسوء.
إذن يا أخي الـ (خوش ولد) إعقلها وتوكل على الله، وعلى شعبك، وعلى المرجعية، وقم بحل البرلمان، وادعُ لانتخابات جديدة، ودعك مما يُشغلك به المراوغون والمسوفون والمنافقون، من خيالات المصالحة الوطنية وغيرها، والتي لن تكون إلا ترضياتٍ متداولة بينهم، تأخذ قليلا من هذا الزعيم، ومن هذا الحزب وهذا الحرامي لتعطي لذاك.
وفي هذه الظروف الملتهبة، بدخول داعش إلى الساحة، واحتلالاته الكارثية التي لن تنتهي، ودخول روسيا إلى سوريا، واختلاط الحابل بالنابل، وضعف الدعم الأمريكي، وتخلخل الأرض العراقية والسورية تحت أقدام قاسم سليماني، وتراكم الملفات التي تزكم الأنوف على الكبار قبل الصغار من فرسان المصالحة الوطنية، ومن (أصحاب) المليشيات، أسألك، ألم يتغير مزاج الناخب العراقي بُعد الأرض عن السماء؟ ولو جرت انتخابات جديدة كم من هؤلاء سيقدر على خداع الناخبين مرة رابعة، أوكم منهم سيستطيع شراء أصواتهم بقطع الأراضي الفضائية، أو بالهدايا والإقطاعيات من أموال الدولة المفلسة؟ لا أحد. لا أحد.
ومؤكد أن انتخابات جديدة في موسم سقوط الأقنعة سوف تأتينا برجال أثبتوا لناخبيهم أنهم خوش ولد، وأنهم أبناء عوائل كريمة، عيونهم وبطونهم شبعانة، لا خوف عليهم، ولا منهم، ولا يحزنون. فماذا تنتظر؟.
مقالات اخرى للكاتب