في المغرب هناك من يمشي بسرعة 3G)، وهناك من يمشي بسرعة 4G) وهناك من يمشي بسرعة الأوهام، ويعتقد أنه وصل، وهناك من يؤدي على الكلام .
ولكي تتكلم عليك أن تشتري التعبئة بالدفع المسبق. لذا كل شيء بالدفع المسبق . ولتنفس الهواء الصحي والنقي عليك بالدفع المسبق ولا تقيم في الأحياء الهامشية .
تصور أن ثمن قينينتين من المياه المعدنية يساوي ثمن قنينة غاز مملوءة عند البقال ، لذا ما حجم الأرباح التي تجنيها شركات المياه المعدنية بالمغرب. هنا حدث ولا حرج.
ومعلوم أننا في المغرب نضيع وقتنا كثيرا في مكالمات مؤدى عنها مسبقا . لذلك لاعجب حينما صار الكلام يباع ويشترى .
ولذا نسمي من يبيع الكلام بياع كلام ، ومن يريد منكم أن يبيع كلامه في الهواء مباشرة ويشرب قنينة مياه معدنية بمعادلة الغاز الذي لا نتوفر على آباره.
المهم أن السرعة التي نمشي ونضجر بسببها عديمة الفائدة وغير ذات جدوى. وليس لدينا من حل لتغييرها بسرعة قصوى.
نأكل ببطىء..
نعمل ببطء..
نتحدث ببطء..
ونتحدث بهمس وبصوت خافت، لأن في دواخلنا رقابة ونخاف من أن يجلس بقربنا في المقهى أو في القطار أو في سيارة التاكسي من يسرق منا بضع كلمات حينما نكون نتحاور في همومنا اليومية، ويحشر أحدهم أنفه في ما لايعنيه، أو يعوج حديد الكلام لشخصه أو يستغل كلامنا في شيء إذا كان من دوي السوابق الاجرامي أو من أصحاب النيات النيات السيئة، ولمَا لا من المتطرفين الذين يحرمون كل شيء في هذه الحياة.
نسهر كثيرا ونشاهد الأفلام التركية أكثر ما نشاهد أنفسنا في مرآة حقيقتنا…
نتكلم في خصوصيات الآخرين وفي علاقاتهم الحميمية، ونسبهم وننافقهم وحينما نلتقي بهم نعانقهم، أليس هذا قمة في الفدلكة والأبلسة، لأن هناك له أكثر من وجه وأكثر من قناع. يناصر هواجسه ولا تتململ في جسمه نملة من كثرة الإساءة إلى الآخرين . … ياعجبي…. كل عجبي…؟
نتقاسم صحن الوجبات مع الثرثرة … ومع بداية مواسم الحرث والسنة الفلاحية نذبح ديكاً ونصنع منه وجبة الرفيسة بسرعة تشبه لذة ذكريات التي لاتتشابه …حيث المتعة في انتظار موسم فلاحي جديد يضج بالخصوبة… وننتظر بيع المحصول … لتسديد نفقات المعيشة وخزن ما تبقى في مطامير تفيض بالأمنيات .
ثم بعدها لا نسأل عن غلاء المعيشة وأحوال الحكومة، وغلاء الأسعار . ثم في كل هذا وذاك لا ننسى أن ندخر علب الشاي والسكر، لأنه مازالت أسر مغربية تفطر وتتغذى وتتعشى بالشاي الذي هو وجبتها الرئيسية وبطبيعة الحال مع الخبز والزيت البلدي والزيتون . أما اللحم فهو وجبة لاتصل إلى بيتوهم إلا في الأعياد أو حينما يأتي عندهم الضيوف، أو يوم السوق الأسبوعي. وهكذا دوليك نحيا. ولا نتأفف.
نتوالد بسرعة وأحيانا أخرى ببطء لما نستعمل موانع الحمل ولا نستعمل 4G) فتحديد النسل بالمغرب صار ضرورة إنسانية بالمغرب … لدرجة أن أسر مغربية اليوم لا يتعدى عدد الأبناء فيها اثنين أوثلاثة … السبب بسيط هو غلاء الحياة اليومية ابتداءً من المأكل والملبس والتعليم….ومصاريف أخرى لاداعي لعرضها كلها.
على أي، ننتظر السلحفاة أن تصل، لأننا نشرب فنجان القهوة ببطء، في انتظار أن تغير شركات الاتصالات طريقتها في عجرفتها وسرقتها لأموال المغاربة بالباطل .
هذا كل العجب…
لذا لاتصدقوا 3G) ولاتصدقوا 4G) لأن الذي يريد أن يربح العام طويل. ومازال الوقت أمامنا…. لكننا للاسف نجد أصدقاءنا قد هرموا قبل الأوان … هل ذلك بسبب الهموم التي تجرعوها تباعا بعد أن أدمنوا على نسيان الحياة وما جاورها.
صدقوا السرعة التي في الفعل من المحتمل أن تتغير…»
ننتظر القطار ويتأخر عن موعده..
ننتظر رأس الشهر فيتأخر، لكن ما نحصده نوزعه قسطا، قسطا، وتبقى الجيوب فارغة في انتظار الشهر المقبل… وهكذا نهرول مثل سيارة حكومية عتيقة تريد التسابق ضد نفسها…
وننتظر الوجبات السريعة لالتهامها فنشعر أنها غير مجدية للصحة، ونتأكد أن أكلها تبدير للمال.
وننتظر التلفزيون المغربي أن يرضي أذواقنا لكنه كثيرا ما يخيب آمالنا بسهرات العام زين .
ننام كثيرا ونكره الاستيقاظ، ونحب السبت والأحد ونكره يوم الاثنين.
ونتكلم أكثر مما نعمل…
نثرثر كثيرا…
ونأكل الخبز كثيرا … ونترك اللحم في الصحن إلى آخر حصة في الوجبات.
وهكذا نعيش في سرعة بطيئة جدا …
ونقول إن الصحف اليومية فارغة من المحتوى، ولاتقول شيئا، كما هو شأن الروايات والقصائد ونقول عنها إنها غير مفيدة للعواطف الانسانية ..
ونقول الفن مجرد هلوسات….
كيف نريد أن نتغير والسرعة التي ننتظر صبيبها ضعيف جدا …جدا
…. وعجبي….كل عجبي … من نكون …. ومن نحن … ومتى نتغير….؟
مقالات اخرى للكاتب