الدعاء حين لا يستجاب
بعيدا عن القصة الإسرائيلية لطوفان نوح و مبالغاتها الدرامية
هناك اية في القران ... تجعل البعض يتصور ان الطوفان كان شاملاً للأرض
و هي دعاء نوح على الكافرين .... في هذه الاية من سورة نوح
وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26)
طبعا بعيدا عن التأويلات و محاولات البعض تقويم النص في احد الاتجاهين شمول الطوفان او عكسه
علينا ان نتذكر في النص القراني جملة قواعد
اولا : ان نربط الجملة بقائلها بمعنى ان هناك جملة يقولها الله فتكتسب اطلاقها من قائلها و هناك جملة يحكيها الله على لسان احد عباده و مخلوقاته و هذه جملة قد تكون صادقة او كاذبة ... متحققة او غير متحققة
مثال : قول الشيطان
قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ
هذه جملة قرآنية محكية على لسان الشيطان و هي جملة كاذبة المحتوى ( قالها الشيطان .. ذكرها القران و لكنها غير صحيحة فهي تعبر عن رأي الشيطان و هي ليست صادقة فالشيطان ليس أفضل من الانسان )
نعود لدعاء نوح الان .. هو قول نوح و أمنيته على الله فهو لا يثبت حقيقة او يدفعها و ليس فيه اي إثبات لتحقق الطلب
ثانيا : هل كل أدعية الأنبياء تستجاب
طبعا لا .... فاستجابة الدعاء مرهونة بحكمة الله و موافقته
هل هناك دليل قرآني ... نعم
انظروا هذه الاية
اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ
ونفسه نوح عليه السلام دعا لابنه و لم يستجب له الله
وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (٤٥) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46)
و بالتالي نستنتج ان دعاء نوح عليه السلام لن يثبت ان الكفار أزيلوا من وجه الارض بدعائه و يبقى في النهاية دعاء لا دليل على استجابته
و هذا يتماشى مع فرضنا ان الطوفان كان محليا
و لنا تتمة اخرى
مقالات اخرى للكاتب