يَمتهن العمل الإنتخابي، على نطاق دول العالم عدة مهن، ويسلك طرق بعدة إتجاهات، منها المتوازية ومنها المتقاطعة مع التوجهات الأُخرى، ولكل برنامج جماهيره التي تتناسب معه، وتدفع باتجاهه، أما تكون جماهير بدافع الثقافة السياسية، وهنا تُغلب صفة المواطنة، أو تكون دوافع ولائية شخصية للمرشح، ومتبنيات الانتماء التي يخرج منها المرشح، لشغل منصب حكومي تشريعي أو تنفيذي.
ينشأ التفاضل الإنتخابي، على مفهومين بصورة شكلية وهما:-
11- التنافس الإنتخابي: وينشأ على أساس أقرب البرامج المطروحة، من قبل المرشحين للواقع، وأصلحها للتطبيق الذي يضمن مصلحة البلد والفرد، ويختزل هكذا مفهوم في الشعوب التي تتصف بصفة المواطنة، التي تخلقها الثقافة السياسية، ومن أهم أدواته التسويق السياسي، والدعاية الإنتخابية بين المكونات المتنافسة.
2- التصارع ألانتخابي: وينشأ عن بيئة بعدة مجتمعات مختلفة الإتجاهات، لا يأخذ فيها بالأعتبار واقع وأصل البرامج المطروحة للمواطن، وإنما تعتمد على أساس التسليم للكتلة أو الزعيم أو المرشح، وهذا ما يعزز هيمنة السمة الحزبية البعيدة عن روح المواطنة، ومن أهم أدواته التسقيط السياسي والأخلاقي والديني، بين المكونات المتصارعة.
من بعد هذه المقدمة البسيطة، عن مفهومي التنافس والتصارع في الانتخابات، نأتي الى تسقيط تلك الأسس على واقع المعادلة السياسية العراقية، خصوصا ونحن نشهد بدأ الحملات الانتخابية للأحزاب والتيارات، بين مفهومي الدعاية والتسقيط، ولا نريد ان نكون دعاية انتخابية لشخص دون غيره.
إذا ما شخصنا مشاكل العراق والحلول المناسبة لها، لنبدأ بالمرحلة الثانية، التي على أساسها يتم أختيار البرنامج الأقرب للواقع الإصلاحي، سنكون قد بعثنا برسائل سياسية، لتصحيح مسار الواقع المتردي، ولو تأملنا بواقع الأسس المطروحة، سنجد إن العملية الانتخابية في العراق، ومنذ عام 2006، بُنيت على أساس الطابع الديني السلبي، والذي يخلق التصارع الإنتخابي بين المكونات والشركاء، ولقد نجحت تلك السياسة المتصارعة بشكل ملفت للنظر، لكونها وجدت بيئة مجتمعية نادرة، توفرت بها كافة العوامل، التي تدعو لنمو التصارع، ويصفها القرأن بقوله"مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ"
على الرغم من الفشل الذريع في إدارة البلد، من قبل الحكومة المنتخبة بالتصارع الانتخابي بين المكونات، ولكن هذا لا يعفينا من المشاركة في الانتخابات القادمة، كون ترك الانتخابات سيمكن تلك الاحزاب والكتل والأشخاص، التي فشلت مسبقاً في إدارة الدولة، من التحرك بفضاء أوسع، وتعمل على ضمان بقاءها بالحكومة، وبالتالي سيعيد الأزمة المجتمعية والسياسية بشكل أكبر مما هو عليه الآن، ومن الجدير بالذكر كلنا يعلم عدم قانونية تواجد هولاء المرشحين، ولكن نصر على وجودهم بالحكومة، لأسباب تتعلق بالولاء للطائفة أو لزعيم الكتلة او المرشح نفسه.
نخرج بنتيجة تقول، بأن الأزمة في العراق، بما شمله من فشل حكومي، على مستوى جميع الرئاسات، لا يتحمله الشركاء السياسيين فقط، كونهم أخفقوا وأفسدوا في عملهم، بل يتحمله بشكل واسع المجتمع الذي صوت من أجل وجود هكذا أشخاص، بنيت أسس تواجدهم على مستوى التصارع بين المكونات، لمصالح شخصية او دينية او قومية، ولعلها الفرصة اليوم سانحة لمزاولة العملية الإنتخابية على أساس التنافس، الذي يضمن وجود الرجل المناسب في مكانه المناسب، بعيدا عن التحزب والإنتماء والتعنصر.
مقالات اخرى للكاتب