ما زلنا وسنبقى من الداعمين والمنادين الى قيام دولة المؤسسات الدستورية والاجهزة الامنية الشرعية في العراق لانها الضامن الوحيد لنشوء دولة تقوم بواجباتها تجاه المواطن العراقي بالشكل الصحيح والضابط الحقيقي للتوجهات الخارجة عن القانون والتي في النهاية تلقي بضلالها على امن الدولة والمواطن وتبعث على الفوضى والخراب وانتشار الجريمة وحدوث الفساد وهذا كله بالمحصلة يحط من سمعة الدولة ومستوى مصداقيتها وحجمها ووزنها على المستوى الدولي وكيفية نظرة الاخرين اليها وتعاملهم معها.
جهاز المخابرات الوطني احدى المؤسسات المهمة في الدولة العراقية لكنه ببساطة ما زال يغط في سبات عميق وما زال بعيدا عن ترجمة عمله الى واقع ملموس يشعر به المواطن البسيط واذا كانت العملية الاخيرة التي نفذها رجال المخابرات في مدينة دير الزور السورية الا وهي ( تصفية وزير بيت المال في داعش ) تعتبر نوعية وظهور دور الجهاز وعملياته اخيرا الى السطح فهذه العملية اثارت لدينا الكثير من التساؤلات عن ماهية الدور الذي يقوم به الجهاز بخصوص عملية مكافحة الفساد ومحاربة الفاسدين وملاحقتهم في الدول التي يهّربون اليها الاموال ونشاطاته في هذا المجال فالمعروف ان انشطة جهاز المخابرات ساحتها خارج العراق لمتابعة ومراقبة كل تحرك وتوجه يريد الاخلال بامن الدولة العراقية ومحاولة ضربها والقضاء عليها في معاقلها ان امكن او استدراجها والقضاء عليها داخل البلد، لكن بالطبع لا نريد للجهاز الحالي ان يكون نسخة من الجهاز السابق او مقلدا لعمله لان الظروف والمعطيات على الارض والساحة الدولية قد تغيّرت وكذلك لا نريد جهازا قائم على الاغتيال والدَّم بقدر ما نريده جهازا محترفا مهنيا يؤدي عمله وواجباته بالشكل الصحيح.
دول كالاردن ولبنان والامارات العربية المتحدة وتركيا وايران ودول الاتحاد الاوربي واميركا وبريطانيا وكندا وبعض دول اميركا اللاتينية والتي اصبحت حاضنة للاموال العراقية المسروقة ويسكنها الكثير من السراق واللصوص متنعمين باموال اولاد الخايبة يا ترى اين دور جهاز المخابرات الوطني العراقي منهم ؟ وما هي انشطته في عملية ملاحقتهم واستعادة الاموال المسروقة منهم ؟ اليسوا دواعش الفساد اكثر خطورة من دواعش الارهاب ؟ اين دور الجهاز من عملية فسادهم وصفقاتهم وتجارتهم باموال العراقيين المسروقة والتي تجري بالعلن في هذه الدول ؟ الا يستطيع الجهاز الاتصال بالاجهزة الاستخبارية في هذه الدول لمتابعة عمليات سرقاتهم وايقافها ؟ اما يوجد تنسيق ضد الارهاب والارهابيين طيب لماذا لا يوجد تنسيق ضد الفاسدين واللصوص ؟ اليس السيد مدير الجهاز هو شخص حمل البندقية جهادا ضد الدكتاتور في جبال كردستان بحثا وطلبا عن الحق والعدالة للشعب العراقي فما الذي يمنعه الان من الجهاد ضد الفاسدين في الدولة ؟ اليس هذا من صميم عمل الجهاز واعضائه ام انه يخضع هو الاخر لقيود وتاثيرات الاحزاب والميليشيات المنتشرة في الشارع العراقي ؟ كثيرة هي التساؤلات التي ما زالت بلا اجوبة وردود تبعث الامن والطمأنينة وتبدد القلق والحيرة في نفس المواطن العراقي.
اننا نبارك للعاملين في هذه المؤسسة ونشد على ايدي اعضائها لعمل افضل ودور اوسع في المستقبل لاننا من المنادين الى قيام دولة المؤسسات وان كانت هذه المؤسسات حاليا ضعيفة ومقيدة ويشوب عملها الفساد الا انها حتما ستخضع لعمليات تطوير الاداء ورفع الكفاءة مستقبلا ففي النهاية لا يصح الا الصحيح وهذه المؤسسات هي الباقية وما دونها الى زوال.
مقالات اخرى للكاتب